انطباعات Archives - 180Post

smoking_to_death__alfredo_martirena.jpg

قضيت سنوات طفولتي وفجر مراهقتي في بيت يُدخّن فيه الأب فيه بحرص وحسب توقيتات لا تتبدل؛ أما الأم فتكره رائحة الدخان. الوالد يدخن في مواعيد تكاد لا تتغير. سيجارة مع قهوة الصباح وأخرى بعد استراحة القيلولة، ولا تدخين بينهما. سنوات قضيتها أيضا رفقة "شلة" لا أحد فيها يدخن. إن حدث وشوهد واحد منها يدخن على ناصية من نواصي اللقاء تردد الخبر لدى الأمهات في كل البيوت وانهالت على المدخن ويلات الأمهات كافة.

eva.jpg

عشت سنوات، وما أزال، أجمع حكايات عن الحب، عن كل أنواعه، حكايات عن حب شخص لآخر، حب صبى لفتاة، حب نساء لرجل، حب الناس لزعيم، حب زعيم لشعبه، حب امرأة للحياة، حب إنسان لنفسه، نعم حب من كل نوع، ولكنى كثيرًا ما كنت أتوقف طويلًا أمام حكاية بعينها قبل أن أقرر ضمها لمجموعة حكاياتى عن الحب، أوقفنى فى إحداها الصدق فيه وفى أخرى حجم التضحية من أجله، وفى ثالثة وقعه على الغير، كان الغير شعبًا أم ملاكًا أم عبدًا فقيرًا أم كاتب هذه السطور.

1.jpg

نما إلى علمى ليلة أمس أن العالم يحتفل يوم الخامس عشر من أيار/مايو بعيد البيتزا. لست أخجل من الاعتراف بأننى قضيت ساعة أو أكثر من الليل أجتر سعادة فائقة يعود تاريخها إلى ما قبل منتصف القرن الماضى ومصدرها مطعم صغير ما زلت أذكر انبهارى بأغطية موائده ذات المربعات الحمراء والبيضاء. أتحدث عن سنوات الأربعينيات وأوائل الخمسينيات من القرن الماضى وعن محل صغير يخبز ويبيع البيتزا على مدخل سينما ريفولى ويملكه الفنان القدير رشدى أباظة، وأظن، إذا لم تخنى الذاكرة، كانت تديره والدته الإيطالية الأصل والجنسية.

471818942_1719883625253795_2891986496786367661_n-1.jpg

سألتني.. "ما بك يا بيه"؟ أجبت.. "المزاج غير معتدل". عادت تسأل.. "طيب، أعمل لك فنجان قهوة يعدله"؟.. بودي لو رددت على الفور بأن القهوة هذه المرة هي السبب في انحراف مزاجي فكيف تكون هي العلاج. أعلم بالتأكيد أنها لن تُقدّر الرد، فللتعامل مع القهوة مكانة تكاد ترقي عند أغلب من أعرف من أهل بلدي إلى مستوى "لزوم التقديس"، والمقدسات في عرف هؤلاء لا يمكن أن تضر البشر.

78b9045dabe1c2690c3721f15e33648d.jpg

كانت أياماً ثقيلة في بكين تلك التي قضيناها، زوجتي وأنا، في الفندق، وبخاصة عندما احتاجت زوجتي إلى رعاية طبية. لم يكن قد مرّ على وجودنا في العاصمة الصينية إلا أسابيع قضيناها في ظروف قاسية عندما أبلغتني السكرتيرة بالسفارة أن قراراً صدر في وزارة الخارجية الصينية بتخصيص شقة لنا في المجمع الدبلوماسي وعدم الالتزام بدورنا في قائمة انتظار مطولة، وتكليف محل كبير في وسط العاصمة بتوفير الأثاث اللازم لهذه الشقة، وتعيين طبّاخ متميز ومساعدة بيت مدربة.

jamil.jpg

فى كل يوم جمعة تأتى إلى بيتى ما أطلق عليها قبيلتى الصغيرة.. الابنتان وزوجاهما والأحفاد والأطفال. أقضى بعض اليوم أمارس هوايتى المفضلة، وأقصد التأمل والمراقبة، وبخاصة مع الصغار. أراقب السلوكيات والتصرفات بحثًا عن مجالات الاهتمام عند كل طفل، ثم أقارن بينها وبين ما يمكن أن أتذكره عن نفسى فى المرحلة نفسها.

1.jpg

كانت تقع في حي جاردن سيتي على طريقي الموصل إلى مكاني المفضل في حدائق قصر النيل. أتوقف عندها في ذهابي لأقرأ ما لم أكن انتهيت منه في اليوم السابق وأتوقف عند العودة عسى أن تكون وصلت الدفعة الجديدة من الدوريات، أصعد مع ما اخترت منها إلى الطابق الثاني حيث مكتبة الموسيقى أقضي فيها وقتا نوعيا قبل أن أعود إلى بيتي. أتحدث هنا عن مكتبة مركز الاستعلامات الأمريكي.

0.jpg

يا الله يا كريم، ما أكثر العرب الذين أنعمت علي بهم في حياتي! كثيرون بالعدد والفعل والأثر. أعرف أن مقالاً بالحجم المقرر لي في هذه الصفحة لن يعرض لهؤلاء العرب الذين دخلوا حياتي أو مروا بها بما يناسب عددهم ويناسب الحكايات التي خاضوها أو نسجوها معي.

tanja.png

أفرغت المظروف الأصفر على سطح مكتبي. خرجت منه صور لمناسبات متفرقة. واحدة من الصور نجحت في لفت انتباهي. بدت لي أنها تتعمد أن تتباهى على رفاقها من الصور بنجاحها برغم عيب فيها أو ربما لعيب فيها. أما العيب فكان "البهتان" الذي أصاب ألوانها. بهتان حفّزها لتكون الأولى لتقع عيناي عليها قبل أن تقعا على غيرها من الصور خلال هذه المساحة من الوقت التي قد تكون ضيقة وفي ظرف منافسة حرة ظالمة مع صور أوضح وأقل بهتاناً؛ منافسة مصيرها محتوم لغير صالحها.

1-1.jpg

منذ اللحظة الأولى لتوقف العدوان الإسرائيلي فجر 27 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تدفّق الأهالي نحو الجنوب اللبناني يبحثون عن شهدائهم وما يزالون. ومنذ ذلك اليوم يكاد لا يمرّ يومٌ دون انتشال شهداء وتشييع آخرين، حتى بعد التشييع الكبير لسيد شهداء الأمة السيد حسن نصرالله، ليرسم مشهدية ما بين تشييعين، أوله هنا عن الشهداء، وثانيه عن "السيد" يأتي.