مالك أبو حمدان, Author at 180Post

tahran-1.jpg

منذ إعلان انطلاق المُسيّرات ثمّ الصّواريخ الإيرانيّة نحو الكيان الإسرائيليّ ليلةَ ١٣ إلى ١٤ من شهر نيسان/أبريل الجاري، ونحن نسمع معزوفات تتحدّث عن "مسرحيّة" و"استعراض" و"تمثيل" وما إلى ذلك.

khamenei.jpg

بعيداً عن التّحليلات الجزئيّة أو الفرعيّة، الحياديّة وغير الحياديّة، وبعيداً عن الضّجيج الاعلاميّ من كلّ الجهات وعلى كلّ الجبهات، أعتقد أنّ علينا التّشديد على نقطَتَين استراتيجيَّتَين بعيدَتَي الأمد، وسؤال جوهريّ بعيد الأمد أيضاً، وذلك ضمن سياق ما عكسَهُ ردّ إيران ليلَ ١٣ إلى ١٤ من الشّهر الجاري على الاعتداء على قنصليّتها في الشّام:

1cf048c9aa61601ab956ac6101009d60.jpeg

تكرّر في الآونة الأخيرة استخدام عبارة "ثقافة الموت" في ما يعني توصيف بعض خطوات المقاومة اللّبنانيّة.. وكذلك بعض بيئة هذه الأخيرة للأسف. أمّا أن يصدر بعض هذا الخطاب من على منابر عنصريّة وفاشيّة معروفة، فما هذا بالمهمّ ولا بالمؤثّر ولا بالمستغرَب.. وأغلب هؤلاء ما هو إلّا تجسيدٌ قد غداْ كاريكاتوريّاً بالفعل للموتِ نفسِه: موتِ البُعد الرّوحيّ والحقيقيّ والعالميّ والمُحبّ والحرّ والأبيّ في الإنسان. وأمّا أن يصدُرَ بعضُه على لسان وبأقلام بعض "رجال الدّين"، فهذا ما يُثير العجب ويستدعي فتحَ حوارٍ حضاريٍّ متوازنٍ عاجل.

14-marspng.png

درجت المقولة التّالية، على لسان بعض السّياسيّين في لبنان، ومفادُها مع التّبسيط: أنّ المشكلة في نهاية الأمر.. هي في "المواطن" اللّبنانيّ أو في "النّاس". إذا كانت أغلب النّخب والقيادات السّياسيّة والمؤسّساتيّة في لبنان فاشلة و/أو فاسدة و/أو مقصّرة؛ فذلك لأنّ الشّعبَ نفسَه فاشلٌ وفاسد! أدافع في هذا المقال عن فكرة مفادُها أنّنا بالطّبع أمام كلامٍ باطِلٍ.. يُرادُ بِهِ باطلٌ ومن النّوع الخبيث جدّاً (إذ: بطلَ عنديَ الكلامُ والمُرادُ في هذه المقولة ووراءَها).

IMG_2023060-vvfg-ccdf.jpg

من الصّعب مخالفة الرّأي الذّاهب إلى أنّ عودة دونالد ترامب إلى سدّة الرّئاسة الأميركيّة في أواخر العام الحالي مسألة سلبيّة اجمالاً، إنْ بالنّسبة إلى الشّعب الأميركيّ نفسِه، أو بالنّسبة إلى بقيّة شعوب وقضايا العالم على اختلافها. في الاجمال: نعم، علينا الاقرار بأنّ عودة ترامب وما يُمثّله مسألة سلبيّة جدّاً على المستويات الدولية والإقليمية. ولكن، لطالما يأتي ما نعتبرُهُ سلبيّاً بإيجابيّات معيّنة لا نراها في الظّاهر لنا، على قاعدة: "عسى أن تَكرهوا شيئاً وهو خَيرٌ لكم".

arabjpg.jpg

في الجزء السّابق، بدأنا بتناول بعض الجوانب العقلانيّة-المفاهيميّة في ما يخصّ ما سمّيناه بعالميّة "الرسّالة الإسلاميّة" من خلال عالميّة المعاني والحقائق التي أرادت وتريد أن تدلَّ علَيها. وقد رأينا أنّ "رسالةَ مُحمَّدٍ رسولِ الله" تُوافق الأغلبيّة العظمى من الأديان والمذاهب الرّوحيّة في ما يخصُّ المعاني والحقائق الكونيّة الجوهريّة الباطنيّة الكبرى، مع تشديدٍ على توحيدِ الذّات (Substance) الإلهيّة وتنزيهِها بلا شوائب (ذهنيّة ومفاهيميّة وعقائديّة بشكل خاصّ).

Arab-Meditation-Background.png

تناولنا في مقالٍ سابق قضيّة كونيّة أو عالميّة "الرّسالة المسيحيّة"، وذلك من خلال الاعتماد على دراسةٍ تأويليّة-فهميّة لبعض المعاني الوجوديّة والمعرفيّة الكبرى الكامنة وراء الخطاب والإشارة والرّمز والصّورة والطّقوس والسّرديّات شبه الأسطوريّة (وما إلى ذلك).

3ed8c3796ef27ba19cf1499940b4256c.jpg

بعد أن تناولنا بعض التّصوّرات التّاريخيّة ونقدها (ونقد نقدِها) في الجزأين السّابقين، نتناول في هذا الجزء جانباً أساسيّاً يُعنى بتحوّل قضيّة وشخصيّة "عَلِيّ" إلى رمز صوفيّ (Mystique)، داخل الثّقافة الإسلاميّة بمختلف مذاهبها. سنرى أيضاً كيف أنّ الأسئلة المتأتّية من مقابلة التصوّرين السّائدَين حول شخصيّة "عليّ" من جهة، وشخصيّة "معاوية" من جهة أخرى: تدفع وعيَ الإنسان ولا-وعيَه (الفرديَّ والجماعيَّ) بقوّة مؤلمة واقعاً إلى طرح أسئلة حول الوجود نفسه وحول المعنى الكامن والباطن وراء تواجدنا في هذه الدّنيا.

الله.jpg

عرضنا في ما سبقَ بعضَ الجوانب التي تدفعنا إلى ترجيح ضعف فرضيّة أنّ الإمام عليّ بن أبي طالب إنّما وصل إلى ما تسمى "الهزيمةَ السّياسيّة" أمام مختلف خصومه بسبب عدم درايته باللّعبة السّياسيّة العمليّة (كما تدّعي هذه الفرضيّة "العبّاسيّة الطّابع التّأريخيّ" بشكل خاصّ)، أو بسبب عدم تمكّنه منها ومن ألعابها المبنيّة على الحنكة والدّهاء، كما تدّعي أيضاً كثيرٌ من أدبيّاتنا العربيّة والإسلاميّة والتّأريخيّة وإلى يومنا هذا (ومن جميع الفرق تقريباً).

سلايدر-5.jpg

"الإمام عليّ بن أبي طالب الهاشِميّ القُريشيّ لم يُخلق للسّياسة". أو بطريقة هي أقلّ تهذيباً للمضمون المقصود واخفاءً لبعض جوانبه: "إنّ عليّاً، للأسف، لمْ يكنْ أهلاً للسّياسة". أو بطريقة هي أقرب إلى التّعبير العلميّ الذي نفضّله طبعاً في هذا المقام: "من المرجّح - أو من الواضح - أنّ عليّاً لم يملك الحنكة الكافية للنّجاح في السّياسة وفي الحكم.. وبالأخصّ، للنّجاح ضدّ خصومه الأساسيّين داخل الأُمّة الإسلاميّة الفتيّة".