“تقوم الاستخبارات الإسرائيلية بتحليل الهجوم الدقيق بالمسيرات الذي نفذه المتمردون الحوثيون في اليمن في 17 كانون الثاني/يناير على منطقة المصفح الصناعية ومطار أبو ظبي الدولي. وما جرى هو عملية عسكرية معدّة جيداً يسميها الحوثيون “عاصفة اليمن” وهم فخورون بها. وقد قُتل جرّاء الهجوم 3 أشخاص وجُرح ستة كما احترقت 3 صهاريج للوقود. ورداً على الهجوم شنّت طائرات التحالف بقيادة السعودية غارات على أهداف للحوثيين في اليمن أدت بحسب الحوثيين إلى مقتل 12 شخصاً في صنعاء بينهم نساء وأطفال.
ويدّعي الحوثيون أنهم نفذوا هجومهم بواسطة صواريخ باليستية من نوع “القدس 2″ و”ذوالفقار” وعدد كبير من المسيرات من نوع “صماد 3”. وقد وجّه زعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي تهديداً مباشراً إلى الدول والشركات التي تعمل في الإمارات بينها إسرائيل والشركات الإسرائيلية جاء فيه: “يجب على كل الدول والشركات التي لها استثمارات في الإمارات عدم التعامل معها كدولة آمنة”.
هجوم الحوثيين على منشآت اقتصادية في الإمارات هو استمرار للتصعيد بعد أن قاموا قبل أسبوعين باحتجاز سفينة إماراتية في البحر الأحمر وما زالوا يحتفظون بها. وكان الحوثيون قد رفضوا طلب الأمم المتحدة الإفراج عن السفينة وادعوا أنها “محملة بالسلاح”.
وكان قد سبق الهجوم الأخير على أبو ظبي تهديد مباشر أطلقه الحوثيون بالتصعيد بعد أن حقّق التحالف العربي بقيادة السعودية والذي تشارك فيه الإمارات تقدماً على الأرض في محافظتي البيضاء وشبوه محققين إنجازات على حساب الحوثيين.
وتقول مصادر في الخليج إن الوضع في اليمن وصل إلى “مرحلة حساسة” في ضوء تقدم قوات التحالف العربي والهجمات المكثفة لطائرات التحالف على معاقل المتمردين الحوثيين، وتشير إلى توقيف عدد من الزوارق التي تهرّب السلاح والعتاد من إيران إلى الحوثيين مؤخراً.
إيران مسؤولة عن الهجوم
التقديرات في إسرائيل تشير إلى أن فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني هو الذي يقف وراء الهجوم، مثلما وقف وراء الهجوم بالمسيرات والصواريخ الباليستية على منشآت النفط التابعة لشركة “أرامكو” في السعودية (حقل بقيق) في 14 أيلول/سبتمبر 2019.
ولا يمكن استبعاد احتمال أن تكون إيران هي التي نفذت الهجوم، إذ طورت مؤخراً سفناً كثيرة يمكن استخدامها لإطلاق المسيرات، كما يمكنها إطلاق هذه المسيرات من الجزر الإماراتية التي تسيطر عليها (3 جزر استراتيجية تقع شرقي الخليج وهي موضع خلاف بين الإمارات وإيران التي تسيطر على الجزر منذ سنة 1971).
وفي تقدير مصدر أمني إسرائيلي أنه إذا كان الحوثيون هم الذين نفذوا الهجوم فعلاً فإن هذا لا يمكن أن يحدث من دون الحصول على “ضوء أخضر” من إيران، في ضوء الحوار السياسي الدائر مؤخراً بين إيران والإمارات. وفي تقديره أن الغرض من الهجوم هو الضغط على الإمارات كي تنسحب من التحالف العربي بقيادة السعودية، أو على الأقل تخفيف الضغط على المتمردين الحوثيين.
الإيرانيون أو الحوثيون وجهوا ضربة إلى “نقطة ضعف” الإمارات، فالإمارات دولة صغيرة تعتمد على تجارة النفط والاستثمارات الأجنبية والسياحة، وسيكون من الصعب جداً عليها تحمل هجمات على أهدافها الاقتصادية. والغرض من هجوم الحوثيين هو نقل رسالة للإمارات للتخفيف من الهجمات على اليمن، والتأكيد أن في إمكانهم ضرب أهداف أكبر مثل برج خليفة في دبي.
تشعر المؤسسة الأمنية الإسرائيلية بقلق شديد جرّاء الهجوم على الإمارات، فالمسافة التي تفصل بين اليمن والإمارات هي 1500 كيلومتر، وهي تقريباً المسافة عينها بين اليمن ومدينة إيلات، والمسيّرات التي هاجمت الإمارات كانت من نوع “صماد 3” التي يمكن أن تصل إلى 1700 كيلومتر. وسبق إن هدد المتمردون الحوثيون إسرائيل عدة مرات وأعلنوا أن لديهم “بنك أهداف” يشمل مدناً مركزية في إسرائيل.
بالاستناد إلى مصادر خليجية، طلبت الإمارات من إدارة بايدن في أعقاب هجوم الحوثيين إعادة الحوثيين إلى قائمة التنظيمات الإرهابية بعد أن رفعت الإدارة الأميركية التنظيم عن اللائحة قبل عامٍ خوفاً من أن يلحق الأمر ضرراَ بالوضع الإنساني في اليمن. والسؤال المطروح هل تريد الإدارة الأميركية تصعيد المواجهة مع الحوثيين ومع إيران بينما المفاوضات بشأن الاتفاق النووي في فيينا لا تزال مستمرة”؟ (المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية)