عالم بريتن وودز وإتفاق جامايكا إلى أفول، خاصة بعد الكارثة الاقتصادية التي حلت بالعالم عامة والاقتصاد الأميركي خاصة، وهو محرك الاقتصاد العالمي، بسبب الإجراءات التي سوّقت لها منظمة الصحة العالمية في سياق معالجة طفرة فيروسات انفلونزا موسمية متحولة، ككل سنة، لم يزد عدد ضحاياها عن المعدل العام عالمياً.
هذا التصريح ـ الإشارة الصادر عن ميركل هو واحد من جملة إشارات كثيرة صدرت من أوروبا وروسيا وتحدثت عن ضرورة الانتقال نحو نظام عالمي جديد.
العمود الفقري لأي نظام عالمي سياسي ـ إقتصادي ـ أمني جديد هو تحديد وحدة او وحدات النقد الدولية من خلال ما تحتويه من ثروة.
خَلَفَ الدولار في بريتن وودز عام ١٩٤٤ الجنيه الاسترليني كنقد اساسي دولي، وحُددت قيمته بكمية من الذهب تعادل جزء من ٣٥ من أونصة الذهب.
في آب/أغسطس ١٩٧١ ونتيجة النزف المالي الذي تسببت به حرب فيتنام، واضطرار الإدارة الأميركية للطلب من الاحتياطي الفدرالي (البنك المركزي الأميركي) اقراضها، عمد الأخير الى طباعة كميات نقدية جديدة (تيسير كمي) سلّمها للإدارة مقابل سندات دين سطّرتها الخزينة الأميركية على نفسها، وسلمتها للإحتياطي الفدرالي، وبالتالي لم يعد بوسع الخزينة الأميركية تسليم أونصة ذهب لكل حامل ٣٥ دولاراً، فأعلنت عزوفها عن هذه المبادلة ولم يعد الدولار مرتبطاً بالذهب، بل صارت تتحكم بسعره عالمياً فقط قاعدة العرض والطلب.
في جامايكا، وتحديداً في عام ١٩٧٦، تم تدعيم الدولار بالنفط (ولذلك جاء الحديث عن البترو دولار)، أي أن كل عملية بيع أو شراء له، يجب حكماً تسويتها بالدولار الأميركي وبالتالي، “خلقت” طلباً قسرياً على الدولار يعيش في ظلاله الاقتصاد الأميركي منذ ١٩٧٦ وحتى اليوم.
نشهد اليوم محاولات للنهوض بالاقتصاد الأميركي المتهالك نتيجة الإقفال القسري لمرافق الإنتاج والاستهلاك بسبب “الانفلونزا”، وذلك بالتيسير الكمي القياسي، كما في كل مرة، الذي عمل به المصرف الفدرالي الأميركي، وهذا يقودنا للإستنتاج أن الدولار بات ضعيفاً كعملة دولية وبات كلام ميركل مفهوماً
من هنا يمكن فهم السياسة الأميركية تجاه دول الإنتاج النفطية وبلدان عبور أنابيبه البرية وخطوط التزود البحرية به، وبالتالي خلفية الكثير من الحروب والانقلابات في العالم منذ الحرب العالمية الثانية واثناءها (الغزو الألماني للاتحاد السوفياتي كان النفط السوفياتي هدفه؛ حملة الجنرال رومل كان هدفها نفط الشرق الأوسط؛ شهد الطراد كوينسي في ١٤ شباط/فبراير ١٩٤٥ توقيع إتفاقية بين الرئيس الأميركي روزفلت والملك عبد العزيز لمدة ستين عاما تؤمن خلالها المملكة النفط الذي “تستحقه” مقابل حماية أميركية غير مشروطة للمملكة. وهي الاتفاقية التي تم تمديدها عام ٢٠٠٥ لستين سنة تنتهي في عام ٢٠٦٥).
ثمة مؤشرات لا بد من الإلتفات إليها، نتيجة للانفاق المالي الهائل من خلال حروب اشعلتها الدولة العميقة في العالم، بواسطة الإدارات الأميركية السابقة لخدمة هدف رئيس هو السيطرة على من ينتج النفط وينقله، وترافق ذلك مع الانهيارات العشرية منذ ١٩٨٧ (١٩٨٧، ١٩٩٧، ٢٠٠٨) للبورصات العالمية، وها نحن نشهد اليوم محاولات للنهوض بالاقتصاد الأميركي المتهالك نتيجة الإقفال القسري لمرافق الإنتاج والاستهلاك بسبب “الانفلونزا”، وذلك بالتيسير الكمي القياسي، كما في كل مرة، الذي عمل به المصرف الفدرالي الأميركي، وهذا يقودنا إلى الإستنتاج أن وضع الدولار بات ضعيفاً كعملة دولية وبات كلام ميركل مفهوماً.
السؤال المفتاح اليوم ما هي الوحدة النقدية المستقبلية؟
دولار بريتن وودز فرضته نتائج الحرب العالمية الثانية التي خرجت بنهايتها الولايات المتحدة الأميركية منتصرة على دول المحور وعلى العالم كما ترجمت ذلك الاتفاقية نفسها. هل سنعود إلى التغطية الذهبية؟ وهل يفسر ذلك ما نشهده من سعي صيني محموم وراء الذهب ومناجمه في العالم عموماً وأفريقيا خصوصاً؟ هل تكون الوحدة النقدية الجديدة رقمية، ما يفسر تجارب عملة بيتكوين وغيرها، أم سترتكز على مفهوم آخر للثروة؟
الثروة في نظري هي النشاط البشري المنتج على اختلاف مادة الإنتاج، وبالتالي فإن وحدة الثروة الدولية العابرة للدول والقارات يمكن تحديدها كالآتي:
عمل/ساعة؛
وتتدرج من عمل/ساعة فعالة يدوية بدون اي مهارة إلى عمل/ساعة مهنية… إلى… إلى.
ستكون العملة الرقمية الجديدة غير مرتبطة بدولة او بوطن وغير قابلة للتضخم او الكساد.
فكرة على الطريق نحو نظام مالي رقمي جديد، على الأرجح.