
انها لعقوبة فادحة ان نعيش في هذا الزمن، وفي هذا الربع العربي الخالي. كأننا منذورون للتخلف والضياع. هل نستحق هذه العقوبة؟ الأوبئة السياسية متفشية. البحث عن مستقبل مستحيل.
انها لعقوبة فادحة ان نعيش في هذا الزمن، وفي هذا الربع العربي الخالي. كأننا منذورون للتخلف والضياع. هل نستحق هذه العقوبة؟ الأوبئة السياسية متفشية. البحث عن مستقبل مستحيل.
قرن من مائة عام، خسر فيه العرب والأمة السورية، كل مقومات المقاومة، واستعاضوا عنها بمزيد من الكلام والعقائد وأبواق الإعلام. ماذا بعد؛ ما العمل؟
انفرد أنطون سعادة بالتأسيس لحزب عقائدي، من مهماته نصرة الأمة وإقامة نظام جديد وتحريرها من الاستعمار والاحتلال والتخلف والطائفية، ليقوم شعبها الحر بدوره في معركة الوجود، عبر هوية واضحة، لا لبس فيها، ولا ظلامية دينية وطائفية فيها، ولا ارتهان للخارج، إلى آخر منظومته التي ما حاد عنها في كتاباته وفي سلوكه وفي قيادته لحزبه قيد أنملة.
لا أكتب عن أنطون سعادة بوصفه من الماضي. هو حي أكثر من أي وقت مضى بعقله وجرأته وصدقه. قال سعادة: الحرية صراع، وهذا يفترض التعدد والنقاش. لنبدأ.
من نحن؟ هل نحيا عصرنا؟ هل مستقبلنا أمامنا؟ لدي حدس بأننا نحيا على نفايات الماضي. الماضي الذي اخترناه واخترعناه. ليكون في ما بعد، حاضرنا القاتل والمقتول، ومستقبلنا المطفأ.
الاقتراب من التاريخ، يقتضي حالة من العري والخوف والشك. كتب التاريخ هي نتاج "رواد" حسموا مسألة الصدق مع الأحداث: هناك حقائق يجب تجنبها، وأحداث يجب ان لا تروى بصوت مرتفع.
السياسة والاخلاق ضدّان. لا دور للفضيلة في الحياة الاقتصادية. لا دور للقيم في بلوغ القوة. الطلاق تام بين الاخلاق والسلطة. كل ما يساعد على النجاح مسموح وواجب. من الضروري أن يكون الساعي الى الحكم، وحشاً بثياب نعجة. يقول هاملت، الحاكم الرحوم حاكم فاشل.
لسنا وحدنا. ننتمي الى عرب مهزومين. لا تصدقوا الاعلام. إنه صانع الوهم ومعمم "سعادة البؤساء". لبنان، المصاب بالموت الحيوي، له اشقاء اشقياء، من المحيط الى الخليج.
الفوضى هي القاعدة. لا عجب إذاً، إن كُنا نعيش في الفوضى. العالم يتقدم لفظياً ولغوياً.. الطوباوية كذبة مزمنة، والسلام لن يحضر في يوم من الأيام. لذا، نحن في دوامة تجديد الكوارث. لقد كان هيرقليطس على حق. السفسطائية المتهمة، وحدها على صواب، إذ، لا صواب أبداً. العقل يدعي النزاهة. انه خادم أمين لنوازع الغلبة والقهر والظلم.
لا تجوز مقارنة لبنان بسريلانكا. لبنان نموذج التغيير المستدام. من السيء إلى الأسوأ، ومن الكارثة إلى الإنهيار، ومن الإنهيار إلى حافة الزوال. مسيرة مائة عام من عمر لبنان، كافية لفهم أسباب استحالة الشفاء..