الحريري لباسيل: هذه شروطي أو فتشوا عن غيري

Avatar18006/11/2019
عندما يحدد الرئيس اللبناني ميشال عون، موعد الإستشارات النيابية الملزمة، لتسمية الشخصية التي ستكلف بتأليف الحكومة اللبنانية الجديدة، تتحدد وجهة المرحلة السياسية المقبلة في لبنان.

دخلت الأزمة السياسية في لبنان منعطفاً حساساً، مع تمسك كل طرف من أطراف الأزمة السياسية المفتوحة، منذ إستقالة سعد الحريري من رئاسة الحكومة، قبل أسبوع، بمواقفه، فيما دخل الحراك الشعبي الذي بدأ في السابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر في حالة من المراوحة، في ظل عجز واضح، عن تحديد الأولويات.

وبدا واضحا في الساعات الأخيرة أن قرار الجيش اللبناني بفتح الطرق الحيوية وفك الإعتصامات التي كانت مستمرة في بعض التقاطعات الحساسة، لم يكن نتاج قرار عسكري إتخذته قيادة المؤسسة العسكرية اللبنانية، بل هو حصيلة مشاورات داخلية، معطوفة على رسائل خارجية، وخصوصا فرنسية، حذرت من إنزلاق لبنان إلى المحظورات الأمنية، إذا لم يتم وضع حد سريع لظاهرة إقفال الطرق.

ويفترض أن يظهر الخيط الأبيض من الخيط الأسود، في ضوء تعامل الجيش في الساعات المقبلة مع أية محاولات لإعادة قطع أي طريق، خصوصا في مناطق تمتلك حساسية معينة مثل طريق صيدا ـ بيروت وطريق الرينغ وطريق الشيفروليه. فإذا كان القرار يقضي بإبقاء هذه الطرق مفتوحة على مدار الساعة، فإن ذلك يدل على عدم تهاون في الملف الأمني بعدما كاد موضوع قطع الطرق يلامس الخطوط الحمراء التي لا يريد أحد بلوغها، بما في ذلك أهل الحراك الذين يجمع معظمهم على أن قطع الطرق قد بدأ يرتد سلبا على الحراك.

وفيما ربط البعض بين لقاء بيت الوسط، أمس (الإثنين) الذي جمع سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وبين فتح الطرق اليوم (الثلثاء)، بوصفه مؤشرا إيجابيا، علم موقع 180 أن لا علاقة بين هذه وتلك، لا سيما وأن أجواء اللقاء الثنائي “كانت سلبية”.

في المعلومات، أن رجل الأعمال المتعدد الجنسيات علاء الخواجة، وهو أحد الذين كانوا في صلب صياغة التسوية التي أتت بميشال عون رئيسا للجمهورية والحريري رئيسا للحكومة، قبل ثلاث سنوات، عاد في الأيام الأخيرة إلى لعب أدوار من خلف الستار بين عون والحريري، لأسباب متصلة بـ”البيزنس” أولا والسياسة ثانيا. فقد تمكن الخواجة من جمع الحريري وباسيل بوصفه ممثلا لرئيس الجمهورية ميشال عون، فيما إستمر المعاون السياسي للرئيس نبيه بري الوزير علي حسن خليل بنقل رسائل بين الحريري وبري، مع رصد حركة مكوكية يقوم بها وزير الأشغال يوسف فنيانوس على خط نقل الرسائل بين حزب الله والحريري.

في المحصلة، مكانك راوح. صحيح أن لقاء الحريري وباسيل كسر جليد العلاقة الشخصية بينهما، وأن الأول أبلغ الثاني أن لا موقف شخصيا منه، غير أن النقاش السياسي المكول بينهما، أظهر تباعدا كبيرا، بدليل المناخ السلبي الذي عكسه الطرفان، بعد إنتهاء اللقاء.

وعلم موقع 180 أن الحريري كان صريحا مع باسيل بقوله له إنه لا يريد أن يكون رئيس حكومة بأي ثمن بل له شروطه للعودة إلى السراي الكبير، وإذا لم تلب هذه الشروط، فإنه يفضل أن يسمي أحدا غيره لهذه المهمة، وقال لباسيل بالحرف الواحد: إذا كنتم متمسكين بخياراتكم، فتشوا عن حدا غيري يعمل رئيس حكومة.

