سعيد عيسى, Author at 180Post

820.jpg

هل تبدو قاعة النّاقورة اليوم صورةً مبسّطةً لما يمكن أنْ يحدث بعد خروج "اليونيفيل" النهائي من جنوب لبنان في نهاية العام 2026، أم أنّها مجرّد محطةٍ مؤقّتةٍ في مسارٍ طويلٍ يجمع بين التّهدئة والتّوتّر في الوقت نفسه؟ حين يجلس الممثّلون المدنيّون إلى جانب العسكريّين حول طاولة «الميكانيزم»، أليس في هذا المشهد إشارةٌ إلى انتقالٍ من منطق الدّوريّات العسكريّة إلى منطق إدارة الهدنة سياسياً؟ وهل يمكن لهذه القاعة الصّغيرة على شاطئ البحر الجميل أنْ تكون مكاناً تُزْرَعُ فيه بذور ترتيباتٍ أمنيّةٍ وسياسيّةٍ تفوق حجمها الجغرافيّ بكثير؟

800-5.jpg

أصبح استهداف منشآت الطّاقة في الشّرق الأوسط اليوم أداةً رئيسيّةً في الصّراع الجيوسياسيّ بين المحاور المتنافسة، ومن هذا المنطلق يثير الهجوم على حقل كورمور للغاز في إقليم كردستان العراق، المنسوب غالباً إلى إيران، سؤالاً عن صلته بما يواجهه حزب الله في جنوب لبنان مع إسرائيل؛ فرغم أنّ هذا الربط يبدو للوهلة الأولى متكلّفاً أو بعيداً، فإن التمعّن في طريقة عمل ما يُسَمَّى بـ«محور المقاومة» والعقيدة التي تُعْرَفُ بـ«وحدة السّاحات» يبيّن أنّ ما يجري في كورمور وما يدور حول حزب الله يتحرّكان في الأغلب ضمن معادلةٍ استراتيجيّةٍ واحدةٍ، وعليه فإنّ أيّ حديثٍ عن «الهجوم الأخير في تشرين الأوّل\ نوفمبر 2025» يبقى في إطار القراءة والتّحليل على ضوء هذا النّمط، لا في إطار توثيق واقعةٍ بعينها.

750.jpg

هي زيارة تاريخية بتوقيتها ومضمونها. البابا لاوون الرابع عشر في لبنان، لمدة ثلاثة أيام. ثاني محطة (بعد تركيا) في أول زيارة خارجية له منذ تنصيبه رئيساً للكنيسة الكاثوليكية في العالم في 18 أيار/مايو 2025 خلفاً للبابا الراحل فرنسيس. العنوان الكبير للزيارة "طوبى لفاعلي السلام".

800-53.jpg

لا تعيش ذاكرة الجنوبيّين بعد «حرب الإسناد» في الرّوايات الشفهية فحسب، بل تستقرّ في الأجساد والبيوت المهدّدة، وفي الكلمات المتردّدة على شرفات المنازل المؤقّتة، وفي الأحلام المؤجَّلة عن عودةٍ قد لا تشبه ما فُقِد. بعد سنة على النّزوح، لا يكون السّؤال فقط عمّا حدث، بل عن الكيفية التي يستمرّ بها الحدث في التجلّي، في أرق اللّيل، في الزّيارات الخاطفة إلى القرى، في الجدل حول من يحقّ له أنْ يتكلّم باسم الجنوب، وفي الصور المتخيَّلة لجنوبٍ قادمٍ قد لا يشبه الجنوب الذي عرفه النّاس من قبل.

800-51.jpg

بعد سنةٍ على خروج آلاف الجنوبيّين اللّبنانيّين من منازلهم فيما سُمِّيَ «حرب الإسناد»، تبدو الذّاكرة أشبه بحقلٍ مفتوحٍ لا يزال التّشكُّل جارياً فيه، لا أرشيفاً مغلقاً يمكن العودة إليه بثقة. في الجنوب اللبناني، لا تُقَاسُ السّنوات بالتّقويم فحسب، بل بتواريخ الحروب التي تحوّلت إلى علامات طريقٍ في سيرة النّاس، اجتياحٌ، عدوانٌ، انسحابٌ، حربٌ جديدة، هدنةٌ موقّتة. في هذا التّراكم تصبح «السّنة الواحدة» زمناً كثيفاً بطبقاتٍ متراكبةٍ من الخسارات والتكيّف وإعادة الحكي، وتغدو تجربة النّزوح الأخير حلقةً تُعَادُ قراءتها على ضوء ما سبقها وما قد يأتي بعدها.

