إستهداف أبو ظبي بالمُسيرات.. تدويل أكبر لحرب اليمن!

Avatar18019/02/2022
يتعرض اليمن منذ ديسمبر/ كانون الأول 2021 لضربات جوية مكثفة تقودها دولة الإمارات. رداً على ذلك، استهدف الحوثيون للمرة الأولى أبو ظبي، بطائرات مُسيرة من دون طيار. كانتان مولر الصحافي المتخصص بالشأن الخليجي يُسلط الضوء على القضية في تقرير نشره "أوريان 21" بالفرنسية وترجمه الزميل حميد العربي من أسرة الموقع نفسه إلى العربية.

“في صبيحة 17 يناير/كانون الثاني 2022، أصيبت الإمارات العربية المتحدة في عقر دارها، في أبو ظبي، من خلال هجمات بطائرات بدون طيار وصواريخ بالستية. تصاعد دخان كثيف من منطقة مُصَفَّح الصناعية، بعد إصابة ثلاث شاحنات صهريج في مصفاة تابعة لشركة بترول أبو ظبي الوطنية. قُتل في الانفجار عاملان هنديان، هما هارديب سينغ وهارديف سينغ، والباكستاني مأمور خان، كما أصيب ستة آخرون بجروح. هذه أول عملية من نوعها ضد الإمارات العربية المتحدة. صحيح أن البلاد شهدت في يوليو/تموز 2018 ثم في مايو/أيار 2019 هجمات بطائرات بدون طيار من المرجح أن تكون قد شُنت من طرف الحوثيين من اليمن، لكن تلك العمليات لم تسفر عن ضحايا. وكانت أبو ظبي آنذاك قد بدأت في سحب قواتها المتمركزة بشكل أساسي في جنوب اليمن.

منذ ذلك الحين، تشن الإمارات كل ليلة، من خلال التحالف الذي تقوده الرياض في اليمن، ضربات على العاصمة صنعاء أو على صعدة، معقل المتمردين الحوثيين. وفي بداية فبراير/شباط، بينما كان الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ يقوم بزيارة تاريخية إلى الإمارات غداة تطبيع العلاقات بين البلدين، أعلن يحيى سارية، المتحدث باسم جماعة الحوثي، عن عملية واسعة النطاق. ثم أعلن بعدها الحوثيون عن استهداف غرفة عمليات إماراتية تقع في مديرية عسيلان، بمحافظة شبوة جنوب اليمن، بصاروخ بالستي. وقد أكّدوا أن “هذا الهجوم الدقيق قتل وجرح الكثير من الأعداء، ومن بينهم إماراتيون”. لم تؤكد أبو ظبي هذه المعلومات، لكنها تؤيّد أمرا واحدا، وهو أن تجدد النشاط الإماراتي في اليمن يجعل هذه القوة الخليجية مستهدفة من قبل المتمردين.

رهان شبوة

على الرغم من وجودها ضمن التحالف إلى جانب السعودية منذ عام 2015، فإن الحرب في اليمن لم تمس أبدًا أمن الإمارات العربية المتحدة الداخلي، على خلاف حليفتها الكبرى. هذا التصعيد بين الحوثيين والإماراتيين هو في الواقع نتيجة لتسلسل أحداث سياسية وعسكرية في محافظة شبوة. إذ تخضع هذه المنطقة، الغنية باحتياطيات الغاز والنفط لمراقبة مشددة من طرف الإمارات العربية المتحدة منذ أن استعادت القبائل المحلية المدعومة من التحالف سنة 2015 السيطرة عليها. عملت أبو ظبي في شبوة كما في محافظات أخرى في جنوب اليمن على تدريب وتسليح عدد كبير من المتطوعين المحليين. ويصل عددهم بالآلاف في لواء أعيدت تسميته مؤخرًا “قوات دفاع شبوة” (…).

يأمل الإماراتيون وضع يدهم الخفية على العديد من الموانئ اليمنية الاستراتيجية المطلة على بحر العرب وخليج عدن، كالمكلا وبلحاف وعدن وسقطرى. ولم يؤد بروز المجلس الانتقالي الجنوبي في مايو/أيار 2017 وانقلابه في صائفة 2019 عندما غزا عدن وطرد قوات الحكومة المركزية سوى إلى تأكيد هذه الأجندة الخفية، مما خلق توترات مع السعودية (…).

قطر تترصد

بالموازاة، دعمت قطر الدوائر السياسية المقربة من محافظ شبوة محمد بن عديو (حزب الإصلاح الإخواني) من دون الدخول في اتصال مباشر معه حتى لا تُضعف علاقتها بالسعودية، وبالتالي تُقوي الإمارات في المنطقة. كما يبدو أن الدوحة موّلت زعماء بعض القبائل حتى لا ينخرطوا في الحرب ضد الحوثيين، لتَحُدّ بذلك من النفوذ الإماراتي.

