“حل النزاعات وقواعد السلم والحرب”.. نماذج إقليمية ودولية

كتاب "حل النزاعات وقواعد السلم والحرب – نماذج إقليمية ودولية" للكاتب والباحث د. علي مطر.. محاولة للإجابة عن إشكالات متعددة ترتبط بالنزاعات الدولية.

سعت الدول والمجتمعات منذ القدم إلى تحقيق مصالحها وتأمين استقلالها واستقرارها وحماية شعوبها وسيادتها، إلا أنّ ذلك لم يحل دون وقوع العديد من النزاعات، نظراً لطبيعة العلاقات الدولية القائمة على التعاون والتنافس في آنٍ واحد. وكان من الطبيعي أن يأتي في صدارة هذه الخلافات والمنازعات تلك المتعلقة بسيادة الدولة وسلامة أقاليمها.

هذه الصراعات والنزاعات تُعدّ من أعقد وأخطر المنازعات الدولية، منذ نشوء النظام القانوني لهذه الدول. فيما احتلت المناطق البحرية مكانةً استراتيجيةً خاصّةً على صعيد العلاقات الدولية، والجغرافيا السياسية، لما تكتنزه من ثرواتٍ نفطيةٍ وغازيةٍ. وتمثّل هذه المكانة محوراً من محاور النزاع الدوليّ الذي يشهده العالم، سعيًا وراء النفوذ والقوة والسيطرة على الموارد الاقتصاديّة لا سيّما النفطيّة منها، وهذه النقطة يركز عليها كتاب الدكتور علي مطر.

هذه الصراعات والنزاعات التي لا تفتأ تحصل بين الفاعلين الدولييّن منذ القدم حتى عصرنا الراهن، تتناقض مع مبدأ حظر استخدام القوة في العلاقات الدولية والذي تبلور بشكلٍ واضحٍ بعد الحرب العالمية الثانية، في ضوء ما نصّ عليه ميثاق الأمم المتحدة، بدعوة الدول الأعضاء إلى حل منازعاتهم الدولية “بالوسائل السلمية على وجه لا يجعل السلم والأمن والعدل الدولي عرضة للخطر”، وتضمن البند التالي إلتزام الدول نفسها بالإمتناع “عن التهديد باستعمال القوة أو استخدامها ضد سلامة الأراضي أو الاستقلال السياسي لأية دولة أو على أي وجه آخر لا يتفق ومقاصد الأمم المتحدة”.

الكثير من الأسئلة المتعلّقة بتسوية النزاعات، يجيب عنها كتاب “حل النزاعات وقواعد السلم والحرب – نماذج إقليمية ودولية”، ولا سيما طرق تعيين الحدود البرية والمائية والتي تشكل جزءًا مهمًا من إقليم الدولة ذات السيادة

لقد أرسيت قواعد هذه المبادىء في القانون الدولي ببطء عبر التاريخ، ولم يتم احترامها من دول كثيرة، حتى بعد تثبيتها في الميثاق الأممي. لقد حاول المجتمع الدولي وفقهاء القانون الدولي ومنظرو العلاقات الدولية بعد الحرب العالمية الثانية، وضع قيود على هذا المبدأ، إلى أن تمّ منع استخدام القوة كلياً في العلاقات الدولية من قبل الأمم المتحدة، لكن مع الأخذ بالاعتبار استثناءات يتمثل أهمها في حق الدفاع عن النفس.

وتتعدد أسباب اللجوء إلى القوة في العلاقات الدولية، فغالباً ما يتم اللجوء إليها لحماية سيادة الدولة وأمنها ضدّ الأخطار الخارجية التي تهدّدها، كما قد تتخذها الدولة وسيلةً لفرض وجهة نظرها على غيرها من الدول، وعادةً ما كانت تُستخدم القوة وسيلةً لتسوية المنازعات الدولية، وتارةً أخرى لترسيم حدود الدولة والحصول على أكبر مساحةٍ ممكنةٍ من اليابسة والمياه. ويرجع التزايد في استخدام القوة في العلاقات الدولية، إلى طبيعة النظام الدولي والفاعلين فيه، خاصة النظام الأحادي، الذي ساد ما بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، وسقوط الثنائية القطبية، حيث تتركز الهيمنة والاستئثار بالقوة لمعاقبة وردع الرافضين لهيمنة الولايات المتحدة الأميركية على العالم.

