نضال خالد, Author at 180Post

750.jpg

يُعدّ مفهوم الخلافة ركيزة أساسية في الفكر السياسي الإسلامي، إذ ارتبط منذ نشأته بالبعدين الديني والسياسي. من الناحية الدينية، تُمثّل الخلافة امتدادًا لسلطة النبوة وحماية الشريعة. من الناحية السياسية، الخلافة هي نموذج لحكم يوازن بين القيم الدينية وإدارة شؤون الدولة. وقد ارتبط هذا المفهوم تاريخيًا بالوحدة والشرعية، وأصبح رمزًا للهوية الجماعية، مع حنين دائم إلى "العصر الذهبي" للخلفاء الراشدين.

800-37.jpg

منذ عقود، بدت سوريا كما لو أنها دولة صلبة لا تهتز. جيش قوي، أجهزة أمنية متغلغلة، حزب حاكم يرفع شعارات الوحدة والاشتراكية، ورئيس يجلس على كرسيه مطمئنًا أن البلاد تحت قبضته. لكن خلف هذه الصورة كانت تتشكل قصة أخرى، قصة بلد هشّ تحكمه شبكة من أجهزة المخابرات، الولاءات الطائفية والعشائرية، والمصالح الضيقة، فيما هوامشه تنزف فقرًا وتهميشًا. وعندما انهار المركز عام 2024، انكشفت الحقيقة كاملة: سوريا لم تكن دولة متماسكة بقدر ما كانت مسرحًا لصراع الهويات، ولعبة شدّ حبال بين مركز متغطرس وهامش صبور ثم متمرد.

750-15.jpg

من بعيد، تتلألأ دمشق كجوهرة خالدة، يراها المسافر المتعب بعد رحلةٍ كأنها ألف عام. إنها جوهرة الشرق وذاكرة الأرض، التي وُلِدَت مع أول خيط نور عرفته البشرية. أحلام الملوك وجنون الفاتحين، تنفست تنفس تدمُر فتربّعت على عرش الصحراء، وأصبحت سيدة القوافل التي وقفت في وجه روما العظيمة.

800-32.jpg

لطالما شكّل السلاح في لبنان محورًا مركزيًا للصراع السياسي والاجتماعي منذ منتصف القرن العشرين، فوجود السلاح خارج سلطة الدولة لم يكن مجرد استثناء بل أصبح قاعدة. هذه الدينامية تُهدّد بإعادة إنتاج الانقسامات الطائفية والسياسية وفتح الطريق أمام تدخلات خارجية متكررة.

800-19.jpg

مع سقوط نظام بشّار الأسد وصعود أحمد الشّرع إلى السلطة في دمشق عام 2024، دخلت سوريا مرحلة سياسية جديدة أنهت أربعة عقود من حكم آل الأسد. قدّم النظام الجديد نفسه باعتباره منفتحًا على العالمين العربي والغربي، وباحثًا عن إعادة بناء الثقة الإقليمية ودور سوريا التاريخي في المنطقة. لا يمكن فهم هذا التحول إلا عبر قراءة تاريخية لتجربة العلاقة السورية-اللبنانية، خصوصًا مع المكوّن السني، حيث يبرز الفارق الحادّ بين "سُنّة المدن" و"سُنّة الأطراف".

800-12.jpg

لم تكن الطائفة في المشرق العربي يومًا قدرًا حتميًا محفورًا في الجينات الثقافية للمنطقة، بل كانت إحدى تجلّيات الهوية الاجتماعية والدينية. اليوم تبدو أكثر من ذلك. لم تعد مجرد انتماءٍ فرعيٍّ بل مصيرٍ وجوديّ. هذا التحوّل هو نتاج انهيار متسلسل للمشروع الوطنيّ الذي وُلِدَ على أنقاض الاستعمار، وتآكل فكرة الدولة الحديثة التي كان يُفترَض بها أن تكون عقدًا جامعًا يعلو على الولاءات الجزئية والفرعية.

800-4.jpg

يُشكّل المسلمون السُنّة في العالم العربي أكثرية ديموغرافية وثقافية ودينية تمتد من المحيط إلى الخليج. وبرغم هذا الثقل العددي، لم تتمكن الجماعات السُنيّة في معظم الدول العربية من التحوّل إلى "مكوّن وطني شريك" ضمن دول تتسم بتعدّد الهويات والانتماءات. وبين إرث "التفوّق التاريخي" الذي ورثوه عبر قرون من الزمن، وواقع "الانكماش السياسي" الذي يعيشه الكثير منهم اليوم، يواجه السنّة ما يمكن وصفه بـ"أزمة وعيٍ سياسيٍّ غير مكتملة".

800-31.jpg

في كانون الأول/ديسمبر 2024 شهدت سوريا تحولًا سياسيًا جذريًا تمثّل في سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة انتقالية حظيت باعتراف دولي وعربي سريع، وقد أدى هذا التطور بالإضافة إلى رفع العقوبات الدولية الأميركية والأوروبية عن سوريا إلى فتح الباب أمام عودة النازحين السوريين من دول الجوار ومنها لبنان.

800-20.jpg

شكل إعلان "دولة لبنان الكبير" في الأول من أيلول/سبتمبر سنة 1920 لحظة مفصلية في تاريخ تأسيس لبنان الحديث، لكن هذا الكيان الوليد لم يحظَ بإجماع "وطني شامل". فكانت هذه الولادة تتويجًا لمشروع نخبة مارونية صرفة سعت جاهدة لقيام دولة "لبنانية مستقلة عن سوريا" تلبي طموحاتها وأحلامها السياسية والاقتصادية.

f7a6c947-c3ec-4727-a853-c1f0f48b34e6-800x549-1.jpeg

شهدت سوريا تحولات جيوسياسية عميقة في أواخر عام 2024 مع انهيار نظام بشار الأسد في سوريا وتولي أحمد الشرع زمام السلطة الجديدة. تحولاتٌ أرخت بظلالها على المشهد السياسي اللبناني، ولا سيما ما يتعلق بالاصطفافات المذهبية التي لطالما كانت سمة مميزة للساحة اللبنانية في العقدين الأخيرين اللذين أعقبا الغزو الأميركي للعراق (2003) ومن ثم اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري (2005).