تركيا، مستقبلكِ معنا: “قيامة أرطغرل”.. لا إردوغان

برغم كلّ ما وصَلَنا من مساوئ سياسة رجب طيب إردوغان الخارجيّة، ومن تلوّنها حسب المصلحة الآنيّة الصّغيرة، ومن نفاقها البَيِّن في ما يخصّ قضايا إسلاميّة ومشرقيّة جوهريّة كقضيّة تحرير فلسطين وقضيّة مُحاربة الإسلام السّلفيّ التّكفيريّ.. برغم كلّ ذلك، علينا أن ندعوَ لتُركيا بألّا تخسَر كلّ هذا المجهود الدّاخليّ، إذا ما خسرت مشروع إردوغان الشّخصيّ.

بالرّغم من صعوبة التّمييز في أحيان كثيرة، علينا أن نكون حذِرين. فلا ينبغي برأيي أن نخلطَ بين: (1) رفضنا لرجب طيب ردوغان كمشروع شخصيّ وشخصانيّ سياسيّ غير موثوق لا استراتيجيّاً ولا تكتيكيّاً من جهة (خصوصاً على مستوى السّياسة الخارجيّة لتركيا)؛ ومن جهة ثانية، (٢) تقييمنا للمنظومة القِيَميّة والهَوِيّاتيّة التي بنى إردوغان وبعض حزبه ونخبته القريبة عليها خطابهم. إنّها المنظومة التي باتَ يؤمن اليومَ بها كثيرٌ من الأتراك: وهي، بشكل رئيسيّ، تُعيد تركيا إلى الشّرق وإلى المكان الصّحيح برأينا في ما يخصّ الثّقافة التّركيّة-العثمانيّة-السّلجوقيّة.. أي إلى قلب المشرق، وإلى قلب الشّرق، وإلى قلب العالم الإسلاميّ وثقافته ووجدانه ورسالته وقضاياه وتحدّياته ومستقبله.

***

علينا إذن أن نتنبّه: فرفضُ إردوغان كشخصيّة سياسيّة وكمشروع سياسيّ شخصيّ (وعائليّ ربّما) لا ينبغي أن يؤدّي إلى خسارة العمل الضّخم الذي قامت به بيئته الحاضنة وجماعته القريبة وبعض حزبه.. لا سيّما في ما يعني اعادة الوعي الشّرقيّ والمشرقيّ والإسلاميّ إلى عقل وقلب وروح الشّعب التّركيّ (ولو نجح ذلك بنسب متفاوتة).

بالرّغم من الخلافات الكبيرة مع إردوغان والإردوغانيّة في ما يخصّ الكثير من قضايا منطقتنا تحديداً.. علينا ألّا ننسى أنّ القومَ قد عملوا على ترسيخ قواعد قِيَميّة وهويّاتيّة لتركيا ولشعبها، قد يكون أهمّها:

  • بعدَ: احترام الهويّة القوميّة التّركيّة رغم كلّ شيء؛
  • وبعدَ: احترام “علمانيّة” الدّولة، ولو كان ذلك عند البعض من باب التّقيّة والباطنيّة (وهذا بحث خلافيّ آخر)؛ وكذلك بعدَ: تعمّد عدم الذّهاب إلى صدام مباشر، قدر الإمكان، مع الأتاتوركيّة العميقة؛
  • وأيضاً، بعدَ: تجنّب الاصطدام المباشر بتموضع تركيا الحديثة تجاه المُعسكر الغربيّ، وعلى رأسه أميركا والنّاتو، وخلفهما الاتّحاد الأوروبيّ (رغم بعض المشاكل العَرضيّة المدروسة).