هذه الهيمنة التي تحدث في ظلّ التطور التكنولوجي من ناحية، والبحث عن البدائل الاقتصادية واستثمار الثروات من ناحيةٍ أخرى، تجعل هناك فرضيات كثيرة لوقوع الحروب وتطور النزاعات الدولية المتعلقة بالحدود، ما يجعل فرضية نشوب الحرب قائمة باستمرار، وبالتالي نكون أمام خرق لمبدأ منع استخدام القوة في العلاقات الدولية، والذي يقابله استثناء شرعي هو حق الدفاع عن النفس في مواجهة العدوان.

وعلى الرغم من ذلك، تبقى الوسائل السلمية في أحيانٍ كثيرة ممكنة الحصول، وتشكّل باباً واسعاً لمنع نشوب الحروب أو تأجيلها. إنّ هذه الوسائل السلمية لحل النزاعات الدولية يمكن أن تكون فعّالة، في حال تم تطوير عمل الأمم المتحدة، لتعلب دوراً فاعلاً يعطيها دورها الحقيقي، في حال تخلّصها من الهيمنة على قراراتها، وهو ما يجنب العلاقات الدولية الكثير من الأزمات ويحافظ على ما يقرّه القانون الدولي.

 إنّ العلاقات الدولية اليوم تمرّ في مرحلة تحوّلٍ خطر، يمكن أن نكون معها أمام حقبة جديدة تطوي صفحة هيمنة الولايات المتحدة الأميركية على النظام الدوليّ، والتحوّل بشكلٍ جديّ إلى نظام متعدد الأقطاب، أو إلى نظام مشكّلٍ من دولٍ متكتلةٍ لمواجهة بعضها البعض. لذلك فإن هذه المرحلة يمكن أن تشهد الكثير من التغيرات أيضاً على مستوى المنظمات الدولية، ما يجعلنا أمام دعوةٍ متجددةٍ لضرورة الإصلاح الشامل لمنظمة الأمم المتحدة، لتصبح أكثر ديناميكية بالتعامل مع هذا التطوّر والتحوّل المنتظر، فلا يمكن أن يبقى التنظيم الدولي كما هو عليه منذ عام 1946.

ما تقدّم كله يجعل باحثاً كالدكتور علي مطر يطرح في كتابه الجديد الذي صدر عن دار المعارف الحكمية تحت عنوان “حل النزاعات وقواعد السلم والحرب – نماذج إقليمية ودولية” مجموعةً من القضايا المتداخلة بين القانون الدولي والعلاقات الدولية، تتمحور إشكالياتها في معظمها حول كيفية ترسيم الحدود وتحوّلها إلى سببٍ للنزاعات الدولية والطرائق المستخدمة في تسويتها، بالإضافة إلى قواعد الحرب والسلم والدفاع عن النفس بين القانون الدولي والإسلام، فضلاً عن ضرورة إصلاح منظمة الأمم المتحدة لكي تواكب تراكم هذه النزاعات وتطورها.

إقرأ على موقع 180   عن كورونا ونظرية المؤامرة: غيتس ضحية أم مجرم؟

إن الكثير من الأسئلة المتعلّقة بتسوية النزاعات، يجيب عنها كتاب “حل النزاعات وقواعد السلم والحرب – نماذج إقليمية ودولية”، ولا سيما طرق تعيين الحدود البرية والمائية والتي تشكل جزءًا مهمًا من إقليم الدولة ذات السيادة.

ويتطرق الكاتب أيضاً إلى النزاع على الحدود المائية للبنان مع كيان العدو الإسرائيلي، وطرق تحديد هذه الحدود وفق القانون الدولي. كما يعمل على توضيح مسألة حق لبنان في حماية ثرواته والدفاع عن النفس.

(*) يوقع د. علي مطر كتابه “حل النزاعات وقواعد السلم والحرب – نماذج إقليمية ودولية” الصادر عن دار المعارف الحكمية بدءًا من الساعة السادسة من مساء يوم الخميس في 8 كانون الأول/ديسمبر 2022، في معرض الكتاب العربي والدولي للكتاب (جناح دار المعارف)، في محلة البيال سابقًا (مركز سي سايد للمعارض).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

باحثة لبنانية

Free Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180   عن كورونا ونظرية المؤامرة: غيتس ضحية أم مجرم؟