هذا التصعيد بين الحوثيين والإماراتيين هو في الواقع نتيجة لتسلسل أحداث سياسية وعسكرية في محافظة شبوة. إذ تخضع هذه المنطقة، الغنية باحتياطيات الغاز والنفط لمراقبة مشددة من طرف الإمارات العربية المتحدة منذ أن استعادت القبائل المحلية المدعومة من التحالف سنة 2015 السيطرة عليها

وهكذا بات القتال العنيف بين القوات الأمنية الموالية للحكومة وتلك التي تموّلها الإمارات ـ التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي ـ أولوية، على حساب قتال الحوثيين، مما حوّل أبو ظبي عن هدفها الأول (المفترض)، بل وجنّبها عمليات الانتقام المستمرة من طرف المتمردين الزيديين. يفسّر هذا الانقسام الكبير بين القوات المحلية نجاح هجوم الحوثيين في سبتمبر/ أيلول 2021 للاستيلاء على شبوة قصد محاصرة مأرب من الجنوب. وقد اتُهم محمد بن عديو آنذاك بتقديم النزاعات السياسية بين الإصلاح والمجلس الانتقالي الجنوبي على الحرب ضد الحوثيين. وقد ضعف موقفه بعد سقوط مديريات الشمال الثلاثة عسيلان وبيحان وعين بيد الحوثيين.

الإمارات و“كتائب العمالقة

شكّل غزو شمال شبوة في نهاية 2021 من طرف المتمردين وتقدّمهم السريع في جنوب مأرب خطّاً أحمر يهدد مصالح الإمارات العربية المتحدة في جنوب اليمن. وعليه قرّر القادة الإماراتيون الذين كانوا حتى ذلك الحين أكثر انشغالا بتعزيز نفوذهم، شن هجوم على الحوثيين. وقد سهّل هذه المرة تلاقي المصالح بين أبو ظبي والرياض صدّ الحوثيين. وتم استبدال المحافظ بن عديو، الذي كان تحت الضغط منذ هزائمه العسكرية، بشخصية أقل إثارة للانقسامات وأكثر ولاء للإمارات، هو عوض بن الوزير العولقي (…). هكذا تمت إقامة تعاون بين قوات التحالف وتلك التي تدعمها الإمارات، ودخلت أبو ظبي بصفة غير مباشرة في حرب ضد المتمردين الحوثيين، وهي سابقة منذ انسحابها في 2019.

إقرأ على موقع 180  بين جدّة وطهران.. نبرة عربية جديدة وإستقطاب أوراسي

قامت أبو ظبي بإعادة نشر “كتائب العمالقة” لإطلاق عملية “إعصار الجنوب”، وكانت هذه المجموعة حتى وقت قريب متمركزة على الساحل الغربي للحديدة، في محافظة شبوة، دون مهمّة. كانت هذه الحركة التكتيكية مستحيلة تحت حكم محمد بن عديو. وقد تم بالفعل تكوين وتمويل وتسليح اللواء المتشكل من 30 ألف فرد من طرف الإمارات منذ 2015. هذا اللواء قريب أيضا سياسيا من المجلس الانتقالي الجنوبي، وهو يتشكل من قادة سلفيين طردهم الحوثيون من صعدة في 2014، ومن أعضاء قبائل جاءت من يافع ومن مقاومي تهامة، أو من جنود أتوا من الجنوب الغربي.

تدويل الصراع اليمني

في ديسمبر/كانون الأول ويناير/كانون الثاني، استعاد تحالف المقاومين هذا السيطرة على المديريات الثلاث التي سقطت في شمال شبوة، وتم طرد الحوثيين حتى مديرية حريب، وهي ثاني أكبر مديرية بمحافظة مأرب وتقع على بعد 90 كلم جنوب مدينة مأرب. كان ذلك بمثابة متنفس للقوات المناهضة للمتمردين، وهو نجاح إماراتي ليس ببعيد عن رحيل محمد بن عديو (…).

وبرغم هجمات كبيرة منذ سبتمبر/أيلول 2021 ومكاسب إقليمية جنوب مأرب والبيضاء وشبوة، فقد المتمردون الزيديون الكثير من المقاتلين، وكان لذلك أثر عليهم على ما يبدو. فعدم قدرتهم على إبقاء سيطرتهم على قطاعات رئيسية تم كسبها قبل أشهر أجبر الهيئات العليا للحركة على محاولة ترهيب أبو ظبي باستخدام طائرات بدون طيار وصواريخ بالستية. هذا على الأقل ما يعتقده المحافظ عوض بن الوزير العولقي: “مثل هذا الهجوم على حليفنا الإماراتي هو رد منطقي على انتصاراتنا هنا”. وقد أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا فعليا دعمهما للدفاع الجوي الإماراتي. الأمر الذي يزيد في تدويل الصراع وتصعيده”.

(*) بالتزامن مع “أوريان 21“.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
udemy course download free
إقرأ على موقع 180  الشامي الذي يصرخ مبحوحاً في وديان.. لبنان!