كريس ميرفي يفرج عن المساعدات العسكرية للبنان.. لماذا؟

Avatar18006/12/2019
أفرج البيت الأبيض، الأسبوع الماضي، بهدوء، عن 105 ملايين دولار كمساعدات عسكرية للبنان، بعدما ظلّت معلّقة لفترة على موافقة الكونغرس ووزارة الدفاع ووزارة الخارجية، وهو ما دفع بعض المشرعين الأميركيين إلى مقارنتها بمساعدات أوكرانيا المجمدة بدورها على خلفية إجراءات العزل التي يواجهها الرئيس دونالد ترامب.

حتى الآن، لم يظهر أي دليل على وجود أجندات بديلة في ما يخص المساعدات العسكرية الأميركية للبنان، ويبدو أن تعليقها كان نتيجة نزاع داخلي بين بعض المسؤولين في مجلس الأمن القومي – الذين يرون أن المساعدات ستفيد ممثلي “حزب الله” المدعوم من إيران في الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني – وبين المسؤولين في البنتاغون ووزارة الخارجية الذين يعتقدون، بغالبيتهم، أن تمويل القوات المسلحة اللبنانية أمر ضروري لمواجهة النفوذ الإيراني في البلاد.
ولكن بالنسبة إلى البعض الآخر، فإن تعليق الإدارة الأميركية للمساعدات العسكرية، والمستمر منذ شهور، يُعد مؤشراً جديداً على أن الولايات المتحدة تتخلى عن شركائها في وقت الحاجة.
ومع استمرار الاحتجاجات في لبنان، التي يراها البعض “مناهضة لإيران”، يصبح التزام الولايات المتحدة الثابت بدعم القوات المسلحة اللبنانية أكثر أهمية، كما يقول السيناتور كريس ميرفي (الحزب الديموقراطي – كونيتيكت) الذي زار لبنان الأسبوع الماضي، وظل يضغط على الإدارة الأميركية منذ تشرين الأول/أكتوبر للإفراج عن المساعدات أو شرح التأخير المتصل بها.
في مقابلة مع مجلة “فورين بوليسي”، تحدث ميرفي عن أهمية المساعدات، والاحتجاجات المناهضة لإيران التي تجتاح الشرق الأوسط، وقمة “حلف شمال الأطلسي” خلال الأسبوع الحالي، بجانب قضايا أخرى.

فورين بوليسي: انتقدتَ الإدارة الاميركية بشدّة حين علّقت حتى وقت قريب المساعدات العسكرية للبنان. لماذا الامر مهم لهذه الدرجة؟
كريس ميرفي: إنه وقت مثير ومقلق في لبنان. هذه الاحتجاجات عضوية، فهي وطنية، ومتعددة الأعراق والطوائف. هناك الكثير من المنفعة التي يمكن أن تأتي من هذه الاحتجاجات، لكن “حزب الله” سيتحرك لمحاولة انهائها لأن أحد مطالب هؤلاء المحتجين هو أن يتمتع الحزب وإيران بسلطة أقل في لبنان.
ما يثير قلقنا، أنه في الوقت الذي تقوم فيه القوات المسلحة اللبنانية بعمل شاق لحماية المتظاهرين من “حزب الله”، تعمد الولايات المتحدة إلى تقويض الجيش اللبناني. الجيش هو قوة الاستقرار في لبنان اليوم، وينبغي على الولايات المتحدة أن توفر له السلاح. بدلاً من ذلك، نحن نبعث برسائل تفيد بأننا نريد التخلي عنه، كما لو كنا في حاجة إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء في الشرق الأوسط. يمكن للولايات المتحدة القيام بدور سهل، عبر دعم المتظاهرين، ودعم الأشخاص الذين يقومون بحمايتهم، وقد تمكنا من حل هذا الأمر.

فورين بوليسي: كانت هناك بعض المخاوف من قبل أعضاء في الكونغرس ومجلس الأمن القومي من أن هذه الأموال ستفيد “حزب الله”. هل لديك مخاوف بشأن ذلك؟
كريس ميرفي: هذا الأمر لا يمكن أن يحصل. الأموال لن تذهب إلى البرلمان، بل تذهب مباشرة إلى القوات المسلحة اللبنانية، التي هي القوة المقابلة لـ”حزب الله” في لبنان. الجيش اللبناني مفتوح للمسيحيين والشيعة والسنة. يقوده جنرال مسيحي، ولكن هناك الآلاف من الشيعة المنخرطين في القوات المسلحة اللبنانية، ومن المحتمل أن تكون لبعضهم صلات بـ”حزب الله”، ولكن ببساطة هذا هو لبنان. الفكرة هنا واضحة: إذا كنت تريد تقليل نفوذ “حزب الله” في لبنان، فأنت في حاجة إلى دعم القوات المسلحة اللبنانية. الأمر الأكثر إثارة للحيرة بالنسبة إليّ هو أنه لم يكن هناك أي سبب منطقي لحجب المساعدات المرسلة إلى لبنان، حتى أن أحداً لا يعرف سبب تعليقها، ولذلك لا يوجد أي موضوع يمكن أن يكون موضع جدل أو نقاش.

