إجتماع روما البابوي.. مسيحيو الشرق ضمانة مسيحيي لبنان!

لبنان على موعد في الاول من تموز/ يوليو مع محطة فاتيكانية في روما تتمثل في الاجتماع الذي دعا اليه الحبر الاعظم البابا فرنسيس ويضم رؤساء الطوائف المسيحية.

سيكون للبابا فرنسيس كلام اساسي يعيد لبنان الى خارطة الاهتمام الدولي، في مشهدية تستعيد ما قام به البابا الراحل يوحنا بولس الثاني يوم جعل لبنان قضيته حتى انتهاء الحرب الأهلية (1990)، ومن ثم مواكبة مرحلة البناء والإعمار وصولاً إلى زيارته الشهيرة للبنان في العام 1997.

الكلام الذي سيقوله البابا فرنسيس علناً وفي الجلسات الداخلية سيكون في معظمه من وحي الارشادين الرسوليين ونداء البابا نفسه الذي وجهه الى اللبنانيين في أيلول/ سبتمبر الماضي وأوفد بعده مباشرة أمين سر الدولة الكاردينال بيترو بارولين الى لبنان (رئيس حكومة الفاتيكان)، وسيشدد البابا فرنسيس، بحسب مصادر كنسية لبنانية قريبة من الفاتيكان، على العناوين الآتية:

1-لا وجود للبنان من دون روحية الشراكة.

2-لبنان يشكل قيمة مضافة للشرق كما للغرب.

3-على المسيحيين ان يكونوا مبادرين، وعلى المسلمين ان يكونوا ايضا مبادرين للحفاظ على هذا العيش معاً وسط التقلبات والتغيرات التي تشهدها المنطقة.

4- لا أحد يحل محل اللبنانيين في حل قضاياهم والفاتيكان لا يتدخل في الشؤون السياسية لأي بلد “ولا يملك العصا السحرية لحل ازمة لبنان”.

وانطلاقا من الوقائع الاقليمية والدولية التي تتغير بسرعة، تواصل البابا فرنسيس مع الرئيس الاميركي جو بايدن، كما مع العديد من قادة العالم، وأجرى اتصالات مع المكون الاسلامي السني في الدول العربية وقام بزيارة الى العراق لتوطيد العلاقات مع المكون الشيعي على ان يستكمل توقيع “وثيقة الاخوة الانسانية” مع هذا المكون من بعد رفع الحصار الغربي عن ايران. وهنا ظهر بشكل جلي أن “الدبلوماسية الفاتيكانية تنظر بشكل مغاير للنظرة الفاتيكانية السابقة القائلة بأن المسيحيين في لبنان هم ضمانة لمسيحيي الشرق. أما النظرة الجديدة فتقوم على تقوية مكانة ووضعية مسيحيي الشرق حتى يكونوا ضمانة لمسيحيي لبنان”، وهذا الأمر تنبه إليه كاثوليكوس الارمن الارثوذكس آرام الاول (بطريرك بيت كيليكيا)، وهو في احد الاوقات ترأس مجلس كنائس الشرق الاوسط ويلم بالتفاصيل والمواجع، وآخرها ما حل بأرمينيا عندما جاءت التسوية السياسية على حسابها، فكانت النتيجة أن أرمينيا خسرت الحرب الاخيرة في إقليم ناغورنو كراباغ مع أذربيجان لحسابات روسية ـ تركية.

هذا التطور الخطير، شكل حافزا كبيرا للكاثوليكوس ارام الاول للتواصل مع البابا فرنسيس الذي تربطه به علاقة وطيدة، وتكلل التواصل بزيارة البابا فرنسيس الى ارمينيا واعتراف الفاتيكان بالابادة الارمنية. في السياق ذاته، تمنى آرام الاول على البابا فرنسيس التفكير بمبادرة تخص لبنان لانه من الخطورة بمكان ترك هذا البلد على وضعه الحالي، وقد تلقف البابا هذا الأمر خصوصا انه يأتي من بطريرك ارثوذوكسي فكانت الدعوة لاجتماع رؤساء الكنائس المسيحيين.

