إنفجار بيروت بعيون تل أبيب: إبعاد الحرب أم إقترابها؟

منذ إندلاع ألسنة اللهب الأولى في مرفأ بيروت، قبل اسبوع، كرت سبحة التعليقات في وسائل الإعلان ومراكز الدراسات الإسرائيلية.. نيترات الأمونيوم المتفجرة في فضاء بيروت، تحيل إلى ما بوسع معامل الأمونيوم في حيفا أن تفعل، فيما لو قيض لتهديدات الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بضربها، أن تتحقق.

وقع الإنفجار- الزلزال في بيروت في لحظة حرجة كانت تلقي بظلالها على حدود لبنان مع فلسطين المحتلة، حيث كان الجميع بإنتظار ردة فعل حزب الله على إستهداف إسرائيل أحد كوادره في دمشق في تموز/يوليو الماضي. تذهب التحليلات الإسرائيلية بإتجاه التركيز على أن الحزب بات معنياً بترميم وجوده، وبأنه سيضطر إلى تأجيل رده، وربما إلى التغاضي عنه، بسبب التغيير الذي فرضه المستجد الأمني في بيروت، على لائحة أولويات حزب الله. تتقاطع تحليلات الصحافة العبرية عند هذا الإستنتاج لكنها لا تكتفي به. إذ تتباين آراء المحللين الإسرائيليين في توصيفها للحدث. هناك من يعتبره مجرد صدفة أمنية فاقدة للصلة بإجراءات حزب الله، لكن ثمة من يصر على أن الفتيل المشتعل يبدأ من الحزب، وإن كان لا ينتهي عنده.

ترامب: مشعل الحرائق

يشير المعلق العسكري في صحيفة “يديعوت أحرنوت” رون بن يشاي إلى معطيين متصلين بإنفجار بيروت. الأول، أن يكون حادثة عابرة لا نملك ما يبرر الإرتياب بشأنها، في حين يرتبط الثاني بإنعدام أي صلة لإسرائيل بها. وبين المعطيات التي يستند إليها الكاتب في ما يذهب اليه، القول إن ليس لحزب الله أي مخازن أسلحة في مرفأ بيروت.

يعتبر الكاتب أن ما من كلمة يمكن أن تصف الضرر المتأتي من مزاعم الرئيس الأميركي دونالد ترامب بأن الإنفجار ناجم عن قنبلة، واصفاً الرجل بأنه “عديم المسؤولية، ومهووس بإشعال الحرائق”. ذلك أن كلامه يلقي بالمسؤولية ضمناً على إسرائيل، ويضع علامة إستفهام على إعلانها القاطع بأن لا علاقة لها بما حصل، وقد تسبب لها بضرر لا يمكن تقديره.

ولم يستبعد المحلل الإسرائيلي أن يكون للكارثة التي ضربت لبنان أثر إيجابي على الوضع الإقتصادي في هذا البلد. ذلك أن دولاً وهيئات إقتصادية كثيرة صار بإمكانها تخطي العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة عليه، وتقديم مساعدات ومنحاً وهبات وقروضاً هو بأمس الحاجة اليها، خاصة بعد إستقالة الحكومة الحالية التي يصفها الغرب، وبعض العرب، بأنها حكومة حزب الله. ويرجح بن يشاي أن يكون لبنان بعد الكارثة أقرب إلى الغرب، إذ لن يكون بوسع حزب الله الإعتراض على المساعدات الغربية. ويخلص إلى الإستنتاج بأن حزب الله سيحرص في المرحلة المقبلة على أن يكون درعاً للبنان،  وسيقدم كل ما راكمه من تجهيزات طبية ولوجستية واقتصادية كان يحتفظ بها لمواجهة إسرائيل، إلى الشعب اللبناني، الذي بات بأمس الحاجة إليها، وبالتالي لن يكون لديه الوقت والإمكانية للدخول في مواجهة مع إسرائيل بهدف ترسيخ قواعد اللعبة.

الصواريخ الدقيقة خط أحمر

من جانبه، يضع المحلل العسكري في جريدة “معاريف” تال ريف رام حدث إنفجار مرفأ بيروت في خانة المصلحة الإسرائيلية، إذ من شأنه أن يعطي اللبنانيين فكرة عن حجم الخسائر التي ستلحق بهم في حال قيام حرب مع إسرائيل. ويشير رام إلى أن الإسرائيليين يأملون بأن يتصاعد الضغط الشعبي على حزب الله بعد الإنفجار، وإن كان ما حصل في السنوات الأخيرة لا يشجع على مثل هذا الإعتقاد.

