“التاريخ” يكتبه.. الكذّابون!

على من يهتم بالتاريخ أن يبحث عنه في تاريخ آخر غير مكتوب.

التاريخ نظرات متفرج يستمتع بحركات غريق.

خرافاتٌ بلا ضفاف.

سِيرٌ عابرةٌ للمقابر.

***

التاريخ عجلات تائهة بلا عربات.

أسطرلاب من اختراع مخترع الجهات.

وبوصلة لا تنتسب إلا لجهة وحيدة من الجهات المفقودة.

***

التاريخ جاسوسٌ متنكرٌ خلف دهشة سائح ثمل.

***

التاريخ يد مفلوجة لمؤرخ مأجور.

تلويحةٌ مدفونة تحت شظايا الغياب.

***

التاريخ مداد النسيان.

كثبان غبار عظام سلالات آتية، وشتاءات طويلة.

***

التاريخ أكاليل الغار،

أصوات المدافع،

وأنخاب النصر؟

حفلات رقص ومواكب،

مذابح ومجازر،

وما لا يحصى من الدسائس والمؤامرات والأحقاد والضغائن.

***

التاريخ قصص ممتعة ومحببة صيغت بحبر التضليل، بالونات ملونة تتباهى بها الأمم والشعوب والأجيال القادمة.

التاريخ قصصٌ ورواياتٌ وأفلامٌ تعج بالأبطال، بعضهم شرير أحضروه عنوة لأداء دور الطيب، وبعضهم لم يوجد، بل تم اختراعه لأداء دور الشرير والسيء القبيح. آخرون جرى محوهم، لضرورة انسجام الأحداث واكتمال الحبكة وضمان الإثارة… والكومبارس الكسيح في القصة هو التاريخ.

***

التاريخ ميدان شاسع، خشبة هائلة لمسرح كبير تجري فوقها معارك وحروب، وحكايات حب وتضحية وموت وعذاب وانتصارات وهزائم.

***

التاريخ سلسلة من حوادث السير، تارة بسبب عطل ميكانيكي، أو حالة الطرق السيئة، وتارة لأن السائق في حالة سكر طافح.

***

التاريخ سرد لاعقلاني وعواطف خيالية.

مجرة مقفلة، تشع بقتامة حالكة.

***

التاريخ مشانق جاهزة للأفراح والأعراس.

***

التاريخ بريء من الحقيقة التاريخية.

***

التاريخ لا إنساني، مليء بالابتذال وبالخديعة والمكر.

التاريخ محض صناعة بشرية، في حاجة للأنسنة.

والمؤرخون كائنات ميتافيزيقية من السماء.

مضللون يمتهنون الكهانة والقدسية في خدمة آلهة أكثر كفرا وإلحادا.

***

هيت لك يا التاريخ

خذ ما نملك من دم النسيان

ولا تتركنا في أمكنة خالية من هدأة التواريخ

لقد صرنا في الجهة الأخرى من هبوب الخرائط،

فلا تنتظرنا

دع لنا ترف الفجيعة

قبل أن تصحو الساعات من ورطتها الأرضية،

والأرض من سكرتها الشمسية.

***

دعنا نمضي بسلام.. من دون تاريخ

نطفو كبقايا غيم في حلق السماء

هيت لك

أيها البهلوان الماكر.

كأنك الإله المزيف

الدجال.

تكتب من تشاء وتمحو من تشاء،

كيف تستعير قدمين مبتورتين تمضي بهما بلا أذرع متسلقا حبالك اللامتناهية

تعلق جرائمك المكتملة حول عنق سيزيف،

تهمس في أذنه الصماء أن حبل التاريخ قصير، ولا اكتمال لجدائله الغامرة من دون أليافك.

***

ما أفظع جرائمك العامرة بالفضيحة.

كيف يندلق لسانك من أفواه المشانق

وتتوضأ بقيئك

إن صلواتك من أجل الكائنات باطلة

باطلة

هيت لك.

***

ما أصغر مزبلة التاريخ،

على مر التاريخ تتسع المزبلة ويكبر حجمها

حتى تلتهم التاريخ.

***

قبل أن ينتهى التاريخ كتب عن انتصارات مزابله

ومضى لينام

وحيدا

في عفونته الكبرى

***

حتى مزبلة التاريخ خيالية ومزخرفة

كالتاريخ.

“ها ها ها التاريخ…”.

من أنت يا هذا الذي يسمونه “التاريخ”؟

يمتلئ العالم بأكاذيب تاريخية وأساطير سرمدية

العالم أسطورة لذيذة ومزيفة بلا حدود

التاريخ لا يكتبه المنتصرون، بل يكتبه الكذّابون.

(المعاريف، الدار البيضاء – المغرب) 

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  "النوافذ المغلقة" بين إيران والسعودية.. هل يفتحها الكاظمي؟
Download Premium WordPress Themes Free
Download Nulled WordPress Themes
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
download udemy paid course for free
إقرأ على موقع 180  "عقدة هيكل" في الأرشيف الإسرائيلي!