ما هي نتائج زيارة البطريرك الماروني بشاره الراعي الى كل من فرنسا والفاتيكان، وماذا حمل معه في جعبته الرئاسية وبماذا عاد؟ ولماذا تم تقريب موعد المحطة الفرنسية التي كانت محددة في السابع من حزيران/يونيو المقبل، الى يوم 30 أيار/مايو؟
ما هي نتائج زيارة البطريرك الماروني بشاره الراعي الى كل من فرنسا والفاتيكان، وماذا حمل معه في جعبته الرئاسية وبماذا عاد؟ ولماذا تم تقريب موعد المحطة الفرنسية التي كانت محددة في السابع من حزيران/يونيو المقبل، الى يوم 30 أيار/مايو؟
عنوان هذه المقالة لا يأتي من فراغ. الوقائع السياسية تتزاحم. الهواجس كثيرة والتوقيت دقيق وحساس.
ذات ليلة من صيف العام 1992، سمع أمين عام حزب «الكتلة الوطنية» جان حوّاط جرس باب بيته في جبيل يُقرع. اِستغرب الأمر وكانت الساعة قد تخطّت العاشرة مساءً. فُتح الباب، وأبلِغ حوّاط أن وزير الصحّة مروان حمادة في ردهة الاستقبال مع مسؤولين إشتراكيين، فنزل حوّاط من الطابق العلوي مرحِّبًا بزائره الذي أبلغه اتّفاق «وليد بك» و«العميد» على السير بالانتخابات النيابية وضرورة التنسيق في كلّ المحافظات لخوضها في لوائح مشتركة.
صار من البديهيات اللبنانية أنه كلما تحرك السياسيون باتجاه المقرات الدينية او تحرك الروحيون باتجاه المقرات السياسية، في عملية تكافل وتضامن متبادلة، فهذا يعني ان تركيبة ما بعنوان "انقاذي" قد انجزت وتمت تهيئة المسرح لاخراجها على انها تصحيح لمسار كاد ان يودي بالبلاد الى المجهول!
لبنان على موعد في الاول من تموز/ يوليو مع محطة فاتيكانية في روما تتمثل في الاجتماع الذي دعا اليه الحبر الاعظم البابا فرنسيس ويضم رؤساء الطوائف المسيحية.
المطلوب هو إستئصال ما تبقى من دور لرئاسة الجمهورية في السلطة التنفيذية. القضية تتعدى الشخص. إنها تتصل بالدور. لا بأصل تكوين هذا البلد ومستقبله.
ماذا دار في لقائيّ البطريرك الماروني بشارة الراعي مع وزير الخارجية الفرنسي جان- ايف لودريان في بكركي ومع الرئيس ايمانويل ماكرون في قصر الصنوبر؟ وما هي نظرة الديبلوماسية الفرنسية حيال طروحات راس الكنيسة المارونية؟ 180 سألت المدير العام لـ"مؤسسة عمل الشرق – اوفر دوريان" (Oeuvre d’Orient) المونسنيور باسكال غولنيش الذي رافق ماكرون ولودريان وحضر لقاءاتهما مع الراعي.
تميزت مذكرة "الحياد الناشط" التي أذاعها البطريرك الماروني بشارة الراعي من المقر البطريركي الصيفي في الديمان، بقراءة تاريخية غلبت عليها نبرة يمينية لا تمت بصلة إلى أدبيات بطريركية أنطاكيا وسائر المشرق، وتذكّر ببعض أدبيات اليمين اللبناني إبان الحرب الأهلية في لبنان.
يُروى، أنّه كان من عادة الرئيس السوفياتي جوزيف ستالين أن يعمل حتّى ساعات الفجر الأولى. ولم يكن يتورَّع عن مخابرة الوزراء والمسؤولين، كلّما أراد أن يستفسر عن أمرٍ أو معلومةٍ ما. لذا، كانت الحواس الخمس لدواوين الحكومة والحزب (الشيوعي)، تبقى مُستَنفَرة طوال ساعات عمل "القائد". وكان ستالين يحرص على مداومة الاتّصال بمسؤولٍ محدَّد: أفرينتي بيريا رئيس الأمن السوفياتي وجهاز الشرطة السرِّية.
بطاركة الكنيسة المارونية في لبنان رهائن المحبسين: الأول، محبس الفاتيكان الذي يعمل بمعايير رفيعة من الدقة والشفافية تصل حد تحولها "ملكوت" يلاحق سيد بكركي. أما الثاني، فهو محبس شعار "مجد لبنان أُعطي له". الأخير وطأته مرهقة للبطريرك الماروني ـ أي بطريرك ـ إذ تجعله مهجوساً بـ"صناعة مجدٍ" يطبع سيرته. كل تاريخ البطاركة الموارنة سار على هذا المنوال.