هل ينهي “كورونا” حكم اردوغان؟

Avatar18024/05/2020
نتيجة لأزمة "كوفيد-19"، لن يتمكن "حزب العدالة والتنمية" الحاكم من الاعتماد على سردية النمو الاقتصادي للبقاء في السلطة. هذا ما خلص إليه احدث تقرير لمركز "ستراتفور" البحثي حول آفاق السياسة التركية في مرحلة الجائحة الوبائية للفيروس التاجي، انطلاقاً من حقيقة أن النمو الاقتصادي كان المحرّك الأساسي لتمكين حكم الرئيس رجب طيب أردوغان.

تجد تركيا نفسها اليوم مضطرة لاتباع سياسات مصممة لتخفيف الألم الاقتصادي الذي أصاب مؤيديها، والدفع، في الوقت ذاته، بأجندة قومية حيثما أمكن ذلك، حتى لو أدت هذه الجهود إلى خلق مشاكل محتملة أكثر وأكثر في المستقبل.

وسط تصاعد التداعيات المحلية والعالمية لأزمة “كوفيد -19″، يواجه “حزب العدالة والتنمية” تحدياً سياسياً واقتصادياً غير مسبوق، مع عدد قليل من الحلول القابلة للتطبيق.

لتعزيز ما تبقى من شرعيته قبل انتخابات العام 2023، من المرجح أن يضاعف الحزب الحاكم السياسات القومية والحمائية. ولكن بسبب الفشل في معالجة القضايا الأساسية التي يعاني منها الاقتصاد التركي، بما في ذلك البطالة المرتفعة والديون المتزايدة، فإن جهود إحكام السيطرة على الحكم قد تفشل في تحقيق هدفها في نهاية المطاف، ونتيجة لذلك، قد تشهد الأزمة المالية المتفاقمة في البلاد انهياراً مبكراً ليس للشركات التركية فحسب، بل أيضاً للهيمنة السياسية لـ”حزب العدالة والتنمية”.

لا يزال الاقتصاد التركي الهش يعاني من الركود الذي بدأ في العام 2018، وهو يبدو بالتالي غير مهيأ بشكل كافٍ للتداعيات المحلية والعالمية العميقة لأزمة “كوفيد-19”.

أوقفت أنقرة معظم رحلات السفر وفرضت حظراً للتجوال منذ أن بدأ انتشار الفيروس بالارتفاع في منتصف آذار/مارس، مقاومةً في الوقت ذاته الإغلاق الكامل ضمن إجراءات كبح الوباء.

ولكن حتى الإغلاق الجزئي أثّر بشدة على الاقتصاد التركي والاستقرار المالي. في نيسان/أبريل، توقع صندوق النقد الدولي أن ينكمش الاقتصاد التركي بنسبة 5 في المئة في العام 2020 ، على الرغم من أن هذا الرقم ربما يعكس تفاؤلاً!

ومن المرجح أن تكون البطالة، التي فاقمتها الجائحة الوبائية، أعلى بكثير من النسبة المرتفعة اصلاً في البلاد، والتي بلغت 13.8 في المئة في كانون الأول/ديسمبر في ظل “جفاف” السياحة وإغلاق المتاجر.

العملة التركية انخفضَ أيضاً سعرُ صرفها إلى 7 ليرات مقابل الدولار الواحد، لتنحدر بهذا الانخفاض إلى ما دون المستوى الأدنى الذي شهدته خلال أزمة آب/أغسطس 2018.

في محاولة للحفاظ على استقرار الليرة، استخدم البنك المركزي التركي، بتأثير مباشر من “حزب العدالة والتنمية”، كميات كبيرة من احتياطياته، التي انخفضت بما يقدر بنحو 40 مليار دولار في كانون الثاني/يناير و17-26 مليار دولار في نيسان/أبريل.

ويبدو الوضع مرشحاً لمزيد من التفاقم، خصوصاً أن الشركاء التجاريين الأوروبيين لتركيا – الذين يستحوذون على نصف صادراتها – يواجهون بدورهم تداعيات الانكماش الاقتصادي الناجم عن الوباء، ما يزيد من تقلص فرص السوق الأوروبية أمام المنتجات التركية.

