سعيد عيسى, Author at 180Post

800-6.jpg

في التجربة اللبنانيّة، يتجلّى نمطٌ من الممارسة السياسيّة يمكن وصفه بالطفولة السياسيّة، حيث تتحوّل السياسة إلى تكرار محفوظاتٍ وخطاباتٍ جاهزةٍ بدل أن تكون مساحةً لإبداع مشاريع تأسيسيّة أو تسويات سياسية. كثير من الفاعلين يتعاملون مع الساحة السياسيّة كمسرحٍ للأدوار الرمزيّة: يكفي أن يشغل الفرد موقعاً على الخريطة السياسيّة، حتى لو كان هامشياً، ليحسّ بفاعليةٍ رمزيّةٍ. هذا الحضور يبقى ناقصاً لأنه لا يتضمّن القدرة على المبادرة أو صياغة رؤيةٍ مؤسّساتيّةٍ جديدةٍ.

changing__ares.jpg

في عالمٍ يتّسم بتعدّد الثقافات واللغات والقصص، يُطْرَحُ سؤالٌ أساسيٌّ حول كيفيّة تمثيل الشعوب والهويّات المختلفة في الأدب، والإعلام، والسياسة. هذا السؤال قاد الكاتبة النيجيرية شيماماندا نغوزي أديتشي إلى صياغة مفهوم "خطر الرواية الواحدة" في محاضرتها الشهيرة على منصة (TED 2009). لكنّ هذا المفهوم، وإن نشأ من تجربةٍ ذاتيّةٍ وثقافيّةٍ خاصة، سُرعان ما تجاوز سياقه المحليّ ليغدو عدسةً نقديةً لفهم آليات إنتاج الصور النمطيّة وتعميمها عالمياً.

mama.jpg

لطالما شكّل الشريط الحدوديّ الجنوبيّ في لبنان أكثر من مجرّد خطٍّ فاصلٍ على الخريطة؛ فقد كان عبر عقودٍ طويلةٍ فضاءً اجتماعياً واقتصادياً غنياً، حيث تتشابك حياة السكان مع تفاصيل المكان بشكلٍ عضويٍّ. هذه القرى والبلدات لم تكن مجرّد مواقع سكنية، بل كانت مساحاتً يوميةً تُمارَسُ فيها الزراعة، وتُبنى فيها روابط القرابة، وتُحيَى فيها الطقوس الاجتماعية والدينية.

750-12.jpg

في الجزء الأول، ركّزنا على دور وخطاب الحركات اليسارية الراديكالية التي ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين؛ في الجزء الثاني، إستعرضنا سبع حركاتٍ يساريةٍ راديكاليةٍ بارزة في أوروبا وأميركا، مع التركيز على خصوصية كل منها في سياقها المحلّيّ وتأثيرها على المشهد العالميّ. في الجزء الثالث والأخير (اليوم)، أتناول تجارب الجيش الجمهوري الإيرلندي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجيش الأحمر الياباني.

b463fae8b7a763cdbee946e39dc20831.jpg

في الجزء الأول من هذا البحث، حاولنا تحليل دور وخطاب الحركات اليسارية الراديكالية التي ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، فضلاً عن أسباب نشأتها والسياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ساهمت في تشكيل هذه الظاهرة العالمية؛ وفي هذا الجزء (الثاني)، نستعرض سبع حركاتٍ يساريةٍ راديكاليةٍ بارزة، مع التركيز على خصوصية كل منها في سياقها المحلّيّ وتأثيرها على المشهد العالميّ.

700-2.jpg

هذا البحث هو تحليل معمّق في دور وخطاب الحركات اليسارية الراديكالية التي ظهرت في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، مستكشفًا أسباب نشأتها وتأثيراتها. متناولًا السياقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي ساهمت في تشكيل هذه الظاهرة العالمية، مع التركيز على دراسات حالات مفصّلة لمنظمات محددة.

750-6.jpg

من يملك حق تشكيل الجسد ليس ككيان بيولوجي بل كنص ثقافي؟ هذا أحد أكثر الأسئلة إلحاحًا في الفلسفة وعلم الاجتماع المعاصر. فمنذ أن صاغ ميشيل فوكو مفهومه الثوريّ عن "الجسد كسطح لكتابة السلطة" في كتابه "المراقبة والمعاقبة" (1977)، انفتح الباب أمام تحليلات تكشف كيف تتنازع أربعة فواعل رئيسية: الدولة، الدين، السوق، والفرد، على حقّ تشكيل هذا الكيان الإنساني الأساسي.

730-1.jpg

تعدّ ظاهرة التضامن مع الخارجين عن القانون واحدةً من أكثر الظواهر الاجتماعية إثارة للجدل في المجتمعات التي تعيش أزمات بنيوية. ففي اللحظة التي يُفترَض فيها أن يُدان الخارج عن القانون بوصفه تهديدًا للنظام العام، نجد أنّ بعض المجتمعات تمنحه أشكالًا متفاوتة من التعاطف أو حتى الدّعم. هذا التضامن لا يعكس بالضرورة قبولًا بالجريمة، بل يكشف عن أزمة أعمق تتعلق بالسؤال الجوهري: من يملك حق تعريف العدالة؟

750-4.jpg

في لحظة من الصمت المباغت، غادرنا صنع الله إبراهيم، ليس كجسدٍ فانٍ، بل كحالةٍ أدبيةٍ فريدة، وحساسيةٍ نقديةٍ حادّةٍ شكّلت وجدان جيل بأكمله. لم يكن رحيله مجرّد خبر وفاة، بل هو انقطاع لرابط حيوي بين الأدب وواجبه في مواجهة الواقع، وشهادة على نهاية زمنٍ كان فيه الكاتب ضميرًا لا يخشى العتمة. كانت مسيرته الإبداعية بأسرها تتجاوز حدود السرد التقليديّ، لتتحول إلى مختبرٍ فنيٍّ يُختَبر فيه الفن أمام قسوة الحياة، ويتحوّل النصّ إلى أداةٍ لتحليل الواقع لا مجرّد حكاية تُروى.

720.jpg

تتحول المدن وشوارعها أحيانًا من مجرد فضاءات جغرافية إلى ساحات للذاكرة والصراع على الهوية. في لبنان تجسّد هذا التحوّل بشكلٍ جليٍّ في النقاش الذي دار حول مقترح تغيير اسم "جادة حافظ الأسد" في بيروت إلى "جادة زياد الرحباني". لم يكن هذا الجدل مجرّد مسألةٍ إدارية، بل كشف عن صراعٍ عميقٍ حول كيفية تذكّر الماضي، وتحديد رموز الحاضر. ففي حين يرى البعض في تغيير الاسم فرصةً لتطهير الذاكرة الجماعية من رموز ما يعتبرونه "وصايةً"، يرى آخرون فيه محاولة لإعادة كتابة التاريخ وتجاهل حقائق سياسية معقّدة. هذا الجدل يطرح أسئلةً جوهريةً حول من يملك حقّ تسمية الأماكن، وكيف يمكن للذاكرة، سواء كانت فردية أو جماعية، أن تُشكّل الفضاء العام وتعيد تعريفه.