منذ إرتكاب جريمة كفتون ليل الجمعة ـ السبت الفائت، تعمل الأجهزة الأمنية اللبنانية على جمع الأدلة والخيوط، وذلك من أجل إلقاء القبض على المجرمين ومعرفة الأسباب الكامