يختلف المراقبون حول ما ستكون عليه السياسة الأمريكية فى المنطقة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وفى ظل الحرب الدائرة من غزة إلى لبنان والحاملة لمخاطر الانزلاق نحو حرب إقليمية.
يختلف المراقبون حول ما ستكون عليه السياسة الأمريكية فى المنطقة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، وفى ظل الحرب الدائرة من غزة إلى لبنان والحاملة لمخاطر الانزلاق نحو حرب إقليمية.
دخل الشغور الرئاسى عامه الثالث فى لبنان. برغم أن هذا الأمر لم يعد غريبًا فى السياسة اللبنانية، كما دلت استحقاقات رئاسية فى الماضى، ومع الشغور صارت السلطة التنفيذية فى يد حكومة تصريف أعمال. يحصل ذلك فى وقت لبنان بأمس الحاجة فيه إلى انتظام السلطات والانتهاء من الفراغ المستمر والمدمر.
إذا كانت السنة الأولى فى الحرب الإسرائيلية سنة غزة والضفة الغربية، دون أن يعنى ذلك فى نهاية العام الأول الانتهاء من تلك الحرب، حرب الإلغاء والتدمير، وتحقيق الأهداف الإسرائيلية المعلنة؛ فإن السنة الثانية التى بدأت منذ أسبوع صارت حرب إسرائيل فى لبنان وفى الإقليم.
أيامٌ قليلةٌ تفصلنا عن مرور عام على حرب غزة أو تحديدًا حرب الإبادة التى تشنها إسرائيل على القطاع. وقد وضعت سقفًا عاليًا لأهدافها المتوخاة من تلك الحرب التى تستمر ولكن بوتيرة منخفضة نسبيًا عما كانت عليه من قبل.
كيف يبدو المشهد الراهن بخاصة أنه بعد أقل من شهر من الزمن ستبلغ الحرب على غزة عامها الأول: لم تستطع إسرائيل تحقيق أهدافها التى رفعتها منذ اليوم الأول للحرب.
أحد أوجه الانقسام القائم والمتزايد فى لبنان مع «حرب غزة» ومن ثم استراتيجية وحدة الساحات، والذى يسهم فى تكريس الشلل المؤسساتى، المتمثل بالفراغ فى الموقع الأول فى السلطة: رئاسة الجمهورية، وبالتالى وجود حكومة تصريف أعمال، وليس حكومة مكتملة الصلاحيات، يتعلق بالذهاب إلى الحوار بين الأطراف السياسية الفاعلة.
الأسئلة والتساؤلات ذاتها ما زالت مطروحة، عند جميع المعنيين من أطراف وقوى دولية وإقليمية فيما يتعلق بمسار التطورات والسيناريوهات المحتملة بعد أشهر عشرة ونيف من حرب غزة التى تبدو أنها مفتوحة فى الزمان، ولو أنها حتى الآن محاصرة نسبيا فى المكان.
نشهد لحظة تصعيد متبادل ومتسارع بعد إسقاط إسرائيل قواعد الاشتباك (توازن الردع بشكل خاص) التى كانت قائمة وناظمة للحروب المختلفة الأشكال خاصة على الجبهة اللبنانية ـ الإسرائيلية (اغتيال القيادى في حزب الله فؤاد شكر فى الضاحية الجنوبية واغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسى لحركة حماس فى طهران).
شهدنا فى الأيام الأخيرة ثلاثة تطورات هامة تتعلق بالحرب الدائرة التى دخلت شهرها العاشر. الحرب التى بدأت بالغزو الإسرائيلى لغزة ثم توسعت بالجغرافيا والقوة القتالية والأطراف والأهداف، بخاصة على الجبهة اللبنانية، مع استراتيجية «وحدة الساحات» كرد على الحرب الإسرائيلية على غزة.
كثيرون حذّروا، وحذّرنا، من أن منطق الحرب الباردة الذى طبع النظام الدولى بعد الحرب العالمية الثانية، وسقط مع سقوط الاتحاد السوفياتى، ومع التداعيات التغيرية الكبرى لذلك السقوط، آخذ بالاستقرار كسمة أساسية تطبع النظام الدولى الجديد. نظام ما زال فى طور التشكل ولم تستقر قواعده بعد، والعالم ما زال فى حالة انتقالية توصف بنظام «ما بعد بعد الحرب الباردة». أحداث ثلاثة مؤخرًا تؤكد ذلك.