800-44.jpg

في قلب رواية حسّان الزين عن طانيوس شاهين، لا يعود الأمر إلى استعادة شخصيّةٍ "تاريخيّةٍ" خرجت من الكتب المدرسيّة لتطلّ علينا في صيغةٍ روائيّةٍ جذّابةٍ فحسب، بل إلى إجراء "تشريحٍ أنثروبولوجيٍّ" للّبنانيّ المقهور، عبر نموذج فلّاحٍ من كسروان في منتصف القرن التّاسع عشر، حمله الناس على أكتافهم ثم أنزلته الهزيمة إلى عزلةٍ قاسيةٍ وسؤالٍ وجوديٍّ معلَّقٍ في الهواء: "ماذا فعلتُ لأستحقّ هذا"؟ والسّؤال، كما يوضح الزّين، لا يخصّ طانيوس وحده؛ إنه سؤال لبنان بأسره، سؤال شعبٍ وجد نفسه في قدرٍ لا يشبه أحلامه.

800-37.jpg

يمثّل إقرار قانون "إنشاء نظام التّقاعد والحماية الاجتماعيّة" في لبنان نقطة تحوّلٍ مفصليٍّة طال انتظارها لأكثر من ثلاثة عقودٍ، فهو يهدف إلى سدّ الفراغ الكبير الذي خلّفه نظام "تعويض نهاية الخدمة" القديم، الذي أثبت فشله في توفير شبكة أمانٍ حقيقيّةٍ للعمال عند بلوغهم سنّ الشّيخوخة، وبخاصةً بعد الانهيار الماليّ الأخير الذي أدّى إلى تآكل قيمة تلك التّعويضات المقطوعة. هذا القانون، من حيث المبدأ، يضع البلاد على مسار الانتقال الضّروريّ من نظام المكافأة التي تُدْفَعُ لمرةٍ واحدةٍ إلى نظام المعاش الدّوريّ المستدام الذي يوفّر دخلاً شهريّاً ثابتاً للمتقاعد.

800-1.png

تسعى الولايات المتّحدة والاتّحاد الأوروبيّ اليوم لحماية سلاسل التّوريد الحيويّة، ودعم الصّناعات المحلّيّة، وتقييد تدفّقات الاستثمار والتكنولوجيا بما يخدم أجندتها الداخلية وميزتها التّنافسيّة. هذه الموجة، المدفوعة بالتّنافس الجيواقتصاديّ، لم تعد مجرّد ظاهرةٍ غربيّةٍ؛ بل امتدّ تأثيرها ليضع اقتصادات الخليج العربيّ في مفترق طرقٍ معقّدٍ.

801-1.jpg

في الأسابيع الأخيرة، بدا أنّ المبعوث الأميركيّ توم برّاك يرفع منسوب الضّغط على لبنان بخطابٍ مزدوجٍ يجمع بين التّشديد على «نزع سلاح حزب الله» والدّعوة إلى «إصلاحاتٍ اقتصاديّةٍ ومؤسّسيّةٍ عميقةٍ»، وبين التّحذير من أنّ «العالَم سيمضي قُدُماً إنْ لم يتحرّك لبنان سريعاً». تلك الّلهجة الحازمة في التعامل مع الملف اللبناني لم تكن مجرّد رسائل دبلوماسيّةٍ عابرةٍ، بل إعلاناً صريحاً بأنّ واشنطن «لن تبقى إلى ما لا نهاية» وأنّها «لا تطلب سوى مصافحةً متكافئةً» بين لبنان وإسرائيل تمهيداً لتسويةٍ شاملةٍ، في ترجمةٍ عمليّةٍ لطموحات رئيس الولايات المتّحدة دونالد ترامب.

2025_11_10_22_16_16_150.jpg

بعد سنواتٍ من التّصنيفات والمعارك والتّحوّلات العميقة التي أصابت المشهد السّوريّ، جاء قرار مجلس الأمن رقم 2799، الصّادر في السادس من تشرين الثّاني/نوفمبر 2025، ليشكّل نقطة انعطافٍ حقيقيّةٍ في خريطة النّفوذ الإقليميّ.