الاجتماع الذي سيعقد في الاول من تموز/ يوليو ليس الاول من نوعه، لان البابا الراحل يوحنا بولس الثاني بادر اليه والتقى خلال حبريته الطويلة بطاركة الارثوذكس في الشرق، ومن ثم بطاركة الكاثوليك، وبعدها التقى بهم لمرتين مجتمعين، الاولى عام 1983 اثناء “حرب الجبل” في ذروة الحرب الأهلية اللبنانية، والثانية عام 1991 ابان حرب الخليج. في اللقاء الثاني كان للبابا يوحنا بولس الثاني موقف بارز ضد إحتلال العراق للكويت والتدخل الاميركي وكل الحروب التي خاضتها اميركا في الخليج، وكان البابا يوحنا بولس الثاني من الذين بادروا بعدما تواصلت معه ايران وكذلك العراق لانهاء الحرب الايرانية العراقية، كما لعب دورا حاسما في ملف تبادل الاسرى بينهما عبر القاصد الرسولي في العراق.

الدبلوماسية الفاتيكانية تنظر بشكل مغاير للنظرة الفاتيكانية السابقة القائلة بأن المسيحيين في لبنان هم ضمانة لمسيحيي الشرق. أما النظرة الجديدة فتقوم على تقوية مكانة ووضعية مسيحيي الشرق حتى يكونوا ضمانة لمسيحيي لبنان

اذا؛ اللقاء في الاول من تموز/ يوليو ليس الاول، كما انه ليس الاول في حبرية البابا فرنسيس وهو عقد مثل هذا اللقاء في مدينة “باري” الايطالية للصلاة والتفكير بأزمة الشرق الاوسط ووضع المسيحيين فيه، ولكنه الاول الذي يتم في حاضرة الفاتيكان، والملفت للإنتباه فيه انه ليس برئاسة البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي بصفته رئيس مجلس البطاركة الكاثوليك ولكن بحضوره وهذه اشارة تفهمها الكنيسة المارونية جيداً.

الاجتماع سيكون مُقسماً الى قسمين: الاول مخصص للصلاة، والثاني لتبادل الآراء وتتخلله كلمة للبابا فرنسيس الذي سبق ووعد بزيارة لبنان لكن هذه الزيارة غير مدرجة على جدول زيارات العام 2021، لانها تحتاج الى اعداد والى اجواء مؤاتية ولبنان حاليا يعيش كل اشكال التفكك والتحلل، وكل رئيس كنيسة سيدلي بدلوه، والملفت للإنتباه أيضاً ان كل البطاركة المدعوين كراسيهم ليست في لبنان باستثناء البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي.

السؤال المطروح؛ هل سيطلق البابا فرنسيس المبادرة التي كان ينوي اطلاقها بعد ايفاده الكاردينال بارولين الى لبنان؟

إقرأ على موقع 180  هبة الشارع اللبناني.. تلاقي الساحات

لا معلومات حاسمة بعد، الا ان البابا فرنسيس يصر على ان الاجتماع ليس عبارة عن سينودس جديد، ذلك أن الكرسي الرسولي خصص سينودسين للبنان بقيت توصياتهما حبراً على ورق.

هل سيكون هناك نداء لدول العالم للحفاظ على لبنان وما يمثله للعالم؟

“ربما يحصل ذلك”، تجيب المصادر الكنسية اللبنانية، ولكن الأهم أن تصل رسالة البابا فرنسيس وإلتفاتته الإنقاذية إلى من يستحقونها من اللبنانيين، فالكرسي الرسولي مشمئز وممتعض من أهل السياسة في لبنان، ولا تريد دوائر الفاتيكان تكرار ما حصل مع زيارة الرئيس سعد الحريري الأخيرة إلى روما “من إستغلال اعلامي لأهداف سياسية شخصية”.

تبقى إشارة أخيرة إلى أن طرح حياد لبنان الناشط والمؤتمر الدولي من اجل لبنان لم تطرحه بكركي بالتفصيل مع الكرسي الرسولي، وبالتالي لا صحة لكل ما قيل عن دعم الفاتيكان لطرح التدويل علما ان هذا الامر لم يبحث حتى بين البطريركية المارونية والسفير البابوي في لبنان.

Print Friendly, PDF & Email
داود رمال

صحافي لبناني

Premium WordPress Themes Download
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  هبة الشارع اللبناني.. تلاقي الساحات