بعدَ كلّ هذا طبعاً، عملَت هذه البيئة وهذه النّخبة، مع ذلك، وبشكل عميق وذكيّ، على:

  • إحياء البُعد الإسلاميّ في الوعي وفي العمل التّركيَّين: ديناً، وثقافةً، وتاريخاً، وقِيَماً، وحركيّةً، وشريعةً.. وتصوّفاً؛
  • بشكل أعمّ: عملت على إعادة توجيه الهويّة والوجدان والذّاكرة والطّموح والتّطلّع، لدى نسبة كبيرة من الشّعب التّركيّ، نحو المحيط الإسلاميّ.. لكن أيضاً نحو المُحيط الجغرافيّ والتّاريخيّ والحضاريّ والإثنِيّ “الشّرقيّ”، إن كان في الشّرق الأوسط أو في ما يعني البلاد الواقعة شرقَ الأناضول التّاريخيّ (وصولاً إلى مناطق شمال الصيّن عموماً، ومروراً ببعض المناطق ذات التأثّر الفارسيّ-التّركمانيّ المشترك تاريخيّاً).

إن المستقبل الطّبيعيّ لتركيا برأيي: هو أن تكون ضمن العالم الإسلاميّ.. بل وفي قلبه! والشّعب التّركيّ بما يُمثّله إلى جانب ثقافته وتاريخه ووجدانه: هو بلا شكّ جزء أساسيّ من هذا العالم الإسلاميّ ومن هذا المشرق بكلّ أبعاده.

وقد ينسى البعضُ منّا، أو يتناسى، حقيقةَ لعبِ العاملِ التّركيّ عموماً، وفي حقبة تاريخيّة فائقة الأهمّيّة خصوصاً: قد ينسى البعضُ حقيقةَ لعبِ العامِل التّركيّ هذا دوراً جوهريّاً جدّاً في تخليص المنطقة والثّقافة الإسلاميّة من غزوات خطيرة جدّاً وذات أبعاد وجوديّة للإسلام وللمسلمين وللمشرقيّين.. كالغزو المغوليّ شرقاً، والغزو الصّليبيّ غرباً (دون الحديث عن التّصدّي للوجود الرّومانيّ القديم-الحديث حينها، تحت غطاء ما سُمّي بالدّولة البيزنطيّة).

خلفَك أيّها التّركيُّ تاريخٌ عثمانيٌّ “عظيم”. فلا تُعمينَّكَ البروباغاندا الأتاتوركيّة (ضمنيّاً) عن إدراك ذلك وتذكّره على الدّوام. فلم يكُنْ تاريخ بني عثمان أسود فقط كما يُريد البعضُ اقناعك.. فافتخر بأمجادك “العثمانيّة” أيضاً، وكفّ عن الاعتقاد – ربّما – أنّك أوروبيّ أو جزء من الغرب! ما هذا الهراء؟

ولكي أوصلَ فكرتي العامّة بشكل أوضح، أقترح أن نمرَّ كالعادة بعالم الفنّ ذي الصُّوَر والمَجَاز والوِجْدان والبَلَاغة.. أعني هنا بالتّحديد العمل الدّراميّ-التّاريخيّ التّركيّ المعاصر (بدأ عام ٢٠١٤ وانتهى عام ٢٠١٩ على ما أعلم): أي المسلسل التّليفزيونيّ الضّخم والملحميّ والجميل جدّاً.. مسلسل “قيامة أرطغرل”.

***

قبل مشاهدة هذا المسلسل، لم أكن أعرف جيّداً ما معنى أن يدخلَ أميرٌ أو ملكٌ عربيّ أو إسلاميّ.. فاتحاً غازياً لقلعة روميّة أو صليبيّة (أو مغوليّة ربّما، وما إلى ذلك). وبقيتُ على هذه الحال: إلى أن وصلتُ إلى هذا المقطع من المسلسل حيث يدخلُ أبو الفتحِ والغنيُّ عن المدحِ، سليمان شاه الأوغوزيّ التّركمانيّ (أبو أرطغرل) إلى قلعة من قلاع فرسان الهيكل (Les Templiers) في بلادنا.. فاتحاً منصوراً منتصراً، حسب تصوّر فريق الإخراج طبعاً:

وعرفت حينها حقّاً وتذوّقاً.. ماذا يعني قولُ أبي الطّيّب المُتنبّي قبلَها أمام قلعة “الحدث الحمراء” عندما غزاها سيفُ الدّولةِ الحمدانيُّ قبل إعادة بنائها على يديه:

سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ / فَلَمّا دَنا مِنها: سَقَتها الجَماجِمُ!