سبق موقف الحريري سلسلة مشاورات مع فريق عمله، شبيهة بتلك التي تجريها معظم مكونات الحكومة المستقيلة. في هذه المشاورات، يجري الحريري مقارنة بين كلفة العودة إلى رئاسة الحكومة، وبين المردود السياسي للوقوف في صفوف المعارضة، أو أن يكتفي بتسمية شخصية من تياره لرئاسة الحكومة، وهنا يجري الحديث عن إسمين أو ثلاثة مرشحين لهذه المهمة غير الحريري. وهذا النقاش يفترض أن الأزمة الإقتصادية والمالية أكبر من قدرة أي طرف داخلي على معالجتها أو منع الإنهيار…

ما صار ثابتا في ذهن الحريري أن حالة الغضب في شارعه لم تتمكن الإستقالة وحدها من إحتوائها، برغم إرتفاع أسهمه في الشارع السني، فالشعور الغالب عند جمهوره أن رئاسة الجمهورية بقرارها القاضي بالتريث في الإستشارات النيابية “إنما تسقط من حسابها أن هذه الممارسة دستورية ولكنها غير ميثاقية، وأن من ينادي بالرئيس الماروني القوي، لا يمكنه أن يسقط من الحسبان مَن هي الشخصية الأقوى في الساحة السنية اليوم لتولي رئاسة الحكومة، وبالتالي ليست الميثاقية قميص عثمان نستخدمه عندما نحتاج إليه ونرميه عندما لا نكون بحاجة إليه”.

نبرة جبران باسيل آخذة في الإرتفاع في ضوء المهرجان السياسي الذي أقامه التيار الحر في بعبدا يوم الأحد الماضي، وهو أبلغ بعض معاونيه أنه سيكون في صلب أية حكومة من الآن وحتى نهاية العهد

وتبدو مقاربة حزب الله مختلفة عن مقاربة الآخرين، وذلك بإصراره على أن يتحمل الجميع مسؤولياتهم وأن هذه اللحظة السياسية ليست لحظة تخل وأن الجميع يجب أن يكون مسؤولا عن حماية الإستقرار ومحاولة منع الإنهيار. غير أن مقاربة حزب الله للتكنوقراط قد تكون مختلفة. هو يعتبر مثلا أن وزير الصحة في الحكومة المستقيلة الدكتور جميل جبق هو وزير من فئة التكنوقراط، وما يسري عليه يسري أيضا على الدكتور عبد الحليم فضل الله رئيس المركز الإستشاري (تابع لحزب الله)، وهو الذي ساهم في وضع ورقة بعبدا الإقتصادية ومن ثم العديد من الأفكار التي تضمنتها ورقة الإجراءات الإقتصادية الحكومية.

إقرأ على موقع 180  هيكل، أوباما، "الهضبة الإيرانية" والبيت الأبيض

أما القوات اللبنانية، فإنها تتمسك بأولوية حكومة التكنوقراط وعدم الجمع بين الوزارة والنيابة، ولذلك، تفضل أن لا تدخل إلى حكومة لا تكون موافقة على مواصفاتها وبيانها الوزاري وأولوياتها. ويقترب الحزب التقدمي الإشتراكي من القوات اللبنانية، لكن في ظل ميل عند غالبية الكتلة الجنبلاطية لعدم المشاركة، وهو الأمر الذي يحسمه عادة الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط، في ضوء مشارواته مع سعد الحريري ونبيه بري وحزب الله.

حتى ليل أمس، كان موقف التيار الوطني الحر متطابقا بالكامل مع موقف رئيس الجمهورية ميشال عون. موضوع توزير جبران باسيل أمر يقرره التيار وليس الحراك أو رئيس الحكومة. إنكار لقدرة الشارع على فرض جدول أعماله على السلطة السياسية. إما نكون سوية (الحريري وباسيل) في الحكومة أو لا نكون فيها نحن الإثنين. من الواضح أن نبرة جبران باسيل آخذة في الإرتفاع في ضوء المهرجان السياسي الذي أقامه التيار الحر في بعبدا يوم الأحد الماضي، وهو أبلغ بعض معاونيه أنه سيكون في صلب أية حكومة من الآن وحتى نهاية العهد.

من الواضح أن بعض محيط العهد بدأ يجري بوانتاجات للتوازنات النيابية، إذا قرر الحريري أن يضغط بالشارع من أجل تسميته رئيسا للحكومة، وهذا الأمر يعني أن عون لن يبادر إلى تحديد موعد للإستشارات إلا إذا كان ضامنا للتأليف الحكومي وأيضا للبيان الوزاري، ما يعني أن الأمور باتت مستعصية حاليا، إلا إذا قرر أي طرف أن يستخدم لعبة الشارع.. وحتى الحراك للضغط بهذا الإتجاه أو ذاك.

وإذا صح أن الحريري يستطيع أن يؤمن تسميته من 65 نائبا على الأقل (أي نصف عدد النواب + واحد)، فإن أية إستشارات نيابية ملزمة ستؤدي إلى تسميته من دون إتفاق سياسي، تعني الدخول في مرحلة فراغ لا سقف زمنيا لها ولكن الأخطر أن الواقع الإقتصادي والمالي المأزوم يشي بأن الإنهيار صار قاب قوسين أو أدنى، بدليل أن عشرات لا مئات المؤسسات تستعد قبل نهاية الشهر الحالي لصرف أعداد كبيرة من موظفيها، ناهيك بالمخاوف الأمنية التي سترتفع وتيرتها كلما طال أمد الفراغ.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180   فرنجية الخائف على الأمن لا يرى حكومة: لننتظر حوار واشنطن ـ طهران