ويضيف أنه بالرغم من أن إسرائيل تضع أي محاولة من جانب حزب الله لإستهدافها في إطار عملية الإنتحار السياسي للحزب، إلا أن مستوى تأهب الجيش الإسرائيلي على الحدود مع لبنان لا يزال في ذروته، بأمر من رئيس الأركان أفيف كوخافي، وذلك بإنتظار أن تتضح الصورة. وينقل رام عن تقديرات إستخباراتية إسرائيلية توقعها بأن يجد حزب الله صعوبة في مواجهة التداعيات التي سيتركها الإنفجار على مواقف اللبنانيين منه.

أنموذج للحرب المقبلة

بدوره، يعتبر الكاتب في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أن مشاهد الدمار في بيروت قدمت للاسرائيليين تحذيراً مزدوجاً: كيف يمكن أن تبدو الحرب المقبلة مع حزب الله حتى في الجانب الجنوبي من الحدود، حيث التجمعات السكانية المكتظة ستكون هدفا للاصابة، وماذا يمكن أن تكون تداعيات المس بموقع يحتوي على مواد خطيرة مثل مصافي النفط في خليج حيفا، وعلى السكان الذين يعيشون حوله. وتوقع هرئيل أن يدفع الانفجار في بيروت إلى تسريع عملية الاخلاء في حيفا التي تتباطأ منذ سنوات.

​وإعتبر هرئيل أنه لدى لبنان، كما لدى اسرائيل، الكثير مما يمكن خسارته إذا وقعت الحرب المستقبلية بينها وبين حزب الله. في حين أنه يمكن لإنفجار بيروت أن يساهم في إبعاد هذه الحرب.

ولم يستبعد المحلل في “هآرتس” أن يثير الميناء اللبناني المنهار شهية الصين لتوسيع مبادرتها “الحزام والطريق” التي تقوم على بناء الموانىء وشق الطرق في أرجاء العالم. كذلك شهية روسيا التي ستحتفي، إذا وجدت التمويل، بموطىء قدم آخر على شاطىء المتوسط، بعد ميناء طرطوس السوري.

إقرأ على موقع 180  هاجس أهل البيت الخليجي.. الحماية الخارجية أولاً!

ترامب ليس متحمساً لأفكار ماكرون

ووصف المحلل يوني بن مناحيم الوضع في لبنان بأنه “متفجر”، وقال نقلاً عن مصادر أميركية إن ترامب “ليس متحمسًا لأفكار الرئيس الفرنسي حول تغيير الوضع في لبنان، فموقفه حازم تجاه إيران وحزب الله، وإذا تم انتخابه لولاية أخرى، فمن المتوقع أن يزيد الضغط على إيران وفروعها في الشرق الأوسط”، وأضاف “يبدو أن الأزمة السياسية في لبنان مستمرة في شكلها الحالي، ومن المتوقع أن تتفاقم في الأسابيع المقبلة ، على الرغم من الكارثة الشديدة في مرفأ بيروت ، حتى تتضح نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية ونوايا الولايات المتحدة تجاه إيران وحزب الله”، وختم بالقول إن إيران من خلال حزب الله “لن توافق على أي مبادرة أو تحرك من شأنه إضعاف موقعها في لبنان أو قوة حزب الله، كما يبدو في الوقت الحالي من سيدفع ثمن الأزمة السياسية هو شعب لبنان”.

وكتب المحلل إيال زيسر في “يسرائيل هيوم” أنه “لا ينبغي الاستخفاف بصورة نصرالله على عمود مشنقة في شوارع بيروت. فهل هذه بداية النهاية؟ من الصعب معرفة ذلك، ولكنها بالتأكيد ستكون نهاية أسطورة درع لبنان، وأسطورة السياسي الذكي الذي لا يهزم. وفي كل الأحوال، ثمة ما يجعل نصرالله كياناً مصاباً وجريحاً، وضعفه قد يمس بتفكيره”.

التقاط “فرصة الحرب”!

​ويقول الخبير الأمني الإسرائيلي عمير دستري (نقلا عن موقع عكا) إن الظروف الحالية مؤاتية نسبيًا إذا إندلعت حرب مع حزب الله، وإن على إسرائيل أن تخاطر. وأضاف “في النهاية، الحرب مع حزب الله في لبنان أمر لا مفر منه، والمسألة هي متى تقع وليس ما إذا كانت ستقع، فهذا التنظيم يزداد قوة، ومن الممكن أن يكون الوقت الراهن هو أنسب فرصة لإسرائيل كي تدمر قدراته.  ويختم بالقول: “بسبب جائحة كورونا (كوفيد 19) فإن معظم الإسرائيليين موجودون بالفعل في المنازل، والإقتصاد الإسرائيلي تضرر بشكل كبير. السياحة غير موجودة. وفي واشنطن توجد واحدة من أكثر الحكومات الأميركية دعمًا لإسرائيل، وهي من المفترض أن تدعمها وأن تعطيها مساحة كبيرة في الحرب”.

Print Friendly, PDF & Email
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  "فورين بوليسي": نتنياهو عندما يُكرّر خطأ بوش الإبن!