توماس فريدمان: حتى تتعافى أميركا.. لا بد من بايدن

Avatar18030/10/2020
"شكراً ترامب، الصين أصبحت أفضل منا". تحت هذا العنوان كتب الكاتب والصحافي الأميركي توماس فريدمان مقالة في نيويورك تايمز قال فيها إن فوز جو بايدن "لن يكون كافيا لجعل أميركا بصحة جيدة، سياسياً ومادياً، ولكنه ضروري". ماذا تضمنت المقالة؟

“بينما كنتُ أتابع المناظرة الرئاسية (الثانية) بين (دونالد) ترامب و(جو) بايدن، خطرت لي رؤية: تخيلتُ المكتب السياسي للحزب الشيوعي الصيني، قد إلتأم أيضاً لمتابعة المناظرة، ولكن أعضاءه قرروا جعل الأمر مرحا أكثر: في كل مرة يتفوه فيها ترامب بشيء مُحرج لأميركا.
ولكن، كيف لهم ألا يكونوا كذلك؟ لقد كانوا يتابعون شيئاً لم يسبق لهم أن رأوه من قبل: سلوك غريب للإدارة الأميركية.
ولكن من يلوم الصينيين لتشفّيهم من الأميركيين؟ الوباء الذي بدأ في ووهان وتم احتواؤه في الصين، في الوقت الراهن، ما زال يدمر اقتصاد أميركا ومواطنيها، برغم أننا كنا نتوقع كل ذلك.
للأسف، لسنا من نظن أنفسنا.
لقد كان يفترض أن يكون كوفيدـ 19 بمثابة تشرنوبيل الصين، ولكنه صار في نهاية المطاف أشبه بمعركة واترلو بالنسبة للغرب. وهذه هي الفكرة التي يقدمها جون ميكلذويت وأدريان وولدريدج في كتابهما الصادر حديثاً «نداء الإيقاظ.. لماذا كشف الوباء ضعف الغرب وكيف يمكن إصلاح ذلك”.
وفق قسم رصد فيروس كورونا التابع لجامعة جون هوبكنز، فإن أميركا سجلت 65.74 وفاة بسبب كوفيدـ19 من أصل كل 100 ألف شخص، أو نحو 216 ألف وفاة كمجموع (زاد الرقم إلى 234 ألف وفاة). هذا في حين خسرت الصين 0.34 في كل 100 ألف، أو نحو 4750 شخصاً. قد يقول قائل إن الصين لا تخبرنا بالحقيقة. حسناً، في هذه الحالة لنضرب ذاك العدد بأربعة، مع ذلك، تظل الصين أحسن من الولايات المتحدة بكثير في ما يتعلق بحماية شعبها.
ففي وقت سابق من هذا الشهر، وبعد أيام على تحول بيت ترامب الأبيض إلى بؤرة للوباء وتخوف ملايين الأميركيين من إرسال أطفالهم إلى المدارس، عرفت الصين، التي تسجل قرابة صفر حالة إصابة محلية، تقاطر الملايين من مواطنيها على محطات الحافلات ومحطات القطار والمطارات من أجل السفر عبر بلدهم بمناسبة عطلة وطنية. وفي 1 تشرين الأول/أكتوبر، نقلت خدمة بلومبيرغ الإخبارية أن «اليوان الصيني أخذ يلفت الانتباه كملاذ من التقلبات بعد تسجيله أفضل سعر له منذ 12 عاما». وفي أيلول/سبتمبر، ارتفعت واردات الصين وصادراتها معاً.
لقد كان هذا هو حالنا في الماضي!
الواقع أنه حتى تتعافى أميركا سيتطلب الأمر، بداية، مخططا وطنيا للتعاطي مع كوفيد ـ 19. الصين كان لديها مثل هذا المخطط، إذ استخدمت كل أدوات نظام المراقبة لتتبع المصابين بفيروس كورونا وتعقبهم والسيطرة على انتشار الفيروس. وقد أثبتت بعض تكنولوجيا التعرف على الوجوه الصينية أنها مفيدة جداً إلى درجة أن المرء لن يضطر لخلع كمامته. فعيناه والجزء العلوي من أنفه تفي بالغرض.

