حزب الله Archives - 180Post

baby.jpg

كم صعب أن أكتب عنك؛ كم من طاقة أحتاجها حتى أشحن ذاتي لأصدّق أنك لست هناك في ذاك الزاروب الذي كنّا نمرّ على رصيفه المتواضع كلّ يوم، زرافات ووحدانَا. ولو أشهرَ هذا الزاروب إسم قاطنه لبتنا كالعاشق الذي لا يُغادر أسفل شرفة معشوقته.

730.jpg

كثيرون تكلموا وأجادوا التعبير عن شعور الحب والفقد والشوق واليُتم مع ارتقاء أب المقاومين السيّد حسن نصرالله شهيداً. من المناسب أيضاً التركيز على واجب الشعور بالمسؤولية التي تركها لنا السيّد، وكيف نُثبت أننا على قدر الحمل، وأننا نُحي ذكراه في كل لحظة، وليس فقط لمناسبة الذكرى الأولى لإستشهاده.

20195417502425.jpg

لم يكن رحيل السيد حسن عبد الكريم نصرالله في 27 أيلول/سبتمبر 2024 مجرد حدث سياسي أو عسكري. كان زلزالاً وجدانياً هزّ أرواحاً تعلقت به، وقلوباً وجدت فيه رمزاً للأمل والعزّة والكرامة. رجلٌ غادر هذه الحياة كما عاشها خصماً عنيداً، لا يساوم. أذلّ أعداءه قبل أن يُقلقهم بغيابه. وهؤلاء اعترفوا أنه كان العدو الأشرس والأكثر صعوبة في تاريخ الصراع العربي – الإسرائيلي.

800-29.jpg

عقود مضت على توقيع اتفاق الطائف، الاتفاق الذي وُصف حينها بأنه نقطة الانطلاق نحو لبنان جديد؛ دولة مدنية حديثة تُعيد تنظيم السلطة بعد حرب أهلية استمرت خمسة عشر عامًا. آنذاك بدا الطائف كحل وسط بين القوى اللبنانية، بُني على توازنات إقليمية ودولية، وسعى لإعادة ترتيب الدولة على أسس دستورية جديدة، مع منح الطوائف اللبنانية حصصًا محددة في السلطة لضمان الاستقرار الدستوري.

800-27.jpg

وجّه الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم رسالة إلى السعودية يدعوها للحوار يؤكد فيها أن سلاح المقاومة في لبنان يستهدف العدو الاسرائيلي ولا يستهدفها هي أو غيرها من الدول، وكان قد سبقه موقف لافت للانتباه للقيادي في حزب الله محمود قماطي يُعلن فيه أن لا مشكلة بين حزب الله والسعودية.

CM_Israel-calling_0.jpg

كنتُ يومها خارج المنزل ولفت انتباهي زحمة سيارات الإسعاف بأبواقها وأضوائها وأعدادها وكلها تُنذر بحدث كبير. عدتُ إلى المنزل لأُصعق بخبر تفجير أجهزة "البيجرز" التي يستخدمها آلاف العاملين في قطاعات حزب الله المدنية والعسكرية بما فيها الطبية والتمريضية والإنقاذية.

fa2-640x493-1.jpg

منذ عقودٍ طويلة يُشكّل السلاح الفلسطيني في المخيمات داخل لبنان، إلى جانب سلاح المقاومة اللبنانية، محوراً حساساً في المعادلتين الداخلية والإقليمية. هذا السلاح هو انعكاس لمسار تاريخي معقّد: سلاح الفلسطينيين ارتبط بنكبتهم واستمرار الاحتلال وغياب أي حلّ عادل لقضيتهم، وسلاح المقاومة اللبنانية الذي ولد من رحم الاجتياحات الإسرائيلية للبنان وضعف الدولة المركزية وتحوّل لاحقاً إلى عنصر توازن وردع أمام الاعتداءات المتكررة. من هنا، فإن أي نقاش حول مصير هذا السلاح لا يمكن أن يُختزل بقرارات تقنية أو بخطوات إجرائية أو فولكلورية، بل هو نقاش سياسي واستراتيجي بامتياز، يمسّ الأمن القومي اللبناني والإقليمي على حد سواء.

800-25.jpg

ثمة رؤيتان تتجاذبان أنظمة وشعوب المنطقة منذ ما يقارب الأربعة عقود ونيف، الأولى، تتمثل بـ"محور المقاومة" بقيادة إيران بُعيد انتصار ثورتها الإسلامية عام 1979، والتي تعتبر خيار المواجهة مع إسرائيل هو الطريق الناجع لانتصار القضية الفلسطينية. والثانية، تقوم على فكرة الواقعية السياسية وقراءة موازين القوى في المنطقة والعالم، وبالتالي تجنح نحو السلام، وتتمثل في ما تسمى دول "الاعتدال العربي"؛ الدول التي تبنت ما تسمى "الرؤية الإبراهيمية" وخاضت منذ سنوات غمار التطبيع المجاني مع إسرائيل.