رئيس الأركان الإسرائيلي الجديد.. حتى لا ينضم إلى “قافلة الفاشلين”!

Avatar18008/09/2022
يواجه الرئيس المقبل لهيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجنرال هرتسي هليفي، مهمة مستحيلة تقريباً هي إزاحة دفة سفينة "التايتانيك" ومنع إصطدامها بالجليد. هذه هي الخلاصة التي توصل إليها القائد السابق للكليات العسكرية "الإسرائيلية" الجنرال يتسحاق بريك، في مقالة نشرها في موقع  "N12".

“(…) الوضع داخل الجيش، كما يبدو اليوم، سيدفع إسرائيل إلى كارثة قومية كبيرة جداً في المعركة المقبلة. على رئيس هيئة الأركان المقبل تمييز نفسه من عادات مَن سبقوه، إذ من الممكن أن تكون أفكارهم ممتازة، إلا إن الجيش تراجع إلى وضع لن يستطيع تطبيق هذه الأفكار فيه.

القيادة العليا للجيش لم تتعامل مع أساسات النجاح بإدارة وثقافة عمل تنظيمي صحية، ولم تقُم ببناء جيش نوعي بمستويات عالية، جيش ملتزم، كهذا الذي يستخلص العبر ويقوم بأبحاث ذات صدقية كجسم واحد، فيكون كل شيء مصحوباً بالقناعات والعادات والصدق والاستقامة. ولذلك، لا تستطيع هذه القيادة تطبيق أفكارها. فالجيش يتزود بتكنولوجيا جديدة ثمنها مليارات الدولارات، ويغطي بها الفشل في الجيش: نقص تدريبات؛ عدم التدرب على استعمال التقنيات؛ نقص في القوى البشرية المهنية التي تستطيع التعامل مع هذه المعدات وترميمها – باتت هذه المعدات غير صالحة للاستعمال، ولا يتم استنفاد قدراتها خلال التدريبات.

ما هو حجم الإخفاق؟

الضباط المسؤولون كانوا يحلّقون مع الغيوم خلال الأعوام السابقة، ولم تطأ أرجلهم أرض الواقع. لقد بنوا لأنفسهم قصراً من جليد، كالواقع الافتراضي الذي سيذوب بفعل نار القذائف التي ستنهال على الجبهة الداخلية الإسرائيلية. يوجد لدى إسرائيل اليوم جيش للحياة اليومية، وليس لديها جيش للحرب المتعددة الجبهات الآتية من التهديد الإيراني وأذرعه. سيطلقون في كل يوم أكثر من 3000 صاروخ في اتجاه الجبهة الداخلية الإسرائيلية، بالإضافة إلى مئات المسيّرات، كما سيقومون بتدمير 150 موقعاً، بالإضافة إلى عشرات آلاف “المخربين” الذين سيقاتلون داخل حدود إسرائيل: الضفة الغربية وداخل إسرائيل ذاتها. هذا الوضع لم نكن نشهده قط. وإذا لم يغيّر رئيس هيئة الأركان الجديد طريقة عمل مَن سبقوه كلياً، ويتوقف عن التحليق في الواقع الافتراضي، ويبدأ بمعالجة جذرية في الوحدات المقاتلة وجاهزيتها، ومن ضمنها تغيير الثقافة التنظيمية كلياً، فسيكون له شرف الانضمام إلى فشل مَن سبقوه.

لا يوجد مَن يدافع عن البلدات في الشمال أمام آلاف الصواريخ والقذائف التي ستسقط فيها كل يوم. في الوقت ذاته، يمكن أن يحاول حزب الله عبور الحدود بأعداد كبيرة. الجيش غير جاهز لهذه المعركة، لذلك، يجب تحضير سكان البلدات في شمال البلاد للدفاع عن أنفسهم

ما هي المواضيع التي يجب على رئيس هيئة الأركان الجديد التعامل معها ومنحها الأولوية والدفع بها قدماً بسرعة؟

الترميم واللوجستيات لن يعملا:

