سعد الجبري.. “اليد اليمنى” لبن نايف طريد بن سلمان

Avatar18026/05/2020
سعد الجبري هو بمثابة "كنز كبير من الأسرار السعودية". كان ذراع محمد بن نايف في وزارة الداخلية وقبلها في جهاز الإستخبارات السعودية. حالياً هو قيد الملاحقة. صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقريراً لمراسلها في الشرق الأوسط بن هوبارد، ساهم في إعداده أيضاً محرر الصحيفة إريك شميت، ويعرض لسعي ولي العهد السعودي لإستعادة الجبري من كندا.. والسبب هو أنه "يعرف مكان دفن الجثث" في السعودية ويعرف الكثير عن أنشطة أفراد العائلة المالكة، و"مخططات الفساد والجرائم".

لسنوات عدّة، كان سعد الجبري واحداً من كبار ضباط الاستخبارات في المملكة العربية السعودية، وخبيراً في مجال الذكاء الاصطناعي، لعب أدواراً رئيسية في الحرب ضد تنظيم “القاعدة”، والتنسيق الأمني بين السعودية والولايات المتحدة. ولكن منذ عام 2017، توارى الجبري عن الانظار، بعدما استقر في كندا، خوفاً على حياته، وهو يقاوم ضغوطاً متزايدة من ولي العهد محمد بن سلمان للعودة إلى السعودية.

منذ آذار/مارس الماضي، تعتقل قوات الأمن السعودية اثنين من أبناء سعد الجبري، وقد باتا منذ ذلك الوقت معزولين عن العالم الخارجي.

يقول الدكتور خالد الجبري، ابن المسؤول الأمني السابق، والذي يعيش أيضاً في كندا: “لقد مرت أسابيع ولا نعلم أين هما… لقد تم اختطافهما، ولا أعلم حتى إن كانا حيّين أم ميتين”؟

لم تؤكد السلطات السعودية الاعتقالات، ولم يرد المسؤولون في السفارة السعودية في واشنطن على طلب للتعليق من قبل السيد الجبري.

من الشائع في بعض دول الشرق الأوسط أن تمارس السلطات ضغوطاً على شخص ما، عن طريق احتجاز أقاربه أو تهديدهم.

 

وفق هذا المنطق، أدى مقتل الكاتب السعودي المنشق جمال خاشقجي على يد عملاء سعوديين في إسطنبول في العام 2018 إلى زيادة المخاطر على أشخاص مثل سعد الجبري، الذي كان يشعر بالأمان خارج المملكة.

ويقول ابن الجبري ومسؤولون سابقون في الولايات المتحدة ممن عملوا معه أن الأمير محمد بن سلمان، يريد إجبار السيد الجبري على العودة إلى المملكة العربية السعودية لأنه يخشى ترك شخص لديه إمكانية الوصول إلى الكثير من المعلومات السرية.

تم اعتقال عمر الجبري (21 عاماً) وشقيقته سارة (20 عاماً) من منزلهما في الرياض في آذار/مارس الماضي ولم يرهما أو يسمع عنهما أحدٌ منذ ذلك الحين.

يقول جيرالد م.فيرشتين، نائب الرئيس الأول في معهد الشرق الأوسط في واشنطن، والذي تعامل مع الجبري أثناء عمله كسفير للولايات المتحدة في اليمن إن “القضية الأوسع نطاقاً هي أن محمد بن سلمان متوتر بشأن أي شخص خارج عن سيطرته”.

ويشير فيرشتين إلى أنّ الجبري كان منخرطاً في العديد من القضايا الحساسة خلال عقود خدمته في المخابرات، حتى أنه يعرف “مكان دفن الجثث” في السعودية، وربما يمتلك بعض المعلومات الحساسة عن الأمير محمد (بن سلمان).

انتهت خدمة الجبري في مجال الاستخبارات بعدما بات ضحية للصراع بين أميرين قويين على حكم السعودية، وأصبح أحدث مثال على المدى الذي يمكن أن يصل إليه الأمير محمد بن سلمان للقضاء على التهديدات المحتملة.

لاحق الأمير محمد بن سلمان العديد من المنافسين المحتملين والنقّاد في الداخل والخارج، بما في ذلك جمال خاشقجي، الذي قتل بعدما نشرت له صحيفة “واشنطن بوست” أعمدة رأي ينتقد فيها ولي العهد السعودي.

لم يكن الجبري منتقداً علنياً للأمير محمد بن سلمان على الإطلاق، ولكنه كان حليفاً قوياً لمنافسه الأمير الأمير محمد بن نايف.

تم القبض على الأمير محمد بن نايف، الذي ترأس في السابق وزارة الداخلية، في آذار/مارس الماضي، والسبب، على ما يبدو، كانت شكواه من كيفية إدارة ولي العهد للمملكة.

خدم الجبري، وهو عالم لغويات وعالم كمبيوتر نال شهادة الدكتوراه في الذكاء الاصطناعي من جامعة أدنبرة في اسكتلندا، في وزارة الداخلية لما يقرب من أربعة عقود، وترقى إلى رتبة لواء، وبات اليد اليمنى للأمير محمد بن نايف. كما تم تعيينه في منصب وزاري من قبل الملك سلمان. وهو يتحدث الإنجليزية، كما أنه حافظ على علاقات وطيدة مع مسؤولي الاستخبارات في الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى.

