سمير العيطة, Author at 180Post

n.jpg

شكّل انهيار جدار برلين ومن بعده منظومة الاتحاد السوفياتي وكذلك هيمنته على دول أوروبا الشرقيّة حدثاً تاريخيّاً كبيراً. هذا الانهيار كان نتيجة سوء إدارة مزمِن للسلطات القائمة في هذه البلدان وعدم قدرتها على التأقلم مع المتغيّرات داخلها وعلى الصعيد العالمي. على عكس ما حدث في الصين، رغم تشابه العقيدة السياسيّة للسلطات هناك. 

a7286bd13f862611076eeb90a7bbade1.jpg

أربع عشرة سنة من المؤتمرات ومن تشكيل هيئات معارضة و"حكومة منفى" مؤقتة وتسليح ودعم مالي وإغاثي وعقوبات تزداد قسوتها، لكن في الواقع جرى تحويل "الثورة" إلى حرب أهليّة ودمار واسع وانهيار اقتصادي وتقسيم فعليّ للبلد وصعود كبير للشرذمة الطائفيّة والإثنيّة والاستسلام للتبعيّة الخارجيّة. لكن ثمة سؤال لا بدّ ألاّ يبارح دوماً ذهن السوريين: هل كانت الدول التي سمّت نفسها "داعمة لسوريا" تعمل حقّاً كي تنتصر "ثورة" السوريين على الاستبداد وأن يتحقّق حلمهم بالحريّة والكرامة؟

20250314.jpg

السوريّون محكومون بالأمل. معاناتهم المعيشيّة، والعقوبات التي فرضت عليهم منذ أربعة عشر عاماً، وصراعات الآخرين على بلادهم وشرذمتها، والانفلات الأمنيّ، وكبح الحريّات العامّة والخاصّة، والنزوح والتهجير؛ أمورٌ ستعرف نهايتها جميعها قريباً وإن تدريجيّاً. الأمل كبيرٌ، بل كبيرٌ جدّاً، قياساً بالمعاناة التي عاشوها طويلاً.

awa.jpg

توغّلت القوّات الإسرائيليّة في بلدة نوى في حوران بسفح جبل الشيخ، واشتبك الأهالي معها بالسلاح ودافعوا عن بلدتهم وكرامتها وكرامة أهلها والسوريين. واستُشهد تسعة منهم. هذا في بلدٍ تمّ حلّ جيشه وتقوم إسرائيل يوميّاً بقصف وتدمير منشآته وتُهدّد بأنّها ستضع عاصمته دمشق تحت هيمنتها وصولاً إلى الفرات.

AA7C99EF-DAC1-40F0-B5DD-B74841EE9376.jpeg

برغم كلّ الاتفاقيات والوساطات، عادت إسرائيل إلى وتيرة إبادتها الجماعيّة للفلسطينيين في غزّة وتدمير مخيمات ومدن الضفّة الغربيّة. كما أغارت طائراتها على الضاحية الجنوبيّة في بيروت، بحجّة حادثة مشبوهة، لتُعكّر أجواء زيارة الرئيس اللبناني جوزاف عون إلى باريس واللقاء الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بين الرئيسين اللبناني والسوري أحمد الشرع.

jpulani.jpg

حدث انقلاب 8 آذار/مارس 1963 في سوريا باسم إعادة الوحدة بينها وبين مصر. تلك الوحدة التي لم تجرؤ حكومات "الانفصال" المتعاقبة عن إلغاء قراراتها "الاشتراكية" لما كان لها من دعمٍ شعبيّ. لكنّ البعثيّين سرعان ما أطاحوا بشركائهم الناصريّين، ثمّ انقسموا على أسسٍ مناطقيّة و"طبقيّة" ليطردوا عام 1965 جميع الكوادر المدينيّة من الوظيفة العامّة. أولئك الذين قامت الدولة السورية بعد الاستقلال عليهم، إلى حدٍّ كبير، بفضل التزامهم بالمصلحة العامّة ونشر التعليم والكهرباء. 

4.jpg

إنّ أكثر من ثمانين بالمئة من السوريين يعيشون تحت خطّ الفقر، حسب تقارير الأمم المتحدة، بل تزداد أحوالهم سوءاً مع استمرار العقوبات وتراجع الحركة الاقتصادية مع واقع حبس السيولة والأجور والمعاشات التقاعديّة.. والأخيرة هي حقّ وليست منّة.

Muzaffar-Yulchiboev_Uzbek_Uzbekistan_Gaza-The-Forgotten-Crime.jpg

تُثير التصريحات التي يطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وطاقمه منذ تولّيهم السلطة الكثير من الاضطرابات والتساؤلات. فهل يجب أخذَها على محمل الجد؟ وذلك فيما يخصّ ضمّ كندا أو غرينلاند أو إعادة الاستيلاء على قناة بنما؟ أو فيما يخصّ صيغة السلام الذي يزعم ترامب إقامته بين روسيا وأوكرانيا؟ أو في التدخّل السياسي لصالح اليمين المتطرّف في الانتخابات في أوروبا؟ أو أيضاً في مشروع استملاكه أراضي قطّاع غزّة وتهجير الفلسطينيين منه إلى مصر والأردن.. وربّما السعوديّة؟

syrie-people.jpeg

استمرّت معاناة المجتمع السوري سنين طويلة. إنّ قدرته على التحمّل والصبر مُلفِتة للانتباه، مثله مثل مجتمعات بلاد الشام الأخرى في فلسطين ولبنان. لقد عانى السوريّون ضيق العيش وندرة سبل كسب الرزق لأسبابٍ تتعلّق بالعقوبات والتسلّط والصراع وأمراء الحرب على السواء. لكنّ ما زرع الأمل ودفع للصبر على المشقّات كانتا كلمتان كثيراً ما يتمّ تغييبهما عن المشهد. كلمتان جوهريّتان: المواطنة والحريّة.

Trump_grolik.jpg

عندما ستُقرأ هذه السطور سيكون الرئيس الجديد للولايات المتحدة دونالد ترامب في سياق تأدية القسم الدستوريّ لبداية ولايته الجديدة. وسيشرع بعدها بتوقيع أوّل أوامره الإداريّة التي ستُحدّد ملامح سياساته طيلة فترة هذه الولاية.