تتسم استراتيجية تركيا لفترة ما بعد الإغلاق بانتعاش طويل الأمد ومؤلم في آنٍ معاً. ستعتمد الحكومة التركية  خطة “للتطبيع” من أربع مراحل حتى عام 2021، ما يخلق تحدياً سياسياً هائلاً لـ”حزب العدالة والتنمية” قبل الانتخابات الوطنية في العام 2023.

وإذا ضعفت شرعية “حزب العدالة والتنمية” بما فيه الكفاية، فقد يواجه انقساماً داخلياً حاداً داخل صفوفه، بما بما يكفي لإجراء انتخابات مبكرة.

على هذا الأساس، فإن الأجندة الوطنية لتركيا في الأشهر المقبلة ستكون مدفوعة بالضرورات السياسية للحزب الحاكم لضمان بقائه على رأس السلطة.

ضمن هذا التوجه سيتيح نفوذ “حزب العدالة والتنمية” على البنك المركزي والبرلمان إمكانية استخدام آخر الاحتياطيات المتبقية في البلاد، ويسخرها لمصلحته، ولكن بدلاً من استقرار الاقتصاد، سيستغل الحزب هذه الأموال لتخفيف الضغط الاجتماعي وتعويض الضغط السياسي.

وفي ظل الاستنزاف المستمر في احتياطات الدولة التركية، مع استمرار خسارة الإيرادات بسبب  أزمة “كوفيد-19″، سيميل “حزب العدالة والتنمية” بشكل متزايد إلى الاعتماد على المصارف الخاصة، وفرض أشكال من ضوابط رأس المال في محاولة للحفاظ على ملاءة الليرة التركية، ما سيؤثر سلباً على الاستهلاك المحلي و الإقراض والاستثمارات الأجنبية.

ومن غير المرجح أن تحصل تركيا على مقايضات مع قوى صديقة مثل الولايات المتحدة، التي ستتردد في توفير العملة لبنك مركزي يتمتع بسجل مريب من الاستقلال.

ما سبق سيضع “حزب العدالة والتنمية” أمام خيار غير مستساغ ، وهو اللجوء إلى مؤسسة مثل صندوق النقد الدولي من أجل خطة إنقاذ محتملة يعتبرها القوميون، وكذلك أردوغان نفسه، تهديدًا للسيادة المالية لتركيا.

سوف يتجنب “حزب العدالة والتنمية” اغضاب ناخبيه لأطول فترة ممكنة، ولكن كلما طال انتظاره للحصول على مساعدة صندوق النقد الدولي، كلما ازداد الضغط على الاقتصاد – بما يعني تآكل الدعم بين الناخبين الذين يضعون الاقتصاد على رأس اهتماماتهم. وعند نقطة معينة، من المحتمل أن يضطر الحزب الحاكم إلى مقاومة هذه المساعدة الدولية.

ستحاول الحكومة التركية التركيز بشكل أكبر على القومية لربط “حزب العدالة والتنمية” بالجمهور. لكن هناك مناطق قليلة في العالم يمكن لأنقرة أن تعمل فيها بشكل مستقل وقوي بما يكفي للحصول على مكانة قومية، الأمر الذي سيحد من هذه الاستراتيجية.

إقرأ على موقع 180  "هآرتس": إسرائيل تبحث عن صورة إنتصار ما!

في مناطق انتشار القوات التركية، أو مناطق سيطرة حلفاء تركيا، مثل سوريا ، ستتجنب أنقرة تصعيد عملياتها العسكرية خوفاً من العقوبات الأميركية أو إثارة صراع أكبر مع روسيا على المدى القريب، وسط تصاعد عدم اليقين الاقتصادي بسبب “كورونا”. بل من غير المرجح أن يعزز “حزب العدالة والتنمية” تدخله الذي لا يحظى بشعبية بالفعل في ليبيا، لأن القيام بذلك سيضر أكثر مما ينفع لمكانة الحزب السياسية في الداخل.

وبدلاً من ذلك، من المرجح أن تصعد تركيا خطابها القومي في نزاعات منخفضة المخاطر مع دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة. لكن من غير المرجح أن ينظر الناخبون الأتراك إلى هذه الخلافات الهامشية على أنها أكثر من مجرد دعاية، ما يعني أنه من غير المتوقع أن يكون لهذه الجهود تأثير قوي على تماسك “حزب العدالة والتنمية”.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download Nulled WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
Download WordPress Themes
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  أرمينيا.. الخطأ القاتل