
مرةً أخرى نقع في خطأ الخلط بين النتيجة والسبب. نقع واعين، غير آسفين ولا معتذرين، حجتُنا أن المرحلة محل البحث أو الرأي لا تتحمل ضغطاً آخرَ ولو كان عاطفياً أو إنسانياً.
مرةً أخرى نقع في خطأ الخلط بين النتيجة والسبب. نقع واعين، غير آسفين ولا معتذرين، حجتُنا أن المرحلة محل البحث أو الرأي لا تتحمل ضغطاً آخرَ ولو كان عاطفياً أو إنسانياً.
كنتُ صغيراً أتعلم عندما تلقيت في هدوء وبارتياح وبالتدريج أول دروس في الوطنية، وكنت شاباً متعلماً ومعلماً ومسئولاً عندما تلقيت في صخب وبعنف أول دروس التشكيك فيها.
حكايتى مع تونس طويلة وناعمة وصافية صفاء سماء الربيع التونسى، تخللتها أيام عاصفة ومطيرة ولكنها أيام الاستثناء الذى يثبت القاعدة. حكايتى كانت من جزءين الأول منهما قصير ومثير والثانى طويل وممتع ومثمر.
تصغرني بعامين. اتصلت بها في السابعة صباحا لتوثيق معلومة تقع ضمن ذكريات طفولتنا. ردت على اعتذاري عن الاتصال المبكر بأنها، كما حال من في سنها، تستيقظ قبل بزوغ الشمس. سألتها، ثم سألت خالتها، وهي في مثل عمرها، عن مناسبات في طفولتنا تتذكرها أكثر من غيرها.
لعبنا ونحن أطفال لعبة السؤال والجواب. يسألون السؤال، فنفشل في الإجابة أو نتردد فيعاودون السؤال بصيغة ثانية أقل تعقيدا فنفشل أو نتردد فيطرحونه مرة أخرى بصيغة مخففة فنفشل في الإجابة أو نتردد فيجربون مرة أخيرة فنفشل أو نتردد فيعلنون الفوز متضمنا في استفسار بلهجة ساخرة، "غلب حمارك والا لسه؟".
ركبت الحمار في إحدى زيارتي المبكرة لريف مصر وأنا بين الطفولة والمراهقة، ركبته لينقلني من عزبة إلى عزبة أخرى. كنت أزامل في مدرستي الإبتدائية كما في الثانوية أطفالا ثم مراهقين من عائلات مالكة لأراضي في وسط وشمال الدلتا. دعيت مرارا من جانب هؤلاء الأهل لقضاء بعض العطلات في عُزَب يملكونها.
أتذكر أياما لم نختلف فيها حول معاني المفاهيم. كنا سذج أم كنا نعيش في عالم بمعالم واضحة، خطوطه مستقرة والنوايا فيه ثابتة.
أوراقي مشكلتي بل لعلها أعقد مشكلاتي. أبحث عن ورقة بعينها بين أوراقي وفي غالب الأحوال أو المرات لا أجدها. يحدث في مرات غير قليلة أن أجد أمامي ودون بحث مسبق ورقة أو وثيقة كنت نسيت أمرها أو يئست من العثور عليها أو انحسر اهتمامي بقضيتها؛ أجدها فأفرح بها وفي الوقت نفسه أشفق على نفسي وعلى كتاباتي من غيبة مصادر كانت في واقع الأمر حاضرة.
تهف صور أشياء مع كل نسمة تحمل ذكرى من ذكريات الماضي. تهف فأسارع بالاتصال برفيقة من رفيقات هذا الماضي الغني بأشخاصه وأشيائه وحكاياته، أتحرى عندهن، وبخاصة عند نبيلة وأميرة، صدق وتوابع ما هف من ذكريات هذا الصباح. أتحرى أيضاً قدر تعاستهن أو سعادتهن بالتعامل في حينها مع تلك الأشياء.
الصخب في كل مكان. قرقعة القنابل في غزة مختلطة بصراخ وعويل الأمهات. طبول تحث الفتيات على هز شعورهن ترحيبا بالضيف الكبير. أصوات مئات الصحفيين والمصورين تحاول جذب الانتباه. صفارات الإنذار تدوي في مدن وسط إسرائيل مختلطة بفرقعات صواريخ ترتطم ببعضها، اليمن الحوثية تحاول تسجيل حضورها.