هدنة روسية-تركية جديدة “هشّة” في إدلب… وحلب تستعد

حالة "ستاتيكو" تشهدها جبهة معرة النعمان في ريف إدلب، والتي تمثل المرحلة الأخيرة المتبقية لفتح طريق حلب - دمشق الدولي ضمن محافظة إدلب، بعد بدء العد التنازلي لمحاولة تثبيت هدنة روسية – تركية جديدة خلال ساعات.

الجمود الميداني الذي شهدته هذه الجبهة بعد تقدم كبير أحرزه الجيش السوري شهد سقوط عشرات البلدات والقرى على الطريق M5 الدولي جاء بالتوازي مع نشاط سياسي تركي روسي خلال الأسبوعين الماضيين تبلور بعد زيارة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى دمشق ولقائه الرئيس السوي بشار الأسد، قبل أن يتوجه إلى تركيا حيث تم افتتاح خط الغاز “السيل التركي”، لتعلن بعدها روسيا عن هدنة في ريف إدلب بدءاً من يوم الخميس، إلا أن العمليات القتالية والقصف الجوي لم يتوقف، لتخرج بعدها تركيا وتعلن أن الهدنة ستبدأ يوم غد. فما القصة؟

بعد أكثر من عامين على اتفاقية سوتشي الموقعة بين الرئيسين الروسي فلاديمر بوتين والتركي رجب طيب اردوغان، والتي تضمنت تحديد مناطق لخفض التصعيد، وفتح طريق حلب – دمشق الدولي، لم تف تركيا بتعهداتها للجانب الروسي، حيث شكلت المنطقة “منزوعة السلاح” نقاط انطلاق للفصائل “الجهادية” التي شنت عشرات الهجمات على مواقع الجيش السوري. كذلك، لم تقم تركيا بسحب الفصائل الجهادية من هذه المناطق، ولم يتم فتح طريق حلب حماه (طريق حلب – دمشق)، ولا طريق حلب – اللاذقية، وهما خطوتان كان من المقرر انجازهما قبل نهاية العام 2018.

مع استمرار تعنت الفصائل “الجهادية”، وأمام الجمود التركي – رغم انشاء قوعد عسكرية تركية كنقاط مراقبة وإشراف مباشر لجنودها على الأرض-  قرر الجيشان الروسي والسوري شن عملية عسكرية لتطبيق اتفاقية سوتشي بالحديد والنار، فحقق الجيش السوري تحت غطاء جوي روسي تقدماً كبيراً، فتمكن من السيطرة على مدينة خان شيخون، وانطلق منها للسيطرة على مساحات واسعة، قبل أن تتمركز قوات الجيش السوري على بعد أقل من ثمانية كيلومترات من مدينة معرة النعمان الاستراتيجية، والتي تمثل آخر العقبات أمام فتح الطريق الدولي.

التقدم الكبير للجيش السوري واقترابه من السيطرة على النقطة الأخيرة المغلقة في الوقت الحالي أنذر تركيا بخطورة خروج هذا المنفذ الحيوي من يدها، خصوصاً أن اتفاقية سوتشي ضمنت لأنقرة وجوداً وإشرافاً على هذا الطريق، ما فتح الباب أمام حركة دبلوماسية نشطة لمنع سقوط المعرة، وهو ما نجم عنه توقف مؤقت للعمليات القتالية على محور معرة النعمان في الأيام الأخيرة قبل نهاية العام الماضي 2019 (قبل نحو أسبوعين).

بالتوازي مع ذلك، كثفت الفصائل “الجهادية” التي تقاتل على محور معرة النعمان هجماتها على مواقع الجيش السوري، وكان من بينها ثلاثة هجمات عنيفة تخللتها عمليات انتحارية، إلا أن كل هذه الهجمات باء بالفشل، ولم تحقق أي خرق حقيقي على خريطة السيطرة كما لم تبعد عن تركيا والفصائل “الجهادية” خطر خروج معرة النعمان عن سيطرتها، الأمر الذي دفع تركيا إلى إعادة تنشيط تحركاتها الدبلوماسية لتحصيل مكاسب ميدانية من الحلقة الأخيرة المتبقية على هذا الطريق.

خلال زيارة الرئيس الروسي إلى تركيا، اتفق الجانبان الروسي والتركي على تطبيق هدنة في مناطق العمليات.

مصدر ميداني سوري أشار في حديث إلى “180” إلى أن الجيش السوري كان يستعد لمعركة كبيرة في المعرة وينتظر تحديد موعد لها، خصوصاً مع استمرار تدعيم الجيش السوري صفوفه على محاور القتال، موضحاً أن تحديد موعد العملية كان مرتبطاً بالنشاط السياسي لروسيا، كونها الدولة المسؤولة عن التفاوض مع الجانب التركي في هذه المنطقة.

فشل تركيا في تعهدها الأولي بوقف هجمات المسلحين دفعها إلى تأجيل الهدنة

وبعد ساعات قليلة من إعلان موسكو عن تهدئة عسكرية على جبهة ريف إدلب، شنت الفصائل المسلحة هجوماً وصفه المصدر بأنه عنيف على محاور عدة في قريتي جرجناز والتح، الأمر الذي رد عليه الجيش السوري بشكل عنيف أيضاً، كما قامت طائرات عسكرية بتنفيذ غارات على مواقع تمركز المسلحين وخطوط الإمداد فيها، وفق تأكيد المصدر الميداني، الذي رأى أن تركيا فشلت في تعهدها الأولي بوقف هجمات المسلحين خلال فترة الهدنة، وهو ما دفعها إلى تأجيل الهدنة إلى يوم الأحد، حيث سيلتقي مسؤولون عسكريون وأمنيون أتراك مع مسؤولين روس في موسكو لمناقشة ملف ريف إدلب.

وتوقع المصدر أن تفشل الهدنة في ريف إدلب لأسباب عدة ذكر منها “التجارب السابقة، حيث لم تف تركيا بتعهداتها بإبعاد الفصائل الجهادية الراديكالية، كما فشلت في حل هذه الفصائل في إدلب أو حتى ضبطها”.

وتابع ” في الوقت الحالي يستعد الجيش السوري لإطلاق عمليات عسكرية على محور ريف حلب الغربي لفتح طريق حلب – دمشق، حيث وصلت تعزيزات عسكرية كبيرة بينها حشود من الفرقة الرابعة”.

وأمام إصرار دمشق وموسكو على فتح الطريق الدولي، الذي تأخر فتحه لأكثر من عامين عن الموعد المقرر، تنصب مساعي تركيا على إمكانية تحقيق مكاسب ميدانية تسمح لها بالإطلال على هذا الطريق، ليبقى التحدي الأكبر الذي يواجه أنقرة مدى قدرتها على ردع الفصائل “الجهادية” وإبعادها عن الطريق أو الإشراف عليه من جهة، والثمن السياسي الذي ستدفعه مقابل ذلك، وهو ما رأى المصدر أنه سيواجه “فشلاً، ما يعني أن المحاولات التركية لن تحقق أكثر من تأجيل العمل العسكري لفترة وجيزة، ما لم تظهر تغيّرات ميدانية حقيقية”.

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  المنافسة الإستراتيجية تمهيد لحرب عالمية أم لمنع نشوبها؟
علاء حلبي

صحافي سوري

Premium WordPress Themes Download
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
Download Best WordPress Themes Free Download
free download udemy paid course
إقرأ على موقع 180  طريق M4... هدوء ما قبل عاصفة جديدة