Featured 1 Archives - 180Post

799.png

لا تُقاس الصراعات الكبرى دائمًا بميزان القوة العسكرية أو باتساع رقعة الاشتباك أو بعدد الضحايا وحجم الدمار، بل بطبيعة العلاقة التي تربط أطرافها قبل لحظة الانفجار. فغالبًا ما تكون النزاعات الأخطر تلك التي تنشب بين أبناء المسار الواحد. عندها، لا يعود الصراع مواجهةً بين مشروعين متعارضين، بل يتحوّل إلى نزاع على تعريف الأصل ذاته، وعلى من يمتلك حق تمثيله واحتكاره.

90909090909.jpg

مع تراجع لغة التهديد والوعيد الأمريكية و"الإسرائيلية" للبنان في الآونة الأخيرة، فإن قراءة متأنية لزيارة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو إلى واشنطن قبل نهاية السنة، تُظهر تأرجحًا بين احتمالين: إمّا حصوله على ضوء أخضر لتوسيع عدوانه على لبنان، أو الاكتفاء بما حقّقه على مدى سنتين من الحرب والتوجه إلى استثمار وحماية "إنجازاته". ولاستشراف أيّ من الاحتمالين هو الأكثر ترجيحًا لا بد من قراءة الصورة الإقليمية والدولية.

800-51.jpg

نعيش زمناً تعيد فيه البشرية تشكيل علاقتها بالعمل والجهد والمعنى. جيل Z يظهر بوصفه نتاج بيئة رقمية كثيفة الإيقاع، حيث اللذة سريعة، والمكافأة فورية، والخيارات مفتوحة بلا حدود واضحة. هذا الجيل تشكّل وعيه داخل اقتصاد الانتباه، فصار يقيس الحياة بمستوى الراحة، وقابلية الاحتمال، وجودة المزاج اليومي. العمل الطويل يفقد بريقه، والانغماس المهني الممتد يتراجع حضوره، وتبرز شخصية مهنية جديدة، كائن دوباميني تحرّكه دوائر المكافأة العصبية أكثر مما تحرّكه السرديات التقليدية للنجاح.

750-15.jpg

لا تُقرأ قضية «أبو عمر»، التي تصدّرت المشهد اللبناني في كانون الأول 2025، بوصفها مجرّد ملف احتيال مالي، بل كواقعة كاشفة لبنية أعمق في الحياة السياسية اللبنانية. فقد فتحت نافذة على علاقة ملتبسة نسجتها شرائح من الطبقة السياسية مع الخارج، وعلى صورة القوة والشرعية كما تتخيّلها هذه الطبقة، وحدود السيادة كما تمارسها فعلياً لا كما تعلنها في الخطاب.

isis_vs_francia__osvaldo_gutierrez_gomez.jpg

لم يعد تنظيم «داعش» ظاهرة أمنية عابرة أو تنظيمًا مسلحًا يمكن تحييده عبر التفوق العسكري وحده، بل بات نموذجًا مركّبًا للتطرّف العنيف، يقوم على تزاوجٍ خطير بين المال، والسلطة، والهشاشة الاجتماعية، والفراغ الفكري.

Taiwan.jpg

الصينُ عقدةٌ أميركيّةٌ، لكنَّ الولاياتِ المتحدةَ ليست عقدةً صينيَّةً. تغيَّرتْ موازينُ القُوى في العلاقاتِ الدوْليَّة. الديناصورُ الأميركيُّ تَتَثاقَلُ خُطُواتُهُ فيخبطُ في الأرضِ خبطَ عشواءَ يرفضُ الاعترافَ بأنَّهُ يسيرُ في منحنىً هابطٍ. أمَّا في بلادِ التقاطُعِ الحضاري بين الكونفوشيّةِ والماركسيَّة المُحَدََّثةِ، ودبلوماسيّةِ القوَّةِ الهادئةِ، والقربِ الجغرافي من بلادِ الإسلام، فتتسارعُ خُطـُواتُ التنّين الصينيِّ في منحنىً صاعدٍ. وبينهُما سيكونُ جوهرُ الصراعِ على مستقبلِ العالم. تنبعُ الشرارةُ هذه المرَّةَ من قلبِ الاقتصادِ التكنولوجي الحديثِ، لا من التعامُدِ المحوريِّ بين الاقتصادِ والنفوذِ السياسي فحسبُ، مثلما كانت عليهِ الأمورُ سابقاً. كان ذلك في الحربيْنِ العالميتيْن. اليومَ تمَّ تجاوزُهُ. اقتصادُ المعرفةِ التقنيَّةِ الحديثةِ هو العاملُ المُضافُ. وهْوَ سيُطلِقُ العِنانَ لاستخدامِ القوَّةِ. عندئذٍ سيكونُ معظمُ الكرةِ الأرضيّةِ كرةَ نارٍ.

800-44.jpg

لم يُترك النقاش السياسي في لبنان، خلال السنوات التي أعقبت انتفاضة 2019، ليتطوّر بصورة طبيعية تعكس حجم الانهيار البنيوي الذي أصاب الدولة والمجتمع معًا، بل جرى ضبطه وتوجيهه ضمن مسارات محدّدة بعناية، هدفت إلى حماية جوهر النظام القائم وإعادة إنتاج منظومة السلطة نفسها بأدوات جديدة وخطاب مُحدَّث.

800-41.jpg

لم يعد ممكنًا للبنان اليوم أن يفاوض خارجيًّا على حدوده، أو على قواعد الاشتباك، أو على حقوقه السيادية، فيما يبقى الداخل بلا حسمٍ واضحٍ لحدود السلطة بين الدولة واللاعبين الداخليين. فالنهج الذي حكم التجربة اللبنانية لعقود لم يعد قابلًا للاستمرار، ذلك أنّ الشروط التي سمحت به تسقط واحدةً تلو الأخرى