يتفتّح زهر الشجر، أراقب هذه الألوان من نافذة غرفتي. انتبه الى لوني الأبيض والزهري. ابتسم. افهم الآن لماذا ترتدي ربما العرائس لون الأبيض، ولماذا تستقبل المولودة الأنثى باللون الزهري. فابتسم. منذ فترة زمنية طويلة، ربما، لم انتبه الى شيء. كنت أركض في هذه الحديقة العامة، وكانت الأشجار فارغة، عبارة عن قصبات خشبية في الهواء، وكان الهواء باردا وقويا، غير انني كنت اركض. اعرف ان لدي عزيمة في بعض الأحيان، وأحب أن أكمل الجولة، هذا ما قالته لي مرة استاذتي، انك تحبين ان تنهي الجولة.
في فترة الحجر المنزلي، وبينما اقبع وحدي في منطقة ما في هذا العالم، ابتسم. لا لشيء، فقط لانني انتبهت الآن الى روعة لون زهر الشجر، الى تفتحه، كيف تتفتح البراعم، كيف تزهر الاغصان، كيف يحمل الهواء هذه الشذرات الزهرية ويطير بها، ليلوّح بها الأرض والسماء، ليلوح بها وجهي، فابتسم.
في عزلتنا القسرية، ضعفاء، نترقب زهرا، او لوزا، او لونا، أو صوتا، أو شيئا، لنكتشف ان الحياة جميلة، فيها زهر يتفتح، بين لوني الأبيض والزهري، فيها حنان
انا التي كنت استغرب سرعة الأشخاص في مطاردة الحياة، انا التي كنت لا افهم شراهة الأشخاص في الحصول على كل شيء، كيف لهم أن يكونوا جدا أقوياء، صلبين، ثابتين، لا تزعزعهم ريح أو هواء، أجد نفسي اليوم، واقفة جنب نافذتي، أراقب تفتح زهر الشجر والوانه، وابتسم. فنحن اليوم وفي عزلتنا، جدا ضعفاء، ضعفاء جميلين، نتمسك بهواء، بنافذة، بكتاب، بابتسامة، بصورة، بصوت آت من بعيد، باشياء خفيفة، صغيرة، هوائية، تجعلنا نبتسم.
حين تقترب العصافير من نافذتي ابتسم، حين اسمع زقزقتها وسط هذا الهدوء الكلي، ابتسم، حين يبعث لي جاري، الآتي من ساحل العاج ليتعلم هنا فيصبح بعدها استاذا جامعيا ويبني مسكنا لوالدته في ابيدجان، برسالة نصية، ابتسم، حين يتصل بي صديق قديم ليخبرني انه يعاني ضجرا شديدا، فيحدثني عن طريقة تحضير بعض الأطعمة، ابتسم، حين اوضب غرفتي أكثر من مرة في اليوم، وانتبه الى ألوان الجدران والى انه اصبح لي ذاكرة في هذا المكان، ابتسم.
ابتسم لا لشيء، فقط لاننا ضعفاء. نحن الذين نركب الطائرات ونسافر، ونحن الذين نطور الصواريخ ونسافر بها الى الفضاء، ونحن الذين نمتلك هاتفا ذكيا، وحاسوبا ذكيا، وفي بعض الأحيان بيتا ذكيا، ونحن الأذكياء، ونحن الذين نحقق أهدافا، وبطولات، ونحن الذين نريد كل شيء، المال، والحب، والأغراض، والممتلكات، ونحن الأقوى، ونحن الأجمل، ونحن الافضل، ضعفاء. في عزلتنا القسرية، ضعفاء، نترقب زهرا، او لوزا، او لونا، أو صوتا، أو شيئا، لنكتشف ان الحياة جميلة، فيها زهر يتفتح، بين لوني الأبيض والزهري، فيها حنان.