فورين بوليسي: ألم يتم إخبار أحد في لبنان لماذا تم تعليق المساعدات؟
كريس ميرفي: أعلنت سفارتنا عن ذلك، وقد أوضح المسؤولون اللبنانيون أنهم لم يتلقوا أي سبب لحجزها، وسفارتنا في بيروت لم يكن لديها أي سبب للتعليق، لذا عندما سأل الجنرال (ميشال) عون (رئيس لبنان) السفيرة الأميركية عن سبب حجب الأموال، أجابت بأنه ليس لديها تفويض لإعطاء سبب.

عندما سأل عون السفيرة الأميركية عن سبب حجب المساعدات، أجابت بأنه ليس لديها تفويض لإعطاء سبب

فورين بوليسي: ما سبب هذا النقاش الساخن حول هذه المساعدات؟
كريس ميرفي: لقد قدم السيناتور تيد كروز مشروع قانون يشترط لتمويل القوات المسلحة اللبنانية إزاحة “حزب الله” من العملية السياسية في لبنان. فهمتُ أن هناك شخصاً واحداً على الأقل في مجلس الأمن القومي يريد معاقبة لبنان بسبب انخراط “حزب الله” في الحياة السياسية. لا شك في أن “حزب الله” يلعب دوراً في السياسة اللبنانية، ولا شك أيضاً في أنه يجب أن تكون سياسة الولايات المتحدة هي محاولة إخراج الحزب من العملية السياسية في لبنان. لكن الطريقة التي يمكن القيام بها لتحقيق هذا الغرض تتمثل في تمكين القوات المسلحة اللبنانية بدلاً من تعطيلها.

فورين بوليسي: هناك مشكلة أخرى أثرتَ صخباً بشأنها وهي الصراع في اليمن. في الآونة الأخيرة كانت هناك بعض علامات التقدم. هل ترى ضوءاً في نهاية النفق؟
كريس ميرفي: لا أرى ضوءاً في نهاية النفق، لكنني على الأقل أرى نفقاً. لقد لقد انتقدتُ السعودية والإمارات بشدّة في ما يتعلق بسلوكهما البائس في الحرب اليمنية، لكننا بدأنا نشهد بعض التقدم. تتراجع هجمات الحوثيين والهجمات ضدهم، وهناك حكومة جديدة هشة في الجنوب، وقد تكون هناك نافذة لعملية سياسية. لكنني ما زلت أعتقد أنه لن يتحقق نجاح سياسي في اليمن ما لم تشارك الولايات المتحدة مباشرة. الآن، نحن نقف على الهامش البعيد لهذه المحادثات السياسية، وأعتقد أن هذا خطأ.

اميركا تقف على الهامش البعيد في المحادثات السياسية في اليمن وقد تكون هناك نافذة لعملية سياسية

فورين بوليسي: ما رأيك في الاضطرابات في إيران؟ هل هي مؤشر على أن حملة الضغط الأميركية القصوى تعمل؟
كريس ميرفي: هي مؤشر على مدى قلق النظام الإيراني من قوة هذه الاحتجاجات. يبدو أن ما جرى هو حملة قمع وحشية، وتلك علامة على مدى جدية هذه الاحتجاجات. لم تشر إدارة ترامب إلى أن هدفها هو تغيير النظام، ولذلك ليست لدي أدنى فكرة عن سياسة الإدارة الأميركية في إيران. في اعتقادي أنهم يحددونها كل صباح. أظن أنهم يريدون أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات، ويبدو أننا لا نقترب كثيراً من هذا الواقع. وبدلاً من ذلك، فإن ما يحدث في إيران هو أن المتشددين يكتسبون المزيد والمزيد من القوة.

إقرأ على موقع 180  بولتون اللبناني: إسرائيلي أكثر منه أميركي

فورين بوليسي: إذن أنت تعتقد أن الاحتجاجات تجعل مشكلة إيران أسوأ؟
كريس ميرفي: أعتقد أن هناك جانبين لهذا الأمر. يمكن أن تدفع الاحتجاجات النظام الإيراني للذهاب إلى طاولة المفاوضات لمحاولة تخفيف العقوبات. لكن الاحتجاجات يمكن أن تعزز نفوذ المتشددين، وليست لهؤلاء مصلحة في التفاوض.

