نضال خالد, Author at 180Post

800-29.jpg

عقود مضت على توقيع اتفاق الطائف، الاتفاق الذي وُصف حينها بأنه نقطة الانطلاق نحو لبنان جديد؛ دولة مدنية حديثة تُعيد تنظيم السلطة بعد حرب أهلية استمرت خمسة عشر عامًا. آنذاك بدا الطائف كحل وسط بين القوى اللبنانية، بُني على توازنات إقليمية ودولية، وسعى لإعادة ترتيب الدولة على أسس دستورية جديدة، مع منح الطوائف اللبنانية حصصًا محددة في السلطة لضمان الاستقرار الدستوري.

799.jpg

الأزمة السورية لم تكن مجرد عبء على سوق العمل اللبناني بل وفّرت في مراحلها الأولى دفعة توظيفية عبر القنوات الدولية والمحلية غير أن هذا الأثر كان مرحليًا ولم يتحوّل إلى فرص عمل مستدامة تندمج في الاقتصاد المنتج.. ومع تقلص التمويل برزت هشاشة هذه الوظائف وانكشاف آلاف العاملين على مخاطر البطالة ما يستدعي استراتيجيات لربط هذه الخبرات المكتسبة بقطاعات إنتاجية قادرة على الصمود

Sectarianism_Lebanon.jpg

يشهد لبنان صراعات طائفية متجددة منذ منتصف القرن العشرين، استمرت برغم انتهاء الحرب الأهلية بفضل اتفاق الطائف، عام 1989. هذا الاتفاق لم ينهِ العقلية الميليشياوية، بل دمج الزعماء في مؤسسات الدولة، ما حوّل إدارة البلد إلى منظومة قائمة على المُحاصصة والولاءات الطائفية.

750.jpg

يُعدّ مفهوم الخلافة ركيزة أساسية في الفكر السياسي الإسلامي، إذ ارتبط منذ نشأته بالبعدين الديني والسياسي. من الناحية الدينية، تُمثّل الخلافة امتدادًا لسلطة النبوة وحماية الشريعة. من الناحية السياسية، الخلافة هي نموذج لحكم يوازن بين القيم الدينية وإدارة شؤون الدولة. وقد ارتبط هذا المفهوم تاريخيًا بالوحدة والشرعية، وأصبح رمزًا للهوية الجماعية، مع حنين دائم إلى "العصر الذهبي" للخلفاء الراشدين.

800-37.jpg

منذ عقود، بدت سوريا كما لو أنها دولة صلبة لا تهتز. جيش قوي، أجهزة أمنية متغلغلة، حزب حاكم يرفع شعارات الوحدة والاشتراكية، ورئيس يجلس على كرسيه مطمئنًا أن البلاد تحت قبضته. لكن خلف هذه الصورة كانت تتشكل قصة أخرى، قصة بلد هشّ تحكمه شبكة من أجهزة المخابرات، الولاءات الطائفية والعشائرية، والمصالح الضيقة، فيما هوامشه تنزف فقرًا وتهميشًا. وعندما انهار المركز عام 2024، انكشفت الحقيقة كاملة: سوريا لم تكن دولة متماسكة بقدر ما كانت مسرحًا لصراع الهويات، ولعبة شدّ حبال بين مركز متغطرس وهامش صبور ثم متمرد.

750-15.jpg

من بعيد، تتلألأ دمشق كجوهرة خالدة، يراها المسافر المتعب بعد رحلةٍ كأنها ألف عام. إنها جوهرة الشرق وذاكرة الأرض، التي وُلِدَت مع أول خيط نور عرفته البشرية. أحلام الملوك وجنون الفاتحين، تنفست تنفس تدمُر فتربّعت على عرش الصحراء، وأصبحت سيدة القوافل التي وقفت في وجه روما العظيمة.

800-32.jpg

لطالما شكّل السلاح في لبنان محورًا مركزيًا للصراع السياسي والاجتماعي منذ منتصف القرن العشرين، فوجود السلاح خارج سلطة الدولة لم يكن مجرد استثناء بل أصبح قاعدة. هذه الدينامية تُهدّد بإعادة إنتاج الانقسامات الطائفية والسياسية وفتح الطريق أمام تدخلات خارجية متكررة.

800-19.jpg

مع سقوط نظام بشّار الأسد وصعود أحمد الشّرع إلى السلطة في دمشق عام 2024، دخلت سوريا مرحلة سياسية جديدة أنهت أربعة عقود من حكم آل الأسد. قدّم النظام الجديد نفسه باعتباره منفتحًا على العالمين العربي والغربي، وباحثًا عن إعادة بناء الثقة الإقليمية ودور سوريا التاريخي في المنطقة. لا يمكن فهم هذا التحول إلا عبر قراءة تاريخية لتجربة العلاقة السورية-اللبنانية، خصوصًا مع المكوّن السني، حيث يبرز الفارق الحادّ بين "سُنّة المدن" و"سُنّة الأطراف".

800-12.jpg

لم تكن الطائفة في المشرق العربي يومًا قدرًا حتميًا محفورًا في الجينات الثقافية للمنطقة، بل كانت إحدى تجلّيات الهوية الاجتماعية والدينية. اليوم تبدو أكثر من ذلك. لم تعد مجرد انتماءٍ فرعيٍّ بل مصيرٍ وجوديّ. هذا التحوّل هو نتاج انهيار متسلسل للمشروع الوطنيّ الذي وُلِدَ على أنقاض الاستعمار، وتآكل فكرة الدولة الحديثة التي كان يُفترَض بها أن تكون عقدًا جامعًا يعلو على الولاءات الجزئية والفرعية.