لا برامج للغد، ولا غدٍ لبرنامج. نطلع قبل طلوع الآذان ببدء ورقة روزنامة. تصطف الأشياء بكامل هيبةٍ وشُحّ. تليها أناقة التصنيف، والفرز، وإدراج اللوازم، وإبعاد المُضجرات منها. نُصفّف الأشياء كي نلوي عنق رتابتها. تأخذ الأمور مجراها. وينتهي اللعب بعبثية وتأجيل تصنيف الأشياء بانتظار أن نسحب ورقة الروزنامة من غد يومٍ آفل.
نسحب ورقة. تسحَبُنا الورقة. نلحق بها. نلتقط هباءً. نعثر عليه في يوم غدٍ آتٍ يعثُر علينا كظلال لورقة روزنامة تبحث عن كشح الملل.
لا برامج ليوم غد، ولا غدٍ لبرنامج تعوزه البرامج. تحتاجه يدٌ فاقدة اللمس. يدٌ تبصر ناحية الثواني لتجبرها كـ”النفاثات في العقد” أن ترنو إلينا، أن تلفت انتباهها إلى حيث نحن. نحن الذين صرنا خلف ورقة روزنامة.. نقطُفها، تَتَبع عيوننا حبرها الأسود. ترميها يدُنا قبل أن ترمي يَدَنا منها.
إنها خدعة أيام تتبادل سر بقائها. ونتبادل أسرار أسئلتنا.
لا برامج ليوم غد، فالبرنامج سبقه التنفيذ. وتنفيذ البرنامج تحقّق على حين غفلة، على حين علمٍ معلوم، على حين أيدٍ كسبت الفساد بالفساد. على حين أرضٍ وسماء وماء.
تنبلج الحيرة مع كل غدٍ آفل. نهوِّل على أنفسنا بزفرة آنيّة. نلمح المسافات وقد اتسعت بين أرضٍ وسماء. نتلو صلوات. ننشد الرحمة الإلهية. نستجدي برفع الأيادي أن ترتفع عنا أيادي الملوّثين بغباء سخرية القوة وامتهان الأرواح.. أن تترك أيادي “فرعون” و”ثمود” و”عاد” و”نمرود” أيدي الواقفين أمام أوراق الروزنامة.. روزنامة تنبٍت الورود، وورود البساتين، وتنثُر الحكايات وتعيد لتصفيف الأشياء جماليات أشيائها، حنظلية كانت أم بماء زهر.
(*) صحافية لبنانية