"لا يفعل ما تفعل إلّا الرجال العظماء.. وإنما أنت رجل حقيقي في زمان عزّ فيه الرجال.. فلا تقنط ولا تلم نفسك على ما لا تتحمل وزره، فهذا هو الزمن الذي نعيش فيه.." (قول منقول).
"لا يفعل ما تفعل إلّا الرجال العظماء.. وإنما أنت رجل حقيقي في زمان عزّ فيه الرجال.. فلا تقنط ولا تلم نفسك على ما لا تتحمل وزره، فهذا هو الزمن الذي نعيش فيه.." (قول منقول).
إنها لحظة محمد بن سلمان. فالرجل في زيارته الرسمية الأولى إلى البيت الأبيض منذ العام ٢٠١٨، كان وما يزال محطّ أنظار العالم. بالشكل وبالمضمون، يمكن القول إن الزيارة كانت ناجحة بامتياز. لكلّ تفصيل فيها معنى ورسالة، وكل محطة فيها وتصريح واتفاق يحتاج إلى مقال بحدّ ذاته لتقديم قراءة متأنية ودراستها في سياق العلاقات التاريخية السعودية - الأميركية.
تتقدّم الأمم عبر مسارات تتشابك فيها السلطة مع الذاكرة، والقوة مع الأخلاق، والهوية مع الرغبة في صياغة مستقبل له معنى ووزن. وفي هذا التشابك تولد لحظة تفيض فيها حقيقة كبرى كانت أمام العيون، ثم ترتفع فجأة كقنبلة ضوئية تكشف ما غاب عن الإدراك. هذه اللحظة تُسمّى «البقعة العمياء»، مساحة تتراكم داخل الذات حتى تفرض كشفًا يحرّك الأسئلة ويعيد توزيع الوعي على خارطة جديدة.
قبل أكثر من قرن، وفي خضم الحرب العالمية الأولى وتهاوي النفوذ العثماني، وُقّعت واحدة من أكثر الاتفاقيات تأثيرًا في تاريخ الشرق الأوسط الحديث، اتفاقية سايكس بيكو السرية عام 1916. لم تكن تلك الاتفاقية مجرد تفاهم خفي بين بريطانيا وفرنسا (وكانت روسيا القيصرية شريكتهما) لتقاسم تركة "الرجل المريض" ، بل كانت "لحظة تأسيسية لنمط من إعادة تشكيل الشرق الأوسط".
في غمرة الهوس الرقمي الذي اجتاح مواقع التواصل في المغرب في الآونة الأخيرة، بصور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "المُعدَّلة" بذكاء اصطناعي، حيث تم إلباسه الجلباب المغربي والطربوش.. تفتق فجأة "الذكاء الخارق" لمسؤولي سلطات العاصمة الرباط، عن فكرة عبقرية لا تقل سوريالية عن صور الذكاء الاصطناعي نفسه: إطلاق اسم الرئيس الأمريكي السابع والأربعون دونالد ترامب على واحد من أكبر شرايين حي الرياض الفاخر!
انطلاقاً من أهمية التحرير الأدبي في عالم النشر العربي، عقدت الجائزة العالميّة للرواية العربيّة ورشتين للتحرير الأدبي، أشرفَ عليهما مدرّبان متخصّصان في آليات التحرير وأدواته، شهدتا مشاركة فاعلة وتجاوباً ملحوظاً.
في الأسابيع الأخيرة، بدا أنّ المبعوث الأميركيّ توم برّاك يرفع منسوب الضّغط على لبنان بخطابٍ مزدوجٍ يجمع بين التّشديد على «نزع سلاح حزب الله» والدّعوة إلى «إصلاحاتٍ اقتصاديّةٍ ومؤسّسيّةٍ عميقةٍ»، وبين التّحذير من أنّ «العالَم سيمضي قُدُماً إنْ لم يتحرّك لبنان سريعاً». تلك الّلهجة الحازمة في التعامل مع الملف اللبناني لم تكن مجرّد رسائل دبلوماسيّةٍ عابرةٍ، بل إعلاناً صريحاً بأنّ واشنطن «لن تبقى إلى ما لا نهاية» وأنّها «لا تطلب سوى مصافحةً متكافئةً» بين لبنان وإسرائيل تمهيداً لتسويةٍ شاملةٍ، في ترجمةٍ عمليّةٍ لطموحات رئيس الولايات المتّحدة دونالد ترامب.
وقف أحمد الشرع، الرئيس السوري الانتقالي، على شرفة قصر المهاجرين في دمشق، يطل على المدينة التي لطالما شهدت حروباً. دمشق، منارة الأمويين وصرح الحكام، تتلألأ تحت ضباب الليل وأضواء الشوارع المبعثرة، محافظة على غموضها وجمالها برغم التآكل والحزن المتراكم على حجارتها. تتنفس المدينة الهواء البارد القادم من نهر بردى، ويشعر الحاكم الجديد بثقل الأيام التي حملها على ظهره. وعلى الرغم من انتصاراته، ينتابه شعور مركّب من الانتصار والفراغ والمجهول، لكأنّ دمشق تهمس له: "لقد وصلت، لكن من أنت حقًا"؟
مَضَى ما يَقرُبُ منْ قرنينِ ونِصفٍ على انتشارِ مُصْطلحَيْ "يسار" و"يمين" في العالم. كانتِ الانطلاقة ُمنَ الجمعيّةِ الوطنيّةِ في باريسَ بعدَ الثورةِ القرنسيةِ. آنذاكَ اتخذَ أنصارُ الملكيّةِ المحافِظونَ المقاعدَ اليُمنى، فيما اِختارَ أنصارُ الجُمهوريّةِ المقاعدَ اليُسرى. منذ تلكَ اللحظةِ بدأَ شحْنُ المُصطلحيْنِ بالفوارقِ السياسيةِ بينَ القُوى المُحافظةِ والقُوى الداعيةِ إلى التغييرِ. كانتِ المسألةُ محليَّةً فرنسيةً ثمَّ طفِقَتْْ تتوسَّعُ بسرعةِ بعد بروزِ اتجاهاتِ الفكرِ الاشتراكي، ولا سيَّما بعدَ الماركسيَّةِ والبيانِ الشيوعيّ ِعامَ 1848.
علا صوتُ امرأةٍ في منضدة خلفية، ففزَّت أخرى على مَبعدة أمتار، ومدَّت إليها الخطوَ وهي تبادلها الصِّياح. اجتمع رواد النادي القريبون يحاولون فضَّ الاشتباك الذي نشأ بين الاثنتين؛ فتبيَّن بعد دقائق قليلة أن المرأةَ الأكبر عمرًا لا تريد من طفل الشابة أن يقودَ عربته البلاستيك الصغيرة في المَمَرّ المُجاور. كانت تقرأ من مُصحَف في يدها وتبحث عن فَرض الهدوءِ التام في محيطها. أتبعت صياحَها المُتذمِّر بلفظٍ عنيف، ورَمت الشابَّةَ بأنها منقوصة الأدب وبأنها تُسهِم في إنشاءِ جيل "مش متربي". أغلبُ الحاضرين أعطوا الحقَّ للطفلِ في اللعب ولأمه في الدفاع عنه؛ لكن الأخرى تمادت في غضبها، أرغَت وأزبدَت وألقت بكلمات وَقع بعضُها من آذان السَّامعين مَوقِع السُّباب، ثم غادرت منضدتها مُعلِنة الحسرة على الحال التي آل إليها المُجتمَع، واقترابه من حافة الانهيار.