أي أنّ قلعة “الحدث” قد أصبحت حمراء لأنّ الغيوم كانت، قبل قدوم سيف الدّولة، تسقيها ماء.. فلمّا أتاها الفاتحُ الغازي الإسلاميّ أبو الوغى: سقتْها جماجمُ قتلى العدوّ بالدّم! قارن هذه الصّورة الشّاعريّة العربيّة الرّائعة مع المشهد التّركيّ أعلاه.. فعلاً، لقد قام القوم بعمل فنّيّ رائع.

(كذلك، أستغلّ فرصة مشاركة الرّابط أعلاه، لأعطيَ القارئ العزيز، في داخله أيضاً وباختصار: نبذة عن فريق العمل خلف المسلسل هذا، وعن الموسيقى الرّائعة السّاحرة لملحمة “قيامة أرطغرل” التّركمانيّ).

***

عمل إردوغان وبعض فريقه المقرّب (والمتخصّص حيث الحاجة) على دعم وترويج هذا العمل التّلفزيونيّ الملحميّ الضّخم. وقد حرص الرّئيس التّركيّ على اعلان قربه الثّقافيّ (وربّما الأيديولوجيّ-السّياسيّ) من هذا الإنتاج الفنّيّ. يصوّر هذا الأخير طبعاً نواة انطلاقة المدّ العثمانيّ، من خلال السّرد الفنّيّ لسيرة أبي “عثمان” مؤسّس الدّولة العثمانيّة: أي بالتّحديد سيرة سيفِ الإسلام، وفالقِ الهام، والسّبعِ ابنِ الضّرغام، الأميرِ الغازي أرطغرل بِك بن سليمان شاه القايويّ الأوغوزيّ التّركمانيّ (ت. صوب ١٢٩١ م).

إقرأ على موقع 180  فرنسا وألمانيا تخاطبان بايدن.. معاً ضد الصين!

ومن المُهمّ هنا أن يقتنع القارئ العزيز معنا أنّ الهدف من هذا المقال ليس الحُكم على تاريخيّة هذا السّرد الفنّيّ الطّابع. ولا الهدف هو أن نصدّق أو لا نصدّق الطّابع الأخلاقيّ أو لا.. لحركة العثمانيّين الأوائل. ولا هدفنا هنا هو أن نأخذ موقفاً أيديولوجيّاً من حركة أبي عثمان بن سليمان.. ولا من حكم وسلاطين بني عثمان. وبالأخصّ: ليس هدفنا تصديق أي بروباغندا عثمانيّة من غير نقد، ولا أيّ تسويق لأبي البروباغندا رجب طيّب إردوغان.

هدفنا الأساسيّ في هذا المقال هو محاولة تأويل الرّسالة والمعاني التي يُريد أن يوصلَها هذا العمل الفنّيّ.. إلى أتراك هذا الزّمان بشكل خاصّ. فكيف يُمكن اختصار هذه الرّسالة الظّاهرة والضّمنيّة؟

