القائد كوفيد التاسع عشر حقيقةً لا بُدّ لكم أن تعرفوها

ما بين فيروس كوفيد-19 وفيروسات هذا الوطن الأُخرى"، هذا نص حوار واقعي:

أولاً، عن طبيب إسباني:

سترتفع درجة حرارة جسمك؛ وستستمر في الارتفاع حتى تظن أن جبهتك أمام فوهة بركان، أعلى حرارة يمكنك الإحساس بها في حياتك وكأنك في الجحيم.

سوف تسعل بشدة وستصاب بإرهاق وتعب شديد، حتى تصبح ذابلا كأنك جثة.

كل مرة تسعل فيها ستشعر بألم حاد في صدرك، ذراعيك، عينيك.. بل سيصل الألم إلى أصابع يديك وقدميك.

ستحصل عندك آلام شديدة في العضل والمعدة وقد تُصاب بالإسهال.

ستحاول جاهدا إدخال الهواء إلى رئتيك ولكنك لن تستطيع، ستحاول التنفس بسرعة أكثر فأكثر ولكنك ستساهم في امتلاء أوردتك بغاز ثاني أكسيد الكربون الذي ربما سيقتلك.

وقد تشعر بألم شديد في صدرك وتحسّ بأن شيئًا ما يضغط على صدرك كالبلاطة، ويطحن عظام قفصك الصدري، بسبب هذا الفيروس الذي قد يتسبب أحياناً بذلك. وقد تُصاب بجلطة قلبية أو رئوية لأننا شاهدنا شباباً يصابون بهكذا أعراض أو علامات.

 حينها سأتدخل وأحاول أن أضع قناع تنفس على أنفك لتزويدك بالأوكسجين، الذي لم تعد رئتاك قادرتين على الحصول عليه.

إذا لم يساعدك ذلك وبدأت حالتك في التأزم، سنقوم بإدخال أنبوبين عبر حلقك، ستشعر بألم شديد واختناق عند إدخالهما، لن نتوقف عند ذلك بالطبع، سنواصل إدخالهما حتى يصلا إلى نهايات قصبتك الهوائية، هذا ما يسمى بالتنفس الاصطناعي، ومهما وصفته لك فلا يمكنك تصور قمة الإزعاج والألم، حينذاك لن تستطيع الكلام، أو الأكل أو الشرب.

يا زميلي الأوروبي، في لبنان لا دولة ولا من يحزنون. لبنان، “بلد سائب” والكل في حالة ضياع ودمار شامل: الشعب، المؤسسات والحكومة ووزراؤها

ستكون وحيداً على سرير الإنعاش، ستشعر بالقلق والخوف من الموت المباغت، لن يستطيع أحد الاقتراب منك ولا الحديث معك، ما عدا الأطباء والممرضين الذين يلبسون ثيابا أشبه بلباس رواد الفضاء خوفا من أن تنتقل العدوى إليهم.

لا أحد سيقترب منك من أفراد عائلتك حتى أقرب الناس إليك سيكون بعيدا كما لم يكن.

سوف يضيق تنفسك أكثر، ثم ستسعل وسوف تشعر بألم كبير، وتحاول أن تتصل بي وبرفاقي مئات المرات ليل نهار.

كل هذا كان يمكنك تجنبه لو جلست في البيت مع عائلتك.

ثانياً، جوابي: 

يا زميلي الأوروبي، في لبنان لا دولة ولا من يحزنون.

لبنان، “بلد سائب” والكل في حالة ضياع ودمار شامل: الشعب، المؤسسات والحكومة ووزراؤها.

لقد أفقروا شعب لبنان وأذلّوه وجوّعوه وهجّروه  وشرّدوه وأخذوا منه الأمل والبسمة والفرحة والطموح والحلم.

في لبنان، سرق الزعماء الفاسدون كل خيرات هذا الوطن وتركونا لقدرنا.

وبرغم أن وزارة الصحة قامت حتى اليوم بعمل جبّار لاحتواء هذا الوباء، إلّا أن شعبي أصابه الضجر والملل والقلق والخوف من البقاء في المنازل لأكثر من شهرين على التوالي.

وهو يريد أن يتنفّس هواء الحرّية وأن يخرج لمعاودة نشاطاته الاعتيادية في العمل والتجارة والتعليم وغيرها.

في وطني تصرّف بعض العائدين بغباء، ولم يلتزموا بالحجر، ونقلوا العدوى إلى أهلهم وأبناء بلداتهم والبلدات المجاورة، ومن محافظة إلى أخرى.

الكل استرخى واستقال واستسلم للوباء وكأنه يريد الانتحار لأنه قد يكون فضّل الموت من “فيروس الكورونا ومضاعفاته”، على أن يموت من فيروس الفساد والهدر والطائفية والمذهبية والأنانية واللامبالاة واللامسؤولية وغياب الحسّ الوطني وسطوة منطق المُحاصصة والاستزلام وإذلال الشعب “واستحماره”، والذي ينخر في كل مؤسسات هذا الوطن وعند كل مسؤوليه وحكّامه من أعلى الهرم إلى الحاجب الذي يحرس الغابات والأحراج.

لذلك، نحن نشهد منذ أيام مُعاودة الانتشار الخطير لهذا الوباء، وعودة إلى المربّع الأوّل، وخسارة لكل الإنجازات التي حققناها في محاربته.

فبماذا تنصحوننا أيها الزملاء الأوروبيون؟

ثالثاً، رد الطبيب الإسباني:

الله الله لم نكن نعلم أن وضعكم مأساوي إلى هذه الدرجة، لكن صدّقونا: إنّ كل ما ذكرناه لكم عن “القائد كوفيد التاسع عشر” حقيقةً  لا بُدّ لكم أن تعرفوها، وأنّ الفيروس أصاب حتى اليوم أكثر من أربعة ملايين شخص عبر العالم، وقتل نحو 320 الف شخص في مختلف أنحاء المعمورة. قصته طويلة وطويلة جدا، فلا تستهتروا به ولا تستسلموا له، وتعقّلوا وحافظوا على أقصى درجات التيقّظ والحذر منه، ولا تتركوه يقتل أهاليكم وآباءكم وأحبّاءكم وأولادكم.

وعندما تنتهون منه، ولو بعد حين، سيكون الله معكم في ثورتكم على الفيروس البشري الذي أحرق بلدكم وسرقه ونهبه، وسوف ندعو لكم عبر البحار بالتوفيق والنصر، لأن نصرة المظلومين واجب على كل أبناء البشرية بغضّ النظر عن العرق واللون والدين والبلد.

 (*) إختصاصي أمراض القلب والشرايين، رئيس جمعية عطاء بلا حدود ومنسق ملتقى حوار وعطاء

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  مع المقاومة أم ضدها.. هذه حرب بقاء لبنان أو اندثاره
د. طلال حمود

رئيس ملتقى حوار وعطاء بلا حدود وجمعية ودائعنا حقّنا

Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
free online course
إقرأ على موقع 180  قررتُ أن أصفق يومياً للجنود المجهولين