علا صوتُ امرأةٍ في منضدة خلفية، ففزَّت أخرى على مَبعدة أمتار، ومدَّت إليها الخطوَ وهي تبادلها الصِّياح. اجتمع رواد النادي القريبون يحاولون فضَّ الاشتباك الذي نشأ بين الاثنتين؛ فتبيَّن بعد دقائق قليلة أن المرأةَ الأكبر عمرًا لا تريد من طفل الشابة أن يقودَ عربته البلاستيك الصغيرة في المَمَرّ المُجاور. كانت تقرأ من مُصحَف في يدها وتبحث عن فَرض الهدوءِ التام في محيطها. أتبعت صياحَها المُتذمِّر بلفظٍ عنيف، ورَمت الشابَّةَ بأنها منقوصة الأدب وبأنها تُسهِم في إنشاءِ جيل "مش متربي". أغلبُ الحاضرين أعطوا الحقَّ للطفلِ في اللعب ولأمه في الدفاع عنه؛ لكن الأخرى تمادت في غضبها، أرغَت وأزبدَت وألقت بكلمات وَقع بعضُها من آذان السَّامعين مَوقِع السُّباب، ثم غادرت منضدتها مُعلِنة الحسرة على الحال التي آل إليها المُجتمَع، واقترابه من حافة الانهيار.