أنشئ مجلس الإنماء والإعمار في عهد الرئيس الياس سركيس وأثناء تولي الدكتور سليم الحص رئاسة الحكومة وتولى رئاسته للمرة الأولى الدكتور محمد عطالله، في العام 1977، وكان مثالاً للنزاهة والكفاءة.
كانت الصلاحيات شبه المطلقة التي أعطيت له إنّما اعطيت على قياس الثلاثة الذين ذكرت، ولكنها مع الأسف لا تتطابق ابداً مع قياس من توالوا على مسؤولية المجلس في العقدين الأخيرين. هذا المجلس هو الذي يخطط ويعمل لتلافي المشكلات قبل وقوعها. هل خطط لتلافي مشكلة النفايات ومشكلة الصرف الصحي وفيضان شوارع العاصمة كل سنة؟
لهذا المجلس عدد كبير من الاستشاريين مما يستدعي التساؤل حول كفاءة ونزاهة هؤلاء. هل هم استشاريون لهم من علمهم واختصاصهم وخبرتهم ما يؤهّلهم لشغل مواقعهم، أم أنّهم انكشاريون يعتاشون من مواقعهم ويبيعون ويشترون ويقدمون الاستشارة «حسب الطلب»؟
هذا المجلس، يجب أن يُحلّ من دون أيّ إبطاء لأنّ ما فعله في حقل النفايات هو نفسه ما فعله في كل ما له علاقة بالانماء والمشاريع من تخطيط وتنفيذ وتوزيع هبات وقروض واعتمادات. ولا يكفي القول بأنّ القرار النهائي كان يعود للسلطة السياسية. فكلنا يعلم هشاشة تلك الذريعة. ولا يكفي حلّ المجلس بل يجب فتح الملف والتحقيق في جميع الارتكابات والمخالفات بجرم الفساد والإثراء غير المشروع.
هل هم استشاريون لهم من علمهم واختصاصهم وخبرتهم ما يؤهّلهم لشغل مواقعهم، أم أنّهم انكشاريون يعتاشون من مواقعهم ويبيعون ويشترون ويقدمون الاستشارة «حسب الطلب»؟
إن محاربة الفساد لا تقتصر على حكومة إختصاصيين ومناقصات شفافة ومفتوحة، بل أيضاً على إعادة نظر جذرية في كل الإدارات والمؤسسات العامة ومهامها ولا سيما منها مجلس الإنماء والإعمار الذي صار يعرف القاصي والداني شراكته في الكثير من ملفات الفساد وهدر المال العام.
لم تعد جبالنا وشوارعنا وآثارنا ومدننا وقرانا كفيلة بجذب المستثمرين. صارت محاربة الفساد هي الجاذب الأول لكل من يريد أن يرمي صنارته في لبنان في العقود المقبلة.
الأمر يحتاج إلى صحوة وطنية لبنانية، ولا صحوة إلا من عند حل مجلس الإنماء والإعمار وإقفال أحد أكبر مزاريب الهدر والفساد.