سوريا في العام 1957 وسوريا في العام 2024. الكثير تغيّر فيها وفي الشرق الأوسط، ولكن الكثير أيضا فيهما لم يتغير. كيف؟
سوريا في العام 1957 وسوريا في العام 2024. الكثير تغيّر فيها وفي الشرق الأوسط، ولكن الكثير أيضا فيهما لم يتغير. كيف؟
ساعتان من فجر يوم الإثنين في الثالث عشر من كانون الثاني/يناير 2025 غيّرتا مجرى الاستشارات النيابية المُلزمة التي أجراها الرئيس اللبناني جوزاف عون لتكليف رئيس جديد لأولى حكومات عهده، وكانتا كفيلتين بنقل التكليف من نجيب ميقاتي إلى نوّاف سلام.. وإطلاق شرارة أزمة حكم وحكومة منذ الأسبوع الأول للعهد.
حملت التطورات السورية المتعاقبة منذ الثامن من الشهر الماضي، تاريخ سقوط النظام السوري السابق، نقاشات واسعة في السياسة والإجتماع والتاريخ، من بينها أصل إسم سوريا. هذا إسهام في النقاش الحاصل والمتشعب حول اسم سوريا وهل هو يوناني أو أنه مشتق من أشوري أو أن أصل التسمية تعود إلى مدينة صور الفينيقية اللبنانية، بعد انقلاب الصاد إلى سين مُخفّفة.
إن ما يحصل في منطقتنا منذ قرن من الزمان ليس إلّا ترجمة عملية لأكبر عملية "تنصيب" في التاريخ، قامت بها إمبرياليات وافدة على ظهر الدبابات ودويّ المدافع، التي صمتت في القارة العجوز لتدوّي في كل ساحات العالم.
وفي الشهر الثالث، من العام الثالث، لشغور مَنصِب رئيس الجمهورية اللبنانية، أي بعدَ عامين وشهرين وعشرة أيام بالتمام والكمال، وبقدرة قادر، تم ملء الفراغ الرّئاسي، بالقائد الرابعَ عشَر للجيش، ليمسي الرئيسَ الرابع عشر للبنان، في الجلسة الثالثة عشرة، وفي الموعد المحدّد، وبخطاب القسم المسهب، ليبدأ العهد في خضمّ رياح إقليمية عاتية، ومخاضات محلية آتية، فما هي التحديات التي تنتظره في الداخل كما في الخارج؟
بعد فرار الرئيس السوري بشار الأسد بأربعة أيام، وبتاريخ 12 كانون الأول/ديسمبر 2024، مدّدت الولايات المتحدة عقوباتها الاقتصادية على سوريا لمدة خمس سنوات جديدة ضمن ما يُعرف بـ"قانون قيصر"، الذي شرّعه الكونغرس في العام 2019، وهذا ما يعني إبقاء العقوبات مفروضة على سوريا، وهو ما كشفته وثيقة أمريكية رسمية، حيث تم شطب التاريخ الذي هو 5 سنوات بعد سريان مفعول هذا القانون، ليصبح التاريخ الجديد 31 كانون الأول/ديسمبر 2029.
عزيزي القارئ، إنّ كاتب هذه السطور محبٌ لفلسطين ومتضامن مع غزة، بدم أقاربه ورفاقه وقادته الشهداء على طريق القدس، إسناداً للشعب الفلسطيني المظلوم ومقاومته الباسلة والشريفة. ولا منّة لنا بذلك، بل هو فضل الله علينا.
قد يكون قرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالتريث في تحديد موعد زيارته الأولى إلى سوريا، غداة سقوط نظام بشار الأسد، مرتبطاً بنصائح وزير خارجيته هاكان فيدان ورئيس إستخباراته إبراهيم كالين، لجهة تجنب وضع الزيارة في خانة "الخطوة الإستفزازية" الموجهة ضد العالم العربي.
تستحق بعض الإجراءات الإقتصادية، التي أطلقتها حكومة تيسير الأعمال الحالية في سوريا سريعاً، بعض النقاش، لا سيما وأنّ الأحوال المعيشيّة في شتّى أنحاء البلاد متدهوِرة منذ زمنٍ طويل والنشاطات الاقتصادية متدنيّة إلى أقصى الحدود. نقاشٌ برغم ضرورة تفهّم أنّه لا يُمكِن الحكم على سياسات مضى عليها أقلّ من شهر مقابل تركة ثقيلة لسنينٍ وعقود. كما لا معنى لرسم طموحات كبيرة دون تبيان الاستراتيجيّات للوصول إليها والأولويّات التي تجب معالجتها.
ليلةَ القبضِ على دمشق فجر الأحد 8 كانون الأول/ديسمبر 2024، وانتزاعها من النظام السابق، كان جيش الإحتلال الإسرائيليّ يقبض على سوريا الجغرافية كلها، جوًا وبحرًا وبرّاً، وينتزع 500 كيلومتر مربع منها، مُعلناً "العودة" إلى قمة جبل الشيخ (حرمون) لينشد عليها نشيد "هاتكفاه" ويقتلع صلباناً تاريخية، ويستقدم وفوداً حاخامية، لتأدية طقوس تلمودية، في مشهد سوريالي استفزازي نقيض للتاريخ وللجغرافيا.