أوبك: مراجعة لأسواق النفط في 2019 واستشراف لـ 2020

تطورت سكرتارية منظمة الأقطار المصدرة للبترول (الاوبك) لكي تصبح الابحاث التي تنشرها مصدرا رئيسا ذا مصداقية عالية عن المعلومات النفطية.

من الملاحظ ان الكثير من دراسات منظمة الأوبك كانت تعتبر سرية وتوزع على المسؤولين النفطيين في الاقطار الاعضاء فقط. لكن تقرر في اواخر القرن الماضي، وبعد نحو أربعة عقود من تأسيس المنظمة، أن نشر بعض ابحاث ودراسات المنظمة مفيد لشرح سياسات أوبك، بدلا من ترك هذا الشرح لاطراف اخرى ذات مصالح مختلفة. وهذا ما هو يجري حاليا. والدراسة ادناه، التي تم نشرها مؤخرا، تبين الاستنتاجات التي توصلت اليها المنظمة حول تطور الاسواق خلال هذه السنة واستشرافها وتوقعاتها للعام المقبل. تبين الدراسة مؤشرات الطلب والعرض النفطي العالمي. تؤكد هذه المعلومات والارقام صحة سياسة المنظمة الجارية منذ اربعة اعوام بتخفيض الانتاج من اجل استقرار الاسعار والتي بالفعل حافظت على معدل يتراوح في نطاق 60 ـ 70 دولارا للبرميل الواحد.

تدل معلومات أوبك ان النمو الاقتصادي العالمي والتجارة الدولية قد تباطآ خلال عام 2019، بسبب المفاوضات التجارية ما بين الدول الصناعية الكبرى وخوف الاسواق من نشوب حروب تجارية مدمرة أدت الى تقليص معدلات الاستهلاك والاستثمار الدوليين. لكن، تشير الاوبك في الوقت نفسه، إلى ان المفاوضات التجارية الدولية قد وصلت الى نهاية مطافها. من ثم، فانه يتوقع أن تبدأ مرحلة جديدة في عام 2020، حيث هناك احتمال بدء انتعاش الاقتصاد العالمي، بعد التخوف والحذر الذي طغى على التجارة العالمية في عام 2019. تضيف الاوبك ان المناخ الايجابي الجديد سيأخذ بعض الوقت ليعطي ثماره والتأكد من ان العلاقات قد تعود الى مجاريها الايجابية ثانية. لذا، فان التوقعات للنمو الاقتصادي العالمي بحسب المنظمة ستستقر على معدل نمو 3 في المئة للعامين 2019 و2020.

وتضيف الاوبك في تقريرها الشهري الاخير، ان الاتفاقات الاقتصادية التي تم التوصل اليها مؤخرا، كاتفاقية دول اسيان (الاسيوية ـ الباسفيكية) ممكن ان تعيد الحيوية والزخم ثانية للتجارة العالمية. بالذات بعد الانتكاسات والصعوبات التي لحقت بالمحادثات الصينية ـ الامريكية.. برغم بعض الصعوبات التي لا تزال تواجه المحادثات التجارية ما بين الولايات المتحدة ودول صناعية اخرى.

وبينما تستمر السياسات المالية الدولية في حالة توافقية، الا ان تراكم الديون ومستويات المديونية في بعض الدول الكبرى تشكل مخاطر جدية. وهناك تحديات كبرى للسياسات المالية لعدد من اعضاء السوق الاوروبية المشتركة، وكذلك البرازيل، بالاضافة الى استمرارية التباطؤ في الاقتصاد الياباني. وهناك ايضا عدم توازن الاوضاع المالية في اقتصادات عدد من الدول النامية الذي قد يترك اثارا سلبية على الاقتصاد الدولي، بينما ستترك الاضطرابات الاجتماعية الحالية في عدد من الدول النامية انعكاسات سلبية اضافية.

من المتوقع ارتفاع الانتاج للنفط الصخري الامريكي نحو 2.17 مليون برميل يوميا خلال عام 2020. وتتوقع الاوبك ان ترتفع الضغوط على نفوط اقطار المنظمة في 2020 بسبب الزيادة المتوقعة للنفط الصخري الامريكي من حوض بيرمين في ولايتي تكساس واوكلاهوما ولزيادة الانتاج النفطي من الحقول البحرية لكل من النروج والبرازيل واستراليا وايضا غيانا

