السيد الشهيد.. لا يموت

حسن نصرالله، أنت لن تَموتَ. أنتَ نَمَوْتَ.

استشهد السيد حسن نصرالله مقتحماً الموت في سبيل الحق.

استشهد السيد حسن في معركة حقيقية. استشهد في غرفة العمليات المركزية للمقاومة أثناء قيادته المعركة مع العدو ليصوغ دمه عزّةً وكرامةً وكبرياءً ومنهجَ تحرير ومقاومة.

استشهد ليُسقط نهج التخاذل والاستسلام والذل والهوان الذي يدعو إلى التخلي عن الأرض والحق وكرامة الإنسان.

استشهد السيد مثله مثل أي مقاوم في حركات المقاومة؛ هؤلاء الذين يرسمون بدمهم فجر التحرير والتحرر. ينقلون صورة الإرادة المؤمنة بقضية واضحة وضوح عين الشمس، لكي تبقى القضية مُشعة في عقول أبناء الوطن والأمة وقلوبهم وأفئدتهم وأرواحهم.

السيد حسن رئيس حزب لبناني كبير؛ لكنه ليس كبقية رؤساء الأحزاب. قدّم فلذة كبده ابنه البكر الشهيد هادي. أبناءه لم يقتنوا طائرات خاصة ولا سيارات فارهة ولم يرتدوا ثياباً موسومة بتوقيع مصممي الأزياء العالميين في باريس وروما ونيويورك. لم يفتتحوا مكاتب استيراد وتصدير أو شركات مقاولات وسمسرة وتخليص معاملات لقاء الدعاء بطول العمر والبقاء. لم يُرصدوا بصحبة سمراوات أو شقراوات في فنادق فخمة ونوادٍ ملتهبة.

حمل السيد الشهيد دمه ومشى كما مشى جده الأكبر رفضاً للظلم.

حمل السيد الشهيد سلاحه في وجه العدو وهو يعرف النتيجة. بل يسعى إليها بسعادة وشوق كما يسعى الرضيع إلى ثدي أمه. فكان، كما كل المقاومين الحقيقيين، الإنسان المتجدد في المكان والزمان المناسبين. المتجاوز للضعف الإنساني. المُجسّد للأفكار والقيم الإنسانية ليس بالتنظير بل بأفعال تتوهج وتزداد ألقاً وتوهجاً. ابن عائلة يتواضع الفخر أمام تواضعها وصدقها.

السيد حسن رمز تغييري كسر السائد. اعتنق خطاب الواقعية السياسية وانطلق منه متأثراً بتراث من سبقوه ومؤسساً لمن سيأتون. هكذا كان يسعى إلى تغيير الواقع بحرارة الإيمان وحرارة الحركة؛ فتجاوز الحياة الدنيا غير عابئ بالآلام والتحديات وغير آبهٍ بالموت

في هذا السيد حسن نجد سر جده الأكبر الذي جعل المواقف المبدئية منهج خلاص الفرد والأمة وجعل الأقوال والأفعال متناغمة ومتساندة كأنشودة ملائكية في صبيحة يوم عربي مشمس، لتحمل أماني الأمة إلى بارئها الأعلى، وتنشر قيمها بين الأمم، تماماً كما يتسلل الهواء إلى رئات أبناء الحياة.

لقد جسّد السيد الشهيد إرادة أمة ستزحف إليه في يوم تشييعه ورفيقه السيد هاشم صفي الدين. أحرار العالم سيشاركون في التشييع الكبير، كلٌ منهم على طريقته، لأن السيد الشهيد يُجسّد الموقف القيادي النقي الذي يقرن القول بالفعل.

لقد اجتاز السيد الشهيد ككل المقاومين الأبطال حاجات الجسد والغرائز. فإنطلق نحو الحق والمثل العليا في بيئته الفكرية والسياسية والاجتماعية، فأفسحت الحياة له أن يخوض تجربة نادرة بامكاناتها ومكنوناتها ومكوناتها، فنَمت نمواً سليماً واشتدّت بالسيد حسن.. فإذا بنا أمام تجربة رائدة في عالم الإنسانية؛ تجربة تتحول مدرسة للحرية وتحرير الأرض والإنسان.

السيد حسن رمز تغييري كسر السائد. اعتنق خطاب الواقعية السياسية وانطلق منه متأثراً بتراث من سبقوه ومؤسساً لمن سيأتون. هكذا كان يسعى إلى تغيير الواقع بحرارة الإيمان وحرارة الحركة؛ فتجاوز الحياة الدنيا غير عابئ بالآلام والتحديات وغير آبهٍ بالموت.

تجاوز السيد الشهيد أزمة المثقف العربي. أزمة السياسي العربي. أزمة السياسي الإسلامي. أزمة كل المثقفين الذين استسلموا للوقائع الثقيلة وما أكثرها.

سلام عليك أيها الشهيد. وسلام على طفلة جدك الأكبر التي فجّرت أزمة العربي وأزمة السياسي العربي وأزمة العسكري العربي وكيف يكون الإنسان الحر مبدعاً وكيف يكون الابداع نافعاً وإنسانياً.

سلام عليك أيها الشهيد، وسلام عليها في كل حين. وفي قولها:

“يقولون إنا نَمَوْتُ.. وأنا نَمَوتُ”.

لقد استطاعت ابنة جدك الأكبر أن تحل المعادلة ببساطة مذهلة:

“نَمُوتُ.. نَمَوْتُ”.

نعم. نمونا الشخصي. نمونا الاجتماعي. الموت في سبيل هذا النمو.

لقد استطعت ايها الشهيد أن تَسلُكَ المطهر والمصهر. فتجاوزت الإنسان الذي لا يحب الموت من أجل النمو. عبرت بسيرتك من القول إلى العمل.

من عبارة “نَمُوتُ” إلى عبارة “نَمَوْتُ”.

أنت لم تمت أيها السيد الشهيد.. ولن تموت.

أنت نَمَوْت في وجدان كل أحرار العالم.

أنتَ نَمَوْتَ دماً محرراً ومنهج تحرير وخلاص لا يعترف إلا بسلامٍ السيف الذي يجعل أصحاب الحق سادة أنفسهم وقرارهم. فأصبحت النموذج الذي سيقتدي به أحرار العالم. النموذج الذي لا يُتاجر بالشعارات والمبادىء ودماء الناس. النموذج الذي يصنع مع الناس فجر الحرية.. بالدم المُخلص الحسن.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  لبنان.. والعداء المستحكم مع الذاكرة
تمّام عصام نور الدين

صحافي لبناني مقيم في باريس

Download Best WordPress Themes Free Download
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
online free course
إقرأ على موقع 180  الإمام عليّ و"لعبة" السّياسة.. ظُلمٌ متجدّدٌ؟ (1)