نصري الصايغ, Author at 180Post - Page 4 of 19

1000191_e5ed9a9449af4258a36ad30f12a1a45a-0-ee0483a89c124a6ab33c4eba23a0291d.jpg

ما نفع الكلمات؟ الدم ينطق. القتل سخي. الحياة العادية ممنوعة. لا تفاؤل في أفق أعمى. هناك جديد جديد: الإقامة بين الأنقاض. القتل بلا عقاب. إفراغ الأرض من أبنائها. حراسة الآلام والأوجاع بالرجاء.

1280x960.jpg

ثمة شعراء، في كل واد يهيمون، وثمة شعراء باسم سلطان الحق والحرية يتكلمون. الشاعرة الساحرة ناديا تويني، رأت فلسطين في أبجدية الحياة. "أنت الذي تقول السيف أهم من الوردة؟ لأنك تدخل في الجنون، ضاغطاً بكل ثقلك على أرض الميعاد".

1104.jpg

لا أعرف متى التصقنا بهذه الأرض وعشقنا هذا التراب. لعلّه مذ كنا. أي من بداية البدء. رملها سريرنا وأفقها سماء موشّحة بغيوم لها دائماً رائحة البرتقال، وصلوات بطقوس من همس الأرض. إننا ممتلئون تراباً. ليس من معجزة أن الغيوم تُقلّد صبر الأرض. وليس غريباً عنا أن دماءنا هدية الوجود. السماء أهدتنا الديانات. عشناها وعرفناها. بعضنا مات من أجلها، وبعضها قتلنا، لأن قداسنا اليومي وصلواتنا الواجبة كانت هوية حياتنا.

Screen-Shot-2023-12-10-at-12.56.06-PM.png

كفى. اترك لغتك. هي هشيم. لم يعد لديك معنى. فلسطين عاصمة الدماء. نتجرع الدم الحرام. نسفك دموعنا. نتطلع الى فوق. السماء أغلقت زرقتها. هجرتها الآيات. صارت قاحلة. الصلوات تيبست كلماتها. وحدها غزة تتكلم. نقرأ في دمائها عارنا الإنساني. فيا غزة، ها قد عرّيتِ العالم، ولكنه ما زال يرقص ويتباهى بالسفك.

aaaaa_2.jpg

لم يكن يهذي. مُشوشٌ وقلقٌ ويكاد يكون عدمياً. عندما قرأته، خلته "ميرسو" في كتاب ألبير كامو. كان هذا قد قتل عربياً لسبب تافه، أو بلا سبب بالمرة وصار بطلاً. نحن نُقتل لسبب وجودي: نريد فلسطين وطناً.

Palestine-resists-Del-Rosso.jpg

أمرٌ غير قابل للتفسير: فلسطين تنجب كل يوم دمها. تسكبه ارتواءً. لا تعطش أبداً. هي على موعد دائم ومزمن مع الولادات. في القارة العربية السائبة، مئات الملايين أموات يرزقون، تواجه أيامها بالانسحاب منها. تتسابق إلى السقوط في الهاوية، الممتدة من المحيط إلى الخليج.

image-11111_3.jpg

ما زلتُ مؤمناً بعبقرية الدم. إنها مقاومة فريدة للأممية الصهيونية، والإرهاب المصان غربياً. فلسطين، أثبتت أن شمسها ليست غاربة. أنها لا تشبهنا، نحن الذين ابتلينا بالتنظير وتسطير الكلمات وادعاء الحتميات.

عزة.jpg

آلام من كل الجهات. يقتلوننا مرات كثيرة. دموعنا لا تكفينا. انما الذين ماتوا هم أحياء يُرزقون. فلسطين ما تزال تنفق من دمها. لكن هناك أمراً غريباً: برغم القتل والتقتيل، ما زالت غزة الصغرى تواجه وتقرع أبواب السماء بشهدائها.