المرض الذي نعاني منه اليوم هو شيء لا يمكن أن يعالج بلقاح كوفيد ـ 19. لقد فقدنا الثقة ببعضنا البعض وبمؤسساتنا وفقدنا فهماً أساسياً لما هو صحيح، والحال أن كل ذلك كان ضرورياً من أجل التغلب على أزمة صحية معاً. هذه الأشياء لقد كانت لدينا في الحروب السابقة، ولكن ليس في حروب اليوم

أميركا لا يمكنها استخدام هذه الاستراتيجية. فنحن ليست لدينا حكومة من هذا النوع، غير أننا فشلنا في إنتاج إجماع ديموقراطي على القيام بالمهمة نفسها.
في 28 آذار/مارس، قال ترامب: «إن بلدنا في حرب مع عدو غير مرئي»، متعهداً بحشد «القوة لكاملة للأمة الأميركية» من أجل هزمه. ولكن ذلك لم يحدث أبداً. ما عدا المستجيبين الأوائل وعمال الصحة، كانت أعمال التضامن العام والرغبة في التضحية في زمن الحرب شبه منعدمة.
لماذا؟

ليس لأن الديموقراطيات عاجزة عن الحكم في زمن الأوبئة، فكوريا الجنوبية واليابان وتايوان ونيوزيلندا أبلت بلاء أحسن منا. ولكن لأن لدينا ثقافة فردية فريدة من نوعها، ونظام تقاسم سلطة محلي – ولائي – فدرالي مجزأ للغاية، ونظام صحة عامة هشاً، وجسماً سياسياً منقسماً، وحزباً جمهورياً لديه نموذج عمل يقوم على إصابة واشنطن بالشلل، والكثير من الناس الذين يستقون أخبارهم من وسائل التواصل الاجتماعي التي تُضخم نظريات المؤامرة وتدمر الحقيقة والثقة.
في آخر وباء كبير ضرب أميركا، في 1918، لم يكن كثير من الأميركيين يعارضون إرتداء الكمامات، لأن زعماءهم طلبوا منهم أن يفعلوا ذلك وكانوا يقودون عبر إعطاء القدوة.
ونتيجة لذلك، لا نستطيع أبداً أن نناقش بشكل عقلاني أنواع «المقايضات» او «التنازلات» التي ينبغي لديموقراطية مثل ديموقراطيتنا وثقافة مثل ثقافتنا القيام بها.
خلاصة القول إن المرض الذي نعاني منه اليوم هو شيء لا يمكن أن يعالج بلقاح كوفيد ـ 19. لقد فقدنا الثقة ببعضنا البعض وبمؤسساتنا وفقدنا فهماً أساسياً لما هو صحيح، والحال أن كل ذلك كان ضرورياً من أجل التغلب على أزمة صحية معاً. هذه الأشياء لقد كانت لدينا في الحروب السابقة، ولكن ليس في حروب اليوم.
وشخصياً، أعتقد أن جو بايدن رُشح من قبل «الديموقراطيين»، ولديه فرصة حقيقية للفوز، لأن هناك ما يكفي من الأميركيين يدركون بالحدس أننا مريضون بسبب التفكك والانقسام وعدم الوحدة، وربما يستطيع بايدن تغيير ذلك. فوز بايدن لن يكون كافيا لجعل أميركا بصحة من جديد، سياسياً ومادياً، ولكنه ضروري” (ترجمة بتصرف).

إقرأ على موقع 180  سردية متغيرة للنظام العالمي.. باتجاهات مختلفة!

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Premium WordPress Themes Download
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  مسكين لبنان.. حكم الصبية يستجلب الوصاية