  • أوّلاً: يقول هذا المسلسل للتّركيّ المُعاصر إنّ هويّته التّركيّة وقوميّته التّركيّة متجذّرتان في التّاريخ الشّرقيّ والإنسانيّ. وهذه القوميّة التّركيّة إن جاز التّعبير: قد ترعرعت في حضن الشّرق العميق، ونشأت منه وعنه وبه.
  • ثانياً: لكن، عليك أيّها التّركيّ المعاصر ألّا تنسى أنّك “مُسلم”، ومنتمٍ إلى العالم الإسلاميّ. وأنت أيضاً ابنُ هذا الشّرق العجيب كما ذكرنا، وجزءٌ لا يتجزّأ من هذا المشرق بكلّ مُكوّناته. إنّك يا أيّها التّركيّ، باختصار: مُسلمٌ وشرقيٌّ ومشرقيّ.
  • ثالثاً: إذن، المنظومة القِيَميّة والأخلاقيّة والشّرعيّة والحَرَكيّة والثّقافيّة التي يُعوَّل عليها بالنّسبة إليك كفرد وكجماعة، هي المنظومة الإسلاميّة.. بغير تفريق بين مذاهب هذه الأخيرة (مع كونك، في الأعمّ الأغلب، منتمياً إلى المذاهب المعتدلة من أهل السّنة والجماعة.. ومن المهمّ ذكر هذه النّقطة ضمن هذا السّياق لكي نبقى قريبين من “الموضوعيّة” قدر الإمكان). وأنت بالأخصّ مائلٌ بشكل عميق: إلى البُعد الصّوفيّ داخل الإسلام.. لا سيّما البُعد الصّوفيّ الإشراقيّ (الذي يتضمّن مدارس السّهرورديّ المقتول، وابن عربيّ الشّيخ الأكبر، ومولانا جلال الدّين إلخ.). لذلك، قام المسؤولون عن هذا العمل بإقحام شخصيّة شيخ الصّوفيّين العالميّين الأكبر، وكبريت الخيميائيّين العاشقين الأحمر، محيي الدّين ابن عربيّ (ت. ١٢٤٠ م) في سرد سيرة أرطغرل غازي.. وترافق كلّ ظهور صوفيّ روحيّ له في المسلسل، مع موسيقى صوفيّة من النّوع السّاحر شكلاً ومضموناً (أستعملها مراراً في لحظات تأمّل شخصيّة):

(من المهمّ مشاهدة بعض المقاطع ضمنه أيضاً لفهم المُراد) 

  • رابعاً: أيّها التّركيّ النّموذجيّ (Typique) المعاصر، لقد لعب “أجدادُك” دوراً جوهريّاً في الدّفاع عن شوكة الإسلام وفي الذّود عن ثغور المُسلمين وحدودهم وتواجدهم في المنطقة. وأنت هنا أمام عاملٍ مُهمٍّ جدّاً في تفسير التّواجد التّركمانيّ في الأناضول كلّه أصلاً. فأنت إذن في قلب الإسلام وفي قلب التّاريخ الإسلاميّ وفي قلب الثّقافة الإسلاميّة كما رأينا. وقد وصل الأمر في ما وصل إليه بعد أرطغرل وابنِه الغازي ابنِ الغازي: إلى زمان الفاتِحِ الإسلاميِّ الأكبر، وطاردِ الأصفَرِ بنِ الأصفَر، فاتحِ القسطنطينيّة، وقاهرِ البيزنطيّة، وأبي الصّارمِ والنّيرانِ والمدفعيّة.. أي أبي الفتوح وأبي القاسم محمّد بن مراد “الفاتح” العثمانيّ الأوغوزيّ التّركمانيّ الأكبر (ت. ١٤٨١ م). وقد سمّى السّلطان “محمّد الثّاني الفاتح” القسطنطينيّة بعد فتحِها “إسلام-بول”.. قبل أن يُحوّل الأتاتوركيّون المتطرّفون اسمَها إلى إستنبول أو إسطنبول.. ويمكرون، وسنعلم جميعُنا سريعاً من هو خيرُ الماكِرين.
  • خامساً: وباختصار، خلفَك أيّها التّركيُّ تاريخٌ عثمانيٌّ “عظيم”. فلا تُعمينَّكَ البروباغاندا الأتاتوركيّة (ضمنيّاً) عن إدراك ذلك وتذكّره على الدّوام. فلم يكُنْ تاريخ بني عثمان أسود فقط كما يُريد البعضُ اقناعك.. فافتخر بأمجادك “العثمانيّة” أيضاً، وكفّ عن الاعتقاد – ربّما – أنّك أوروبيّ أو جزء من الغرب! ما هذا الهراء؟

