“في الساعة العاشرة وست عشرة دقيقة من صباح الأربعاء (8 نيسان/ابريل)، تم حقن كتفي الأيسر بـ 250 ميكروغراماً من لقاح تجريبي للفيروس التاجي (كوفيد – 19)، وهو الأول الذي يتم اختباره على البشر. كنت واحداً من 45 متطوعاً شاركوا في تجربة سريرية يمكن أن تساعد في القضاء على الوباء. وتمت إعادتي إلى المنزل ومعي ميزان حرارة، وطُلب مني تسجيل درجة حرارتي وأية أعراض قد تظهر. ما زلت أتبع إرشادات “ابق في المنزل وحافظ على صحتك”، التي أصدرتها واشنطن، لكنني سأعود إلى العيادة بانتظام لإجراء تحاليل دم والحصول على الجرعة الثانية. وسيراقب فريق البحث صحتي لمعرفة ما إذا كان جسدي سيبدأ في إنتاج الأجسام المضادة. ومن المقرر أن تستمر تجربة المرحلة الأولى 14 شهراً (…).
علمت من زميل لي أن هذه التجربة بحاجة إلى متطوعين، ونشر رابطاً لنموذج عممته المؤسسة المعنية. فتحت الرابط وكتبت بعض المعلومات الشخصية مثل العمر وتاريخي الصحي ومهنتي. لم أتوقع أن أتلقى رداً. بعد مرور 11 يوماً، تلقيت مكالمة من المؤسسة لتحديد موعد ذهابي لإجراء الفحص. كنت متحمساً للمشاركة، وأشعر بأنني محظوظ للغاية لأنني أتمتع بصحة جيدة. واتضحت الأمور بشكل أفضل بالنسبة لي بعد أن أطلعني فريق من المتخصصين الطبيين على خطوات التحضير للتجربة. تحتاج التجارب السريرية إلى متطوعين أصحاء. وقد كانت هذه فرصتي للمشاركة.
وفي الليلة التي سبقت إجراء الفحص الشخصي لي، قرأت نموذج موافقة من 20 صفحة، تمت مراجعته مرة أخرى قبل الفحص. بعد ذلك، طرحت الطبيبة أسئلة عدة عما إذا كنت أعاني الحساسية ضد أي نوع من الغذاء أو العقاقير. فأجبتها بالنفي. وسألتني أيضاً عما إذا كان لديّ تاريخ من مشاكل القلب، أو ضغط الدم. وأيضاً أجبتها بالنفي. وبعد انتهاء الأسئلة فتحتُ فمي، وألقت الطبية فحصاً على الغدد اللمفاوية في وجهي ورقبتي، وضغطتْ بشدة على بطني ونقرتْ بأصابعها على ركبتي. واختبرتْ أيضاً السمع والبصر. وقامت ممرضة بسحب خمسة عينات من الدم لإجراء مزيد من الفحوص.
تتضمن الفكرة وراء هذا اللقاح استراتيجية جديدة نسبياً. كل اللقاحات تحاول تدريب جهاز المناعة على الاستجابة للغزو قبل اختراقه البوابات. وهذا يعني، عادة، حقن جزء مسبب للمرض من شخص إلى شخص سليم لتنبيه جهاز المناعة الخاص به. ولكن بدلاً من حقني بالبروتين المشتق من الفيروس، وخزني الباحثون بمواد وراثية ترمز لمثل هذا البروتين. فإذا امتص جسدي هذا الرمز ونفذ تعليماته، ستبدأ بعض خلايا جسمي في إنتاج بروتين واحد مؤقتاً من الفيروس. ويجب أن يدفع هذا جهاز المناعة للبدء في تكوين أجسام مضادة ضد الجزء الفيروسي. ويأمل العلماء في أن تحمي هذه الأجسام المضادة الفرد من الفيروس الحقيقي.
وقامت الشركة التي أنتجت هذا اللقاح باختبار تقنية اللقاح الجديدة هذه من قبل على أمراض أخرى، بينها الإنفلوانزا وفيروس تنفسي يسمى بـ”المخلوي”. ولم تتمخض النتائج بعد عن لقاح مرخص، وقد لا تتمخض عن أية لقاحات. وعندما يتعلق الأمر بجهاز المناعة، لا شيء مضمونا. هناك بعض المخاطر، ولا أحد في الواقع يعلم ما هي حتى الآن، ولهذا السبب، هي تجربة. كل دواء أو لقاح وقبل أن يصبح مرخصاً، يجب أن تتم تجربته على البشر للمرة الأولى. وقد أفاد الذين خضعوا لدراسات أخرى على لقاحات، أنهم بصحة جيدة بشكل عام، على الرغم من أن البعض شعروا باحمرار وألم في موضع الحقن، وتعب في العضلات وصداع، وكلها يمكن أن تكون شديدة.
هناك مخاطر أخرى، أيضاً. لا أحد يعرف كيف يتفاعل جهاز المناعة البشري عند رؤية هذا البروتين الفيروسي. من الممكن أن ينتج أجساماً مضادة تؤدي إلى تفاقم العدوى، كما حدث من قبل مع عدد صغير من اللقاحات المرشحة المخصصة لأمراض معدية أخرى. هذا الخطر منخفض، لكنه جزء من سبب الحاجة إلى إجراء دراسات دقيقة قبل زيادة التطعيم.
يحصل المتطوعون على 100 دولار عند كل زيارة، بالإضافة إلى مواقف مجانية للسيارات عند العيادة. بعد ساعات من حقني للمرة الأولى، أشعر بأنني بحالة طبيعية تماماً. لا ألم ولا أعراض أخرى. إنني جزء من المجموعة التي تلقت أعلى جرعة، ولا أعلم ما حالة المتطوعين الآخرين. ومن المقرر أن أتلقى الجرعة الثانية في أيار/مايو. وحتى ذلك الحين، سأعمل من المنزل وأراعي التباعد الجسدي، وقد يستمر ذلك لفترة أطول على الأرجح.
في الأوقات العادية، من السهل تخيل كيف سيبدو العالم في غضون شهر. ولكن في عصر “كوفيد – 19″، يبدو شهر أيار/مايو بعيداً. بحلول ذلك الوقت، ربما تتمكن الولايات المتحدة أخيراً من السيطرة على الأمور. وقد تعود الحياة إلى طبيعتها في مدينتي وفي المدن الأخرى التي تحملت بالفعل أسابيع من الحجر المفروض ذاتياً. آمل أن ينجح اللقاح، وإذا حدث ذلك، سيقل عدد الوفيات الناجمة عن الفيروس التاجي”.