قال مسؤولون أميركيون إن الجبري لعب دوراً رئيسياً في العديد من أكثر الأمور الأمنية حساسية في المملكة، بما في ذلك محاربة تنظيم “القاعدة” وحماية المنشآت النفطية السعودية.

كان محاوروه الأميركيون الأساسيون مسؤولين في وكالة الاستخبارات المركزية، ولكن البرقيات الدبلوماسية التي نشرها موقع “ويكيليكس” تفصل مناقشاته مع مسؤولين آخرين حول مواضيع تشمل العراق واليمن وأفغانستان وتمويل الإرهاب وطموحات إيران الإقليمية.

وبحسب فيرشتين فإنّ “سعد الجبري كان ببساطة رجلاً طيباً، وأعتقد أن كل من تعامل معه قدّره”، مضيفاً “لقد كان ذكياً جدّياً، وكان ميالاً للولايات المتحدة – شريك جيد لنا”.

طور السيد الجبري علاقات وثيقة مع المسؤولين في الولايات المتحدة بحيث حضر بعضهم حفلات زفاف أطفاله.

يقول بروس ريدل، المسؤول السابق في وكالة المخابرات المركزية، والخبير الحالي في معهد “بروكينغز” إن جهاز المراقبة الواسعة في وزارة الداخلية تمكن من توفير كنز كبير من أسرار المملكة، بما في ذلك أنشطة أفراد العائلة المالكة، ومخططات الفساد والجرائم.

وبينما يفترض المسؤولون الغربيون أن معرفة الجبري بهذه الأسرار هي السبب وراء جهود ولي العهد لإعادته إلى السعودية، قال شخصان اطلعا على قضيته – أميركي وآخر سعودي – إن السلطات السعودية بررت تلك الجهود من خلال اتهام الجبري بالفساد.

إقرأ على موقع 180  رياح الحرب "تهبُ" من تل أبيب.. أي مشهد إستراتيجي يرتسم؟

وقال الشخصان اللذان تحدثا بشرط عدم الكشف عن هويتهما، لأنهما غير مصرح لهما بمشاركة المعلومات، إن الجبري متهم باستخدام منصبه في جمع ثروة شخصية وأن الأمير محمد بن سلمان أراد استعادة الأموال. مع ذلك، فإنّ السلطات السعودية لم تعلن عن أية ادعاءات فساد ضد الجبري.

في الواقع، فإنّ مكانة الجبري تعثرت بعد وصول محمد بن سلمان إلى السلطة بعدما اعتلى والده العرش الملكي في العام 2015.

في أواخر عام 2015، تم فصل الجبري من وظيفته في الوزارة بأمر ملكي، وهو قرار علمه، هو ورئيسه، عندما تم بثه على شاشة التلفزيون.

وفي العام 2017، كان الجبري خارج المملكة حين دفع الأمير محمد بن سلمان جانباً الأمير محمد بن نايف ليصبح وليا للعهد.

إثر ذلك، وُضع الأمير محمد بن نايف قيد الإقامة الجبرية وتم تجميد أصوله، حينها بدأ الجبري يشعر بالقلق من أن يواجه مصيراً مشابهاً، وقرر عدم العودة إلى السعودية، حسبما قال ابنه.

يشير أحد الأشخاص المطلعين على قضية الجبري إنه لم يستقر في الولايات المتحدة على الرغم من العلاقات العميقة التي يمتلكها هناك، ذلك أنه كان يشعر بالقلق من أن إدارة دونالد ترامب ستعيده إلى السعودية إذا طلب الأمير محمد بن سلمان ذلك.

لقد جعل ترامب العلاقة الوثيقة مع السعودية مفتاحاً لسياسته في الشرق الأوسط، في وقت يُعتبر صهره وكبير مستشاريه، جاريد كوشنر، أحد المقرّبين من محمد بن سلمان .

حين غادر الجبري المملكة، بقي اثنان من أبنائه الثمانية هناك، وبدأت السلطات السعودية في فرض قيود عليهما للضغط على والدهم للعودة.

كان عمر (21 عاماً) وسارة (20 عاماً) يخططان للدراسة في الولايات المتحدة، ولكن في غضون ساعات من تسلم الأمير محمد بن سلمان منصب ولي العهد، علم الشقيقان أنهما ممنوعان من مغادرة المملكة. وفي وقت لاحق، تم تجميد حساباتهما المصرفية واستُدعيا للاستجواب، حيث طُلب منهما تشجيع والدهم على العودة إلى البلاد.

في 16 آذار/الماضي، حضرت قوات الأمن إلى منزل الجبري في الرياض عند الفجر وأوقفت سارة وعمر،  كما قامت الأسبوع الماضي باعتقال شقيق الجبري، عبد الرحمن الجبري، أستاذ الهندسة الكهربائية الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة، وهو في الستينيات من العمر.

أصبحت الأسرة قلقة بشكل متزايد مع غياب أية اخبار عن الموقوفين منذ أسابيع، فقررت – بجانب كسر الصمت من خلال إجراء مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” –  تكليف شركة علاقات عامة في واشنطن للضغط من أجل إطلاق سراحهم.

وقال الجبري الابن: “إنهم رهائن والفدية هي عودة والدي”.

Print Friendly, PDF & Email
Avatar

Download WordPress Themes
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
Download WordPress Themes Free
free download udemy course
إقرأ على موقع 180  رياح الحرب "تهبُ" من تل أبيب.. أي مشهد إستراتيجي يرتسم؟