
كم صعب أن أكتب عنك؛ كم من طاقة أحتاجها حتى أشحن ذاتي لأصدّق أنك لست هناك في ذاك الزاروب الذي كنّا نمرّ على رصيفه المتواضع كلّ يوم، زرافات ووحدانَا. ولو أشهرَ هذا الزاروب إسم قاطنه لبتنا كالعاشق الذي لا يُغادر أسفل شرفة معشوقته.
كم صعب أن أكتب عنك؛ كم من طاقة أحتاجها حتى أشحن ذاتي لأصدّق أنك لست هناك في ذاك الزاروب الذي كنّا نمرّ على رصيفه المتواضع كلّ يوم، زرافات ووحدانَا. ولو أشهرَ هذا الزاروب إسم قاطنه لبتنا كالعاشق الذي لا يُغادر أسفل شرفة معشوقته.
في أجواء الذكرى السنوية الأولى لاغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله والأمين العام الذي خلفه الشهيد السيد هاشم صفي الدين ورفاقهما الشهداء القادة، يتساءل كثيرون، أين ثأرهم؟
في العام 2000؛ عام تحرير الجنوب اللبناني، صار السيد حسن نصرالله رمزًا عربيًّا وأمميًّا وإسلاميًّا للمقاومة، وباتت صورته في كلّ منزل، بل مطبوعة، إضافة إلى القلوب، على تذكارات وأشياء وبات حبه وعشقه طبيعيًا في بلد لا في عالم لم يذق طعم الانتصارات منذ عقود طويلة.
ثمة سيرة مشتركة بين ثوار عالميين. لم يكن اغتيال الأمين العام لحزب الله الشهيد السيد حسن نصرالله ليحصل لولا الخيانة والاختراق الاستخباراتي. هنا يستحضرني ما قاله الثائر العالمي أرنستو تشي غيفارا عن هذا الموضوع: "إذا أردت تحرير وطن، ضع في مسدسك عشر رصاصات، تسع رصاصات لخونة الوطن وواحدة لعدوك، فلولا خونة الداخل ما تجرأ عدو الخارج على وطنك".
برغم الضغوط الكبيرة التي بذلتها الولايات المتحدة والكيان الصهيوني، شهد لبنان جنازة مليونية غير مسبوقة في تاريخه، شكّلت صدمة لأعداء المقاومة اللبنانية.
لا ينالكَ زمنٌ.. تجرأتَ على المستحيل، حتى فزتَ بالشهادة.. وكان ما كان وما هو باقٍ لغدٍ لا عمرَ له. بلغت ذروة الأزمنة يا سيد؛ فمن مثلك؟ لا أحد، من زمان، إلى آخر الأزمنة. لكنك تركتنا باكراً. إنما، أنت باقٍ. مثلك فقط المعجزات.
لم يكن المشهد عاديّا، يوم الأحد الماضي. كُنّا أمام لحظة عاطفية في وداع رجل تصدّر قيادة حزب االله لأكثر من ثلاثين عاماً حيث كان عنوانه الأساس مقاومة الاحتلال الإسرائيلي قبل أن يتشعّب ويتوسّع الدور إلى حد الإنخراط في الصراعات العربية الداخلية.
بعضهم من دون أن يحدّد، تمثّل بقوّل بسمارك "الذهاب إلى حربٍ استباقيّة مخافة الموت في حربٍ مؤكدّة مثل استعجال الموت المتوقّع بالانتحار المؤكّد". وبعضهم رأى من دون أن يكتشف مقولة كونفوشيوس "العاشق الحكيم مثل الطبّاخ الماهر يعرف جيداً متى عليه أن يطفئ النار".
لا الزمان هو الزمان، ولا المكان هو المكان، ولا المناخ المحيط هو المناخ ، لكن السيد هو السيد: بوسامته المشرقة من تحت العمّة السوداء واللحية الكثة التي تزايد الشيب فيها؛ بتواضعه الذي أضاف إليه النصر وإن تكثفت معه المرارة التي لا تفتأ تدرها المحاولات الخبيثة لإنكاره، أصلاً، أو لتزوير دلالاته ليغدو سبباً للفرقة بدلا من أن يكون رافعة للوحدة والاعتزاز بالإنجاز التاريخي لهذا الوطن الصغير الذي كاد يصير الأكبر في عيون أهله العرب، والأخطر في عيون عدوه ومن معه.