جيمي كارتر Archives - 180Post

AP2418.jpg

عندما تحدثت كامالا هاريس، بوصفها المرشحة الرسمية للحزب الديموقراطي للانتخابات الرئاسية الأميركية التي ستجري في 5 تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، في مواجهة المرشح الجمهوري دونالد ترامب، عن دعمها لـ"حق تقرير المصير" للشعب الفلسطيني أمام المؤتمر الوطني للحزب الديموقراطي في شيكاغو، أعادت إلى الأذهان وعداً مماثلاً أطلقه الرئيس الديموقراطي سابقاً جيمي كارتر في النصف الثاني من السبعينيات الماضية.

resizedcrop-b5558f3b218a2ab527ee07689e50938b-840x630-1.jpg

احتفل الرئيس الأمريكى السابق جيمي كارتر بعيد ميلاده التاسع والتسعين فى الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضى فى منزله. وقبل شهور اختار كارتر، الذى يعانى من مشاكل صحية كثيرة بما فيها سرطان الجلد، التوقف عن تلقى العلاج فى المستشفى والانتقال إلى منزله المتواضع، والذى أقام فيه معظم حياته فى ولاية جورجيا لتلقى رعاية نهاية الحياة والموت فى هدوء فى المكان القريب من قلبه.

شيرين-ابوعاقلة.jpeg

في 20 حزيران/ يونيو 1979، قتلت قوات دكتاتور نيكاراغوا السابق إنستازيو سوموزا مراسل محطة “أيه بي سي” (ABC) الأميركية الصحافي بيل  ستيوارت على حاجز عسكري شرق العاصمة ماناغوا حيث كان يغطي، بمعية مصور ومهندس صوت، اشتباكات كانت تدور بين قوات حكومة سوموزا وثوار الساندنيستا.
تقدم ستيورات من حاجز عسكري وبقي زملاؤه في الخلف. أبرز للجنود بطاقته الصحافية وتصريحاً من السلطات لإجراء مقابلة، فطلبوا منه أن يجثو على ركبتيه، ففعل وظلَّ رافعاً يديه. ثم طلب منه الجنود أن ينبطح على الأرض. وعندما فعل، جاء أحدهم وركله في جنبه ثم أطلق النار على رأسه.. هكذا فحسب.

لقد صوّر زميلاه في الخلف وقائع موت زميلهم، وقاموا بتهريب الفيلم والصور إلى نيويورك، حيث بثتها محطات تلفزيونية هي ABC وNBC وCBS. ملايين الأميركيين ومثلهم آخرون في جميع أنحاء العالم شاهدوا عملية قتل ستيوارت على مدى ثلاثة أيام. وقامت جميع شبكات التلفزة الأميركية بالإحتجاج على عملية القتل بسحب مراسليها من نيكاراغوا، ماعدا شبكة CBS التي أبقت مراسلاً لمتابعة التطورات.
بدوره، أصدر الرئيس الأميركي آنذاك جيمي كارتر بياناً وصف فيه مقتل ستيوارت بأنه “عمل همجي تدينه كل الشعوب المتحضرة”. الأهم من هذا أن مقتل ستيوارت شكَّل نقطة التحول في الموقف الأميركي حيال نظام سوموزا، حيث انهار هذا النظام بشكل دراماتيكي في أقل من شهر بعد مقتل ستيوارت.

قتل شيرين أبو عاقلة يُذكر العالم بقتل الصحافي الأميركي بيل ستيوارت في نيكارغوا قبل 43 عاماً.. فاشيون يحصون أيامهم الأخيرة

 الاحتلال يحصي أيامه الأخيرة

لقد قُتلت شيرين أبو عاقلة برصاص قناص مثلما أظهرت المشاهد التي صورها زملاؤها من الصحافيين. قناص يستخدم منظاراً مكبراً دقيقاً يظهر الأهداف بكل وضوح. وعليه، فإن موتها هذا ليس بفعل رصاصة طائشة (مثلما كان بن غوريون والصحافة الإسرائيلية يصفون جرائم أرييل شارون بأنها أعمال طائشة وليست تكليفاً رسمياً من قيادة الجيش). فلا يمكن تصديق أي من أكاذيب ماكينة الدعاية الصهيونية التي ستبرر جريمة اغتيال شيرين.
عدا أن اغتيال زميلتنا العزيزة يعني أمراً موكداً: عندما يتم استهداف الصحافيين بهذه الطرق الفجة في الاغتيال فهذا معناه أن الهستيريا بلغت ذروتها لدى قاتليها، وأنهم يعيشون تحت وطأة الإحساس الثقيل بأنهم يحصون الأيام قبل النهاية الحتمية، تماماً مثلما كان الأمر مع نظام سوموزا ومقتل الصحافي الأميركي بيل ستيوارت، شهوراً أم سنوات، دولة الاحتلال تُحصي أيامها الأخيرة.

إصرار الإدارة الأميركية على ممارسة دور الشريك والحامي لأبغض احتلال عرفه العالم، يضاهي جعجعتها التاريخية حول حرية الصحافة

امتحان للإدارة الأميركية

كما أن قتل شيرين أبو عاقلة بقدر ما هو امتحان مُتجدد للإعلام الغربي، ونُخب المثقفين والمؤسسات الإعلامية والأكاديمية على حد سواء (التي بلعت ألسنتها على مقتل راشيل كوري بالفجاجة نفسها أسفل عجلات “بلدوزر”، وسكتت عن مقتل الطفل محمد الدرة بـ 45 رصاصة ثقبت جسده الصغير)، فهو امتحان للإدارة الأميركية.. يتعين أن نرى الآن ويرى العالم، إن كانت ردَّة فعل هذه الإدارة ستُضاهي ردَّة فعل إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر على مقتل بيل ستيوارت قبل 43 عاماً، وتضاهي جعجعتها التاريخية حول حرية الصحافة في العالم ووجوب حماية الصحافيين، أم أن هذه الإدارة ستُصر على ممارسة الدور التاريخي للولايات المتحدة، أي دور الشريك والحامي لأبغض احتلال عرفه العالم طوال القرن العشرين وحتى الآن.

“راك كاه”

لن يُحاسب القناص الذي قتل شيرين. ولن يُحاسب أي جندي أو ضابط. ولن يصدر أي بيان اعتذار. ولن يتم إجراء أي تحقيق. وسيظهر المتحدثون باسم جيش الإحتلال ليسردوا الأكاذيب كالمُعتاد. سيكون بالنسبة للصهاينة كما كان دائماً، فلسطيني/ة آخر يُضاف إلى قائمة القتلى.
لقد كان شعار عصابة “آرغون” الصهيونية المسؤولة عن إرهاب الثلاثينيات في فلسطين، والتي عُرفت أيضاً باسم “ايتزل”،  عبارة عن خريطة لفلسطين والأردن، وعليها يدٌ ترفع بندقية أسفلها كلمات بالعبرية تقول: “راك كاه”، أي: “هكذا وحسب”. أي بالبندقية فقط. منذ ذلك الحين وحتى اليوم، لم يكن قتل الفلسطينيين أكثر بساطة للإسرائيليين من أي شيء.. هكذا وحسب.

-شهادة زميلها وليد العمري:
https://www.youtube.com/watch?v=kO3WaHadBxw

-أفلام من هوليوود وثقت مقتل بيل ستيوارت

-فيلم أيام الغضب Days of Fury
https://archive.org/details/days-of-fury-1979
-فيلم “تحت القصف Under Fire:
https://www.allmovie.com/movie/under-fire-v51711