لم أكن صحافية، ولم أكن أعرف الكثير عن مهنة الصحافة ومصنعها.. لكنني أحب الكتابة. لم تكن المقابلة الأولى في جريدة “السفير” مع الاستاذ طلال بل مع ابنته هنادي التي قالت لي بالحرف إنها تحتاج إلى محررة علمية. وقتها، لم أكن أنا أيضاً أعرف تماماً ماذا تعني بمحررة علمية. غير أنها، وقبل زمن انتشار وباء الكورونا وقبل انتشار المؤتمرات وورش العمل عن الصحافة العلمية في العالم العربي بوقت كثير، كانت تعي أهمية الكتابة عن العلوم في الصحافة العربية.
أعرف أن باب مكتب الأستاذ طلال كان مفتوحاً دائماً، ولكنني كنت أخجل من زيارته أو حتى الصعود إلى الطابق السادس إلا لزاماً. كنت أنصت إليه بشدة، وكنت أراقب حركة يديه بتمعن، وأفكر في نفسي كيف لهذه الأيادي أن تكتب على مرّ هذه السنوات بحب، وبصدق، وبعمق، وبأمل.. وكنت أراقبه، وهو يتقصدّ أن يهبط الدرج ويزور جميع الأقسام في مبنى الجريدة، ويلقي السلام على الزملاء، مشجعاً، داعماً، ومانحاً للفرص ومُقدّراً الجهد بكلمة “يعطيك العافية”..
ليس سهلاً أن تجد في الحياة من يمنحك فرصة، فرصة أن تكتشف ذاتك وأنت لا تدركها، وأن تعبّر عن ذاتك وأنت ضائع في هواجسك وأفكارك، وليس سهلاً أن يخلق الأشخاص مساحة لهم وللآخرين لصياغة ذواتهم وبلورتها بألق جميل وبمسار أجمل.
قلت لي “حبي الحياة.. حتى تحبك”.. ولكنك لم تقل لي كيف.. وخجلت أن أسالك.
أتظن أننا ونحن نلتقط الكلمات.. نحبّ الحياة وتحبنا؟
شكراً لكل هذا الحب أستاذ طلال.. شكراً لكل كلمة من كلماتك.