سعيد عيسى, Author at 180Post

aranceles-trump_0.jpg

تؤثّر السّياسات الحمائيّة التي تفرضها الدّول الكبرى بشكلٍ كبيرٍ على قدرة دول الجنوب على المنافسة، حيث تخلق حواجز تجاريّة تعرقل صادراتها وتقلّل من فرصها في الأسواق العالميّة. هذه السّياسات، التي غالبًا ما تُبَرّرُ بحماية الصّناعات المحلّيّة أو بدواعي التخوّف من فقدان السّبق التكنولوجيّ، تضع دول الجنوب في مواجهة تحدّياتٍ كبرى في تجارتها الدّوليّة وتحدّ من قدرتها على جذب الاستثمارات الأجنبيّة. في ظل التحوّلات الجيوسياسيّة الحاليّة وتصاعد نزعة الدّولة القوميّة في الغرب، أصبحت هذه الإجراءات أكثر تشدّدًا وتعقيدًا، مما يهدّد بإعادة تشكيل خريطة التّجارة العالميّة لصالح الدّول المتقدّمة على حساب اقتصادات الجنوب النّاشئة.

750-18.jpg

تواجه دول الجنوب العالميّ منظومةً معقّدةً من التّحدّيات الاقتصاديّة الهيكليّة والجيوسياسيّة التي تفاقمت بشكلّ حادٍّ في ظلّ صعود نزعة الدّولة القوميّة في الغرب، والتي تجلّت عبر سياسات ٍحمائيّةٍ مثل "أمريكا أولّاً" وارتفاع الرّسوم الجمركيّة وتقليص المساعدات التّنمويّة، ما أدّى إلى تعميق أزمات هذه الدّول المتمثلّة في اختناق الدّيون الخارجيّة التي تجاوزت 8.8 تريليون دولار، وارتفاع التضخّم لمستوياتٍ قياسيّةٍ بلغت 135% في بعض الدول، وتآكل القوّة الشّرائيّة، إضافةً إلى تقدم الأولويات الداخلية الغربيّة على ما عداها، ما يُهدّد جهود دول الجنوب لتحقيق النموّ المستدام والعدالة الاجتماعيّة.

QnjMn1HKL2C5krWJkoS1YILepFRQtjVy.jpg

يشهد النّظام الدوليّ تحوّلاتٍ عميقةٍ في العقدين الأخيرين، حيث يتراجع تدريجيّاً نموذج الهيمنة الأحاديّة الذي ساد بعد نهاية الحرب الباردة، لمصلحة مشهدٍ أكثر تعقيداً وتداخلاً، تتصارع فيه النّماذج وتتعايش في آنٍ واحد. هذا التّحوّل يثير تساؤلاتٍ جوهرية، هل يقود إلى صراعٍ مفتوحٍ بين النّماذج المتنافسة على قيادة النّظام العالميّ، أم إلى شكلٍ من التّعايش التّنافسيّ (Competitive Coexistence) الذي يسمح بإدارة الاختلافات دون الانزلاق إلى مواجهةٍ شاملة؟ وهل تستطيع الدّول صياغة أشكالٍ جديدةٍ من التّعاون متعدّد الأطراف تراعي الخصوصيّات الوطنيّة ولا تتخلّى عن المكاسب الجماعيّة؟ إنّ الإجابة عن هذه التّساؤلات ستحدّد ملامح الثلثين المتبقيين من القرن الحادي والعشرين، حيث بات من الواضح أنّنا ندخل حقبة "التّعدّدية القسريّة" و"التّحالفات المرنة" بدل القطبيّة الأحاديّة.

migration_wall__camdelafu.jpeg

شكّلت نهاية الحرب الباردة لحظة انتصارٍ للمشروع الليبراليّ، الذي بشّر بعالمٍ منفتحٍ تتلاشى فيه الحدود وتتقدم فيه القيم العالميّة على المصالح الوطنيّة. لكنّ العقدين الماضيين شهدا تحولاً جوهرياً، حيث بدأت أركان هذا المشروع تهتزّ تحت وطأة أزماتٍ متعدّدة، ليفسح المجال لعودة خطاب الدّولة الوطنيّة السّياديّ والهويّاتيّ.

1000233639.jpg

في أعقاب "طوفان الأقصى" في خريف العام 2023، لم تعد إسرائيل تكتفي بمراجعة إستراتيجيّتها الأمنيّة؛ بل شرعت في عملية إعادة بناء هندسةٍ كاملةٍ لدولتها من الدّاخل، بما في ذلك عقيدتها العسكرية، وذلك في خدمة رؤيةٍ أمنيّةٍ جديدةٍ متطرّفةٍ لا مكان فيها للخطوط الحمر التقليديّة التي كانت راسخة قبل السابع من أكتوبر.

750-7.jpg

العلاقة بين القانون والأخلاق هي واحدةٌ من أكثر القضايا إثارةً للجدل في الفكر الإنساني. من ناحية، يُنظَر إلى القانون على أنه الحارس الأمين للقيم الأخلاقية. ومن ناحيةٍ أخرى، قد يتحوّل القانون إلى أداةٍ قمعيةٍ تفرض قيمًا معينةً وتكمّم الأفواه بحجة الحفاظ على الأخلاق. إنّ فهم هذه الحدود الفاصلة ليس مجرّد تمرينٍ أكاديميّ، بل ضرورةٌ حيويةٌ حتى يخدم القانون العدالة والحرية، لا أن يصبح غطاءً للاستبداد.

800-6.jpg

في التجربة اللبنانيّة، يتجلّى نمطٌ من الممارسة السياسيّة يمكن وصفه بالطفولة السياسيّة، حيث تتحوّل السياسة إلى تكرار محفوظاتٍ وخطاباتٍ جاهزةٍ بدل أن تكون مساحةً لإبداع مشاريع تأسيسيّة أو تسويات سياسية. كثير من الفاعلين يتعاملون مع الساحة السياسيّة كمسرحٍ للأدوار الرمزيّة: يكفي أن يشغل الفرد موقعاً على الخريطة السياسيّة، حتى لو كان هامشياً، ليحسّ بفاعليةٍ رمزيّةٍ. هذا الحضور يبقى ناقصاً لأنه لا يتضمّن القدرة على المبادرة أو صياغة رؤيةٍ مؤسّساتيّةٍ جديدةٍ.

changing__ares.jpg

في عالمٍ يتّسم بتعدّد الثقافات واللغات والقصص، يُطْرَحُ سؤالٌ أساسيٌّ حول كيفيّة تمثيل الشعوب والهويّات المختلفة في الأدب، والإعلام، والسياسة. هذا السؤال قاد الكاتبة النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي إلى صياغة مفهوم "خطر الرواية الواحدة" في محاضرتها الشهيرة على منصة (TED 2009). لكنّ هذا المفهوم، وإن نشأ من تجربةٍ ذاتيّةٍ وثقافيّةٍ خاصة، سُرعان ما تجاوز سياقه المحليّ ليغدو عدسةً نقديةً لفهم آليات إنتاج الصور النمطيّة وتعميمها عالمياً.