تتوقع الاوبك ان يشكل ارتفاع الطلب العالمي على النفط حوالي 0.98 مليون برميل يوميا في 2019، نظرا للتباطؤ الاقتصادي في بعض الدول الكبرى. كما تتوقع الاوبك ان ينمو الطلب على النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (الدول الصناعية الغربية) بزيادة هامشية نحو 0.02 مليون برميل يوميا خلال عام 2019، نظرا الى انخفاض الطلب في القارتين الامريكيتين الشمالية والجنوبية وفي المنطقة الاسيوية ـ الباسفيكية. فقد انخفض الطلب على وقود الديزل في الولايات المتحدة من جهة، كما تباطأ النمو الصناعي وتشييد البناء في المنطقة الاسيوية ـ الباسفيكية من جهة اخرى، مما خفض من الطلب على النفط خلال هذا العام. وهناك ايضا التباطؤ المهم في صناعات البتروكيماويات الذي أدى الى انخفاض حجم اللقيم لتغذية الصناعات البتروكيماوية خلال النصف الاول من عام 2019.

اما في الدول الناشئة (الصين والهند وكوريا الجنوبية والبرازيل) غير الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، فيتوقع ازدياد الطلب على النفط في عام 2019 حوالي 0.96 مليون برميل يوميا. يعود السبب الرئيس في هذا الانخفاض لزيادة الطلب الى تباطؤ استهلاك وقود المواصلات والوقود الصناعي في الهند خلال الربعين الثاني والثالث للعام 2019.

يتوقع ازدياد الطلب العالمي على النفط خلال عام 2020 نحو 1.08 مليون برميل يوميا، بحيث يزداد الطلب في الدول الصناعية الغربية (الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية) نحو 0.07 مليون برميل يوميا، اذ يتوقع ان تسجل الدول الصناعية في القارتين الامريكيتين الزيادة الوحيدة ما بين الدول الصناعية عموما خلال العام المقبل، نظرا الى زيادة انتاج الطاقة البتروكيماوية في هاتين المنطقة.

وفي الدول غير الاعضاء في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، يتوقع زيادة الطلب على النفط نحو 1.01 مليون برميل يوميا. وستكمن هذه الزيادة للطلب في الدول الاسيوية وامريكا اللاتينية والشرق الاوسط، حيث سيقود قطاعا المواصلات والبتروكيماويات هذه الزيادة.

إقرأ على موقع 180  ملاحظات جوهرية على اتفاق الترسيم.. يجب تصحيحها

شهدت زيادة الامدادات النفطية من الدول غير الاعضاء في الاوبك انخفاضا خلال عام 2019، اقل مما توقعته الاسواق في الفترة الاولى. فقد توقع المراقبون زيادة الامدادات نحو 2.10 مليون برميل يوميا في تموز (يوليو) 2018، بينما الزيادة حاليا تقدر بنحو 1.82 مليون برميل يوميا. والسبب في انخفاض معدل الزيادة في الامدادات يعود الى تقلص معدل زيادة الانتاج لكل من كندا والبرازيل والنروج وكازخستان والصين وروسيا. ومن الملاحظ ان انخفاض معدل زيادة الانتاج في الدول المنتجة غير الاعضاء في منظمة الاوبك قد حدث برغم زيادة انتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة الامريكية بأكثر مما كان متوقعا له خلال هذا العام. وقد ارتفع معدل انتاج النفط الصخري الامريكي في 2019 نحو 1.62 مليون برميل يوميا. ومن المتوقع ارتفاع الانتاج للنفط الصخري الامريكي نحو 2.17 مليون برميل يوميا خلال عام 2020. وتتوقع الاوبك ان ترتفع الضغوط على نفوط اقطار المنظمة في 2020 بسبب الزيادة المتوقعة للنفط الصخري الامريكي من حوض بيرمين في ولايتي تكساس واوكلاهوما ولزيادة الانتاج النفطي من الحقول البحرية لكل من النروج والبرازيل واستراليا وايضا غيانا.

من الملاحظ، ان هذه التوقعات لمنظمة أوبك باحتمال زيادة الانتاج من الاقطار غير الاعضاء في اوبك، او بالاحرى اوبك وحلفائها (24 دولة منتجة تضم الى جانب اقطار اوبك كلاً من روسيا وكازخستان وسلطنة عمان) ستحث اوبك وحلفائها على الاستمرار في تخفيض الانتاج لفترة اخرى.

نقلاً عن موقع رئيس تحرير “السفير” الأستاذ طلال سلمان:http://bit.ly/2QhIG9N

(*) كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة
Print Friendly, PDF & Email
وليد خدوري

كاتب عراقي متخصص في شؤون الطاقة

Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  السوريون التائهون على أبواب أوروبا: بيدق تركي يواجه الريح