الاحتجاجات في ايران يمكن أن تعزز نفوذ المتشددين الذين لا مصلحة لهم في التفاوض

فورين بوليسي: الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القيادة المركزية الأميركية، قال إنه قلق من احتمال أن تشن إيران هجوماً آخر. هل توافقه الرأي؟
كريس ميرفي: لقد كان ذلك مصدر قلق بالنسبة لي منذ البداية. أعتقد أن الخطر يكمن في أنه كلما أدرت وجهك عن إيران، زاد احتمال اندلاع الأعمال القتالية. في هذه الأثناء. ليست لدى الإيرانيين أية فكرة عما إذا كان لديهم شريك تفاوضي. في بعض الأحيان، تقول الإدارة إنها تريد التفاوض من دون شروط مسبقة، وفي أحيان أخرى يقولون إن على إيران أن تأتي إلى طاولة المفاوضات وأن تفي بجميع متطلباتها. لذلك فإنهم لم يقدموا لإيران أي مخرج، وبما أن الإيرانيين يزدادون يأساً، فمن المحتمل أكثر فأكثر أن يتصرفوا بطريقة تجبرنا على الرد عسكرياً.

فورين بوليسي: يبدو أن الوضع في سوريا قد استقر إلى حد ما، ولكن تركيا لم تواجه أية عواقب لتوغلها. هل سيتخذ الكونغرس موقفاً؟
كريس ميرفي: إحدى أكثر القضايا إثارة للاهتمام خلال الأسبوع الماضي هي أننا عدنا إلى سوريا مرة أخرى. ليس من الواضح تماماً سبب تنحينا للأتراك إذا لم نكن مستعدين للمغادرة. لقد ارتكب الرئيس ترامب خطأً غير منطقي، لكنني أعتقد أن تركيزنا يجب أن يكون على كيفية إدارة الموقف بشكل أفضل للمضي قدماً، والتأكد من أن تركيا وقواتها الوكيلة لا تستهدف المدنيين ولا تقوم بإعادة توطين الناس بشكل قسري في شمال شرق سوريا. هذا هو المكان الذي يمكن أن يكون فيه الكونغرس مفيداً، إذ بإمكانه إصدار بعض التشريعات التي تفرض عواقب على سلوك تركيا في المستقبل.
على الأقل تحتاج تركيا إلى مواجهة عواقب شراء منظومة “أس-400”. لا اعرف كيف يمكن السماح لحليف في “الناتو” بالتقارب مع الروس على النحو الذي يعرض أمننا الجماعي للخطر. ثمة جدل حول ما إذا كان بالإمكان معاقبة تركيا على دخولها شمال شرق سوريا بالنظر إلى أن الرئيس دعاهم للقيام بذلك، لكنني أعتقد على الأقل أنه يتعين علينا أن نوضح لجميع حلفاء الناتو أنه إذا بدأت تركيا في التعامل مع روسيا فستكون هناك بعض العواقب.
لو كنا نعيش في عالم طبيعي، لقام الحلف بتوجيه رسالة صارمة إلى تركيا بعناية. لكن “الناتو “غير قادر على العمل بشكل موحد اليوم بسبب الرئيس ترامب، ولذلك نحن عالقون في العمل في وضع أقل من الأمثل بالنظر إلى عدم قدرة الحلف على التحدث بصوت واحد.

إذا إنحدر العراق إلى حرب أهلية فإن قرار إفراغ سفارتنا سيكون أحد أسوأ الأخطاء

فورين بوليسي: بالانتقال إلى العراق، قامت الولايات المتحدة مؤخراً بتخفيض وجودها الدبلوماسي هناك، بما في ذلك خفض عدد موظفي السفارة. ما هو تأثير هذا؟
كريس ميرفي: أعتقد أننا نرى عواقب التخفيض الأميركي اليوم. تشير التقارير إلى أن عدد الدبلوماسيين السياسيين في السفارة الأميركية يصل إلى ستة حالياً، وعادة ما يحدث أنه في أزمة كهذه ترتكب الحكومة العراقية خطأً فادحاً تلو الآخر، وعادة ما تكون القوة الدبلوماسية الأميركية هي التي تساعد بشكل صحيح. في ظل الوضع الحالي، ومن دون وجود دبلوماسي عملي في بغداد، ليس من المستغرب أن يرتكب العراقيون خطأً سيئاً تلو الآخر. إذا انحدر العراق إلى حرب أهلية، فإن قرار افراغ سفارتنا سيكون أحد أسوأ الأخطاء التي ارتكبتها الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

فورين بوليسي: لقد قلصنا وجودنا الدبلوماسي في سوريا مع مرور الوقت. ما هو تأثير هذا؟
كريس ميرفي: نحن نفشل في فهم القوة التي يمكن أن يتمتع بها الدبلوماسيون الأميركيون المتمرسون وذوو القدرات في المنطقة، وحقيقة أنه بات لدينا عدد قليل منهم في جميع أنحاء المنطقة هو جزء من السبب في فقداننا للنفوذ كل يوم.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
free online course
إقرأ على موقع 180  الأسد يتنفس الصعداء.. بدء موسم الحج العربي إلى دمشق!