نصري الصايغ, Author at 180Post - Page 5 of 19

aaaaa_2.jpg

لم يكن يهذي. مُشوشٌ وقلقٌ ويكاد يكون عدمياً. عندما قرأته، خلته "ميرسو" في كتاب ألبير كامو. كان هذا قد قتل عربياً لسبب تافه، أو بلا سبب بالمرة وصار بطلاً. نحن نُقتل لسبب وجودي: نريد فلسطين وطناً.

Palestine-resists-Del-Rosso.jpg

أمرٌ غير قابل للتفسير: فلسطين تنجب كل يوم دمها. تسكبه ارتواءً. لا تعطش أبداً. هي على موعد دائم ومزمن مع الولادات. في القارة العربية السائبة، مئات الملايين أموات يرزقون، تواجه أيامها بالانسحاب منها. تتسابق إلى السقوط في الهاوية، الممتدة من المحيط إلى الخليج.

image-11111_3.jpg

ما زلتُ مؤمناً بعبقرية الدم. إنها مقاومة فريدة للأممية الصهيونية، والإرهاب المصان غربياً. فلسطين، أثبتت أن شمسها ليست غاربة. أنها لا تشبهنا، نحن الذين ابتلينا بالتنظير وتسطير الكلمات وادعاء الحتميات.

عزة.jpg

آلام من كل الجهات. يقتلوننا مرات كثيرة. دموعنا لا تكفينا. انما الذين ماتوا هم أحياء يُرزقون. فلسطين ما تزال تنفق من دمها. لكن هناك أمراً غريباً: برغم القتل والتقتيل، ما زالت غزة الصغرى تواجه وتقرع أبواب السماء بشهدائها.

نصري.jpg

لم نصل بعد إلى النهاية. لدينا الكثير من البكاء. الدموع صامتة. الأحزان مؤجلة أو مكتومة. نحتفظ بالبكاء ونشهر غضباً ملجوماً. أرواحنا المثخنة بجراح الأطفال والنساء وكل الشهداء مرابطة في الذاكرة. ممنوع النسيان. مجرمٌ من يتناسى. فلسطين، جديرة بشهدائها وحريصة على أوجاعها. الجمرة بين ضلوعها: أمهات، أطفال، رجال، مقاتلون، ورجال.. ثم رجال، بعضهم يمضي وبعضهم يرفع دمه راية.

ناجي-1-1.jpg

كنتُ أرتكب الأحلام: فلسطين وحدها لم تدفعني إلى اليأس. لا شعب أو كياناً، يضاهي الإنسان الفلسطيني، لم أتعلم مواقفي من الكتب. فلسطين كتابي وانتمائي. إنما، في مسلسل البكاء والأحزان والخسران، صرتُ طافحاً بالإنتماء إليها، في كل أحوالها وأهوالها وأحلامها. هذا نوعٌ من العذاب الضروري لعدم فقدان الأمل.