الإمداد اللوجستي والترميم لن يعملا بشكل كامل في المعركة القادمة المتعددة الجبهات، وهو ما سيوقف الجيش خلال يوم، أو يومين في الحد الأقصى. في الأعوام السابقة، تجمعت في الجيش الآلاف من حافلات “ريو” القديمة، وعمرها 60 عاماً، وهي غير صالحة لنقل المعدات العسكرية في الحرب. الجيش اختار الخصخصة وتوجه إلى الشركات المدنية، ومن المفترض أن تنقل هذه الشركات الدبابات والمركبات المدرعة، وأدوات هندسية تقنية، ووقوداً، وذخيرة، وغذاء، ومعدات، وقطع غيار، ومياهاً، وخزانات للتبديل، وكاراجات لتصليح الثقوب، ومركبات لتفعيلها خلال الحرب، وأموراً أُخرى. لدى هذه الشركات نقص في الحافلات ومعدات أُخرى؛ لديها نقص بالآلاف في أعداد سائقي الحافلات وناقلات الدبابات. والعدد القليل الموجود أصلاً هم عمال عرب يعملون في هذه الشركات، ولن يحضروا إلى العمل في الحرب القادمة، كما لم يتواجدوا خلال عملية “حارس الأسوار”، لأن أصدقاءهم لن يسمحوا لهم بذلك. انعدام المسؤولية لدى المستوى العسكري موجود بمستويات عالية جداً. هذا المستوى العسكري يعرف الوضع الصعب هذا، ويختار الوقوف جانباً وعدم التصرف للخروج من هذا الوحل. وكما يُقال: من بعدي الطوفان.

إقامة حرس قومي:

المواجهات التي ستندلع خلال الحرب المقبلة، سيشارك فيها عرب “متطرفون” وبدو. أعدادهم ستزيد بالعشرات عما حدث خلال حملة “حارس الأسوار”، وهناك خطورة حقيقية على السكان والأملاك. لديهم الآن السلاح والذخيرة التي سُرقت، أغلب الظن من قواعد الجيش، أو تم تهريبها من الحدود. لا قدرة لدى الشرطة وحرس الحدود على التعامل مع هذا الوضع وحدهما، لذلك، يجب تقوية “الحرس القومي” الذي تم إنشاؤه. وظيفته ستكون حراسة الشوارع وبيوت المواطنين والأملاك والحركة في المحاور.

معالجة مشاكل الدفاع في البلدات الحدودية:

لا يوجد مَن يدافع عن البلدات في الشمال أمام آلاف الصواريخ والقذائف التي ستسقط فيها كل يوم. في الوقت ذاته، يمكن أن يحاول حزب الله عبور الحدود بأعداد كبيرة. الجيش غير جاهز لهذه المعركة، لذلك، يجب تحضير سكان البلدات في شمال البلاد للدفاع عن أنفسهم.

تحضير الجبهة الداخلية (المدنية) للحرب:

يجب توضيح التهديد للجبهة الداخلية وتحضيرها للحرب. الجبهة الداخلية ستكون الساحة المركزية في الحرب المتعددة الجبهات، إلا إن الجيش يتعامل معها كزائدة لا حاجة إليها. فهذه الجبهة التي يعيش فيها 10 ملايين من السكان، لم يتم تجهيزها للحرب الأصعب منذ “حرب الاستقلال (1948)”. وللدفاع عن الجبهة الداخلية في الحرب المقبلة، يجب التزود بأدوات قتالية جديدة: صواريخ أرض – أرض؛ منظومات ليزر ضد القذائف، وضد الصواريخ المضادة للدبابات، وتجهيزات أُخرى. هذه الأمور ستشكل إضافة تتكامل مع الطائرات ضد المسيّرات والصواريخ والقذائف. حان الوقت لنفهم أنه في الحرب المتعددة الجبهات المقبلة، لن يكون لدى سلاح الجو قدرة على الوقوف وحيداً مقابل التهديد المتعدد من إيران وأذرعها. وعلى الرغم من ذلك، فإن أغلبية أموال ميزانية التزود بالأسلحة تذهب لشراء طائرات، وتقريباً لا تزود سلاح البر بالأدوات القتالية التي ذكرتها سابقاً. فقدنا القدرة على القتال المتعدد الأذرع، وتحولنا إلى جيش ذي بُعد واحد لسلاح الجو، من دون قدرة على الاستجابة للتهديد الوجودي في الحرب المقبلة بسبب ضيق التفكير وجمود رؤية المستوى العسكري الكبير.

سلاح البر أصغر من أن يؤدي مهماته في الحرب، فالاحتياط غير مجهز للحرب، وقدرة الجيش الآن بالكاد تكفي للتعامل مع جبهة ونصف جبهة، وليس مع خمس جبهات مصحوبة بإطلاق آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم

تقوية سلاح البر:

إقرأ على موقع 180  مسؤول إسرائيلي لـ"نيوزويك": "حزب الله سيهزمنا في 24 ساعة"

يجب تقوية سلاح البر فوراً، وإخراجه من حالة الركود، وترميم حالة القتال المتعدد الأذرع. في الأعوام الأخيرة، تم تقليص سلاح البر، ولا قدرة لديه على الاستجابة في حرب متعددة الجبهات أمام خمس جبهات في الوقت ذاته: لبنان، وسوريا، وغزة، وانفجار في الضفة الغربية، وكذلك المواجهات في الجبهة الداخلية. وبالإضافة إلى هذا، سلاح البر أصغر من أن يؤدي مهماته في الحرب، فالاحتياط غير مجهز للحرب، وقدرة الجيش الآن بالكاد تكفي للتعامل مع جبهة ونصف جبهة، وليس مع خمس جبهات مصحوبة بإطلاق آلاف الصواريخ والقذائف كل يوم كما سيحدث في الحرب المقبلة.

ليس هذا فقط، المطلوب علاج جذري في مجال القوى البشرية داخل الجيش الأساسي، وتغيير النموذج الشاب الذي تم إدخاله إلى الجيش في فترة ولاية غادي أيزنكوت الذي سبّب، حتى اللحظة، أضراراً قياسية في النوعية داخل الجيش الأساسي. والدليل أن الضباط الجيدين، في أغلبيتهم، يهربون وغير مستعدين لتوقيع خدمة طويلة ثابتة، بل يتركون الخدمة في الجيش، ليحلّ مكانهم المتوسطون وما دون.

الثقافة التنظيمية والإدارية والقيادية:

بالإضافة إلى هذا كله، يجب المعالجة الجذرية للثقافة التنظيمية والثقافة الإدارية والقيادية المعطوبة داخل الجيش، لأنه لا يمكن بناء جيش نصر على أساساتها المائلة. وكيف يتم التعبير عنها؟ بعدم انضباط، وعدم وضوح الأوامر، وعدم وجود رقابة ومتابعة، وعدم معالجة وتصويب للانتقادات، وعدم استخلاص العبر وتطبيقها، وأبحاث غير موثوق بها، ومعالجة طفيفة، وطمس حقائق وعدم قول الحقيقة، وعدم وجود استمرارية وتواصلية في بناء قوة الجيش، كل ضابط جديد يحاول اكتشاف الدولاب من جديد، عدم التزام بالتعليمات، عدم وجود روتين صحي داخل الوحدات، ومقاييس متدنية من دون محددات واضحة، وأمور أُخرى.

إن الفجوات الموجود فيها الجيش الإسرائيلي اليوم بشأن عدم جهوزيته للحرب المتعددة الجبهات صارخة، لكن المستوى العسكري يواصل التجاهل على نمط “الكلاب تنبح والقافلة تسير”. لو لم يكن الحديث يدور حول وجود أمن دولة إسرائيل ومواطنيها، كان من الممكن الوقوف جانباً، لكن مع كسل المستوى الأمني، فإن الكارثة قد تكون مسألة وقت. إن مهمة رئيس هيئة الأركان الجديد، المستحيلة تقريباً، ستكون إزاحة دفة “التايتانيك” ومنع اصطدامها بالجليد”. (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية).

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download Premium WordPress Themes Free
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  ديفيد أغناتيوس: نصرالله يختار مصيره بنفسه