مالك أبو حمدان, Author at 180Post

mouharer.jpg

شاءت الأقدار أن تأتي ذكرى تغييب الإمام السّيّد موسى الصّدر وأخَويه هذه السّنة.. فيصبح معها سؤال "الدّخول إلى الدّولة" الذي طرحناه قبل عام: أقرب ربّما، وللأسف، إلى سؤال كيفيّة إدارة نوع من "الخروج الاضطّراريّ من هذه الدّولة" نفسها، خصوصاً بعد الذي حصل هذا الأسبوع من قبل أغلب أركان السّلطة التّنفيذيّة في البلد، ويبدو أنّه مقصودٌ إلى حدّ كبير، ومُدبّرٌ من قبل بعض الأطراف المحلّيّة والاقليميّة وربّما الدّوليّة، بما فيها جانب من العقل الاسرائيليّ نفسه.

750.png

أعلم أنّ الكثيرين من محبّي وعاشقي "زياد" سيعتبرون أنّ الاكثار من المقولات والتّحليلات الفكريّة، وأنّ الاكثار من الفلسفة والتّفلسف – إن جازت هذه التّعابير كلّها - في ما يخصّ هذا الرّمز الفنّيّ والاجتماعيّ - اللّبنانيّ والمشرقيّ - الكبير... ليسا مناسبَين ربّما لما يُفضّله ويُحبّه الرّجل نفسه من جهة، وليسا مناسبَين في ما يعني المزاج اللّبنانيّ الشّبابيّ العامّ من جهة ثانية.

801.jpg

من بين المصطلحات أو الجمل التي بتنا نسمعها ونقرؤها كلّ يوم تقريباً، حتّى على لسان رئيس حكومة من الطّراز الأكاديميّ والمهنيّ والمناقبيّ لدولة الرّئيس القاضي نوّاف سلام: هي قول البعض إنّ "السّلاح"، أي سلاح المقاومة في لبنان.. إنّما "لم يردع"؛ أو هو لم يردع كما كان يتوقّعه البعض أو كثيرٌ من اللّبنانيّين، لا سيّما في ضوء الحرب الاسرائيليّة الأخيرة على لبنان.

800-26.jpg

يميل ذهننا البشريّ بطبيعته إلى العمليّات القائمة على "التّحليل" وعلى البحث عن "حلول" لمشكلة أو لمشاكل معيّنة. مع التّبسيط: البحث عن "الحلّ" - غالباً من خلال عمليّة التّحليل (Ana-lyse) الذّهنيّة - يتضمّن تصوّراً مُسبقاً مفاده أنّ هناك مشكلة - أو عقدة - ما، ويُمكن "حلّها" أي - عمليّاً - تفتيتها أو تفكيكها أو تقسيمها (إلخ)؛ والأقرب في الحقيقة هو أن يُقال تذويبها (Solution)، كما تُذوّب قطعة السّكّر من خلال خلطها بالماء السَّائلِ المُبين. وكما رأينا أيضاً، فلطالما يكون البحث عن "حلّ" في هذه الحياة وهماً وسراباً، لا سيّما في بعض المواضيع التي يُبيّن لنا وعينا الانسانيّ - الكلّيّ وليس فقط الذّهنيّ - عند حدّ زمنيّ معيّن في الغالب: أنّه لا حلّ لها ولا فيها.

800-13.jpg

في الجزء السابق (الثّالث)؛ ركّزنا في ما ركّزنا عليه، واعتماداً على ملاحظاتنا المنهجيّة السّابقة، على فرضيّة (أو مجموعة فرضيّات جزئيّة) مُعيّنة في تلك الأدبيّات.. واضعين هذا النّقاش تحت مُسمّى "فرضيّة المؤامرة العبّاسيّة".

750.jpg

ليست سهلة تلك المهمة التي يسعى إليها المنتمون إلى التيار التكاملي الوحدوي في هذا المشرق، لجهة إيجاد قواسم مشتركة، في مواجهة أفخاخ التجزئة والتقسيم والتفتيت، بعناوين متعددة، وهي ظاهرة مشتركة من مغرب عالمنا العربي والإسلامي إلى أقصى مشرقه.

111111.jpg

في الجزء الأوّل، ذكّرنا بالأطر الفلسفيّة والمفاهيميّة الأساسيّة للطّرح المنهجيّ المنشود إذن، انطلاقاً من دراسة مُعمّقة للطّرح المعرفيّ الجوهريّ لدى الفيلسوف الألمانيّ – وربّما الغربيّ - الأكبر عمانوئيل كانط (ت. ١٨٠٤ م) بشكل خاصّ. أمّا في هذا الجزء الثّاني، فالهدف هو محاولة تقريب وتسهيل فهم هذا الطّرح، الذي نعتقد، فعلاً: أنّه مُجدّد ومُجدٍ، من خلال أمثلة بحثيّة تقريبيّة وتصويريّة.

kant.jpg

يعتبر عددٌ من الفلاسفة والمفكّرين والمؤرّخين أنّ عمانوئيل كانط هو "أعظم فلاسفة العصر الحديث" على حدّ تعبير عبد الرّحمن بدوي.. وقد يذهب البعض منهم إلى أنّه أعظم الفلاسفة على الاطلاق. لماذا أودّ العودة إلى مناقشة أهميّة فلسفة كانط؟ ليس للتّكرار أبداً، وإنّما لإعادة التّشديد على أهميّة أن تقوم "ثورة كانطيّة أو شبه كانطيّة" ضمن ما نسميّه عادة بالعقل الاسلاميّ؛ وكذلك، لمحاولة تعميق ما يُمكن تسميته بالجسر المعرفيّ-المنهجيّ بين الطّروحات الكانطيّة - المعرفيّة تحديداً - وبين منهجيّة البحث ضمن العلوم الاسلاميّة أو الأبحاث الاسلاميّة/الدّينيّة الموضوع و/أو المعطيات.

8.jpg

في أحيان كثيرة، تكون الأمثلة خير افتتاحيّة وخير مقدّمة.. وربّما خير تفسير لجوهر بعض المفاهيم الأساسيّة. قبل أيّ شيء، لنضع أنفسنا سويّاً في موضع الباحث الرّصين، والموضوعيّ إلى أقصى حدّ، وذي العقل الهادئ، ولنترك الأحكام المسبقة والقِيميّة إلى حين.. ولنتأمّل في هذا المثال، الذي سوف يوصلنا، لاحقاً، إلى النّقاش المفاهيميّ البحت إن صحّ التّعبير. كما يُمكن للقارئ العزيز أن يتخيّل بسهولة: اختيار المثال، وطريقة عرضه وشرحه، قد تمّت دراستهما بالشّكل المناسب قدر الامكان بهدف بدء الوصول إلى المفاهيم والنّظريّات المُحتملة المقصودة.

0000000.jpg

ليست الحرب مجرّد صواريخ وقذائف ورصاص ولهب ومسيّرات، ومجرّد دكٍّ وتفجيرٍ لمعسكرات العدوّ ومراكزه الجليّة والخفيّة كما نشاهد اليوم على الشّاشات. أبداً. قبل أيّ شيء آخر، الحرب هي مسألة خيارات روحيّة وعقائديّة وقِيميّة وأخلاقيّة.