***

هذه، باختصار، الرّسالة أو الرّسائل الأهمّ التي يريد هذا المسلسل ايصالها إلى الفرد التّركيّ وإلى المجتمع التّركيّ المُعاصرَين برأيي. من هنا، يُمكن أن نفهم بسهولة السّبب وراء نصيحتِنا بالفصل بين هذه الرّسائل والنّخب والجماهير التي تؤمن بها وتروّج لها من جهة.. وبين إردوغان ومشروعه الشّخصيّ والشّخصانيّ – قصير الأمد مبدئيّاً – من جهة أخرى. فبخلاف صورة “جدّه” أرطغرل غازي المنقولة إلينا افتراضاً، نرى إردوغان: صوفيّاً في تركيا، واخوانيّاً في العالم العربيّ؛ علمانيّاً مع أوروبا، وإسلاميّاً مع بعض الشّعوب الإسلاميّة، ومع إيران مثلاً؛ موْلَويّاً-أكْبَريّاً في بعض الأوساط التّركيّة، ووهّابيّاً سلفيّاً في سوريا والعراق؛ أخاً للإسلام في بعض منطقتنا، وأخاً للنّاتو والأطلسيّ على المستوى الدّوليّ، أو اذا اختلف مع بوتين مثلاً؛ مُقاوماً مُجاهداً (بالكلام) مع “حماس”، ومُطبّعاً (بالعمل) مع الإسرائيليّين.. إلى ما هنالك من تموضعات وتلوّنات إردوغانيّة عجيبة لا يُعوَّل عليها فيما يخصّ مستقبلنا مع اخوتنا جميعاً في هذه المنطقة.. ومنهم إخواننا وأهلنا ضمن الشّعب التّركيّ.

المهمّ أن يعيَ من يؤمن منّا بأغلب الأفكار والمفاهيم والقيم المذكورة أعلاه، ومن يؤمن منّا بأهمّية قيام مشاريع شرقيّة ومشرقيّة نهضويّة وحُرّة ومُواجهة للاستعمار المعاصر، ولأداته الاستكباريّة المركزّية “إسرائيل”.. المهمّ أن يعيَ هؤلاء جميعاً أهمّيّة الفصل بين تلك المنظومة الفكريّة-العقائديّة-الثّقافيّة، وبين مشروع إردوغان كشخصيّة سياسيّة قياديّة مرحليّة.

وضمن السّياق العامّ نفسه، نترك القارئ العزيز في الختام مع إيقاع وشعر آتيَين من باطن بواطن الشّرق الرّوحانيّ.. الذي يحترقُ قلبُه، على الدّوام، بالعشق الإلهيّ المُقدّس، ومنذ غابر الزّمان، أو منذ ما قبل المكان والزّمان.. وأنصحُ المستمعَ لهذا العمل الفنّيّ (التّركمانيّ-الأذربيجانيّ) أن يدخلَ فيه، وذهنُه صافٍ وقلبه مستعدٌّ لهذا العيار الثّقيل من الشّجو العاشق العميق من خلال شعر Mehemet Fuzuli التّراثيّ، وتلحين Cahangir Cahangirov وغناء الفنّانة الأذربيجانيّة أيضاً Şövkət Ələkbərova:

Print Friendly, PDF & Email
مالك أبو حمدان

خبير ومدير مالي، باحث في الدراسات الإسلامية، لبنان

Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
udemy paid course free download
إقرأ على موقع 180  عندما يُطلق الغرب رصاصه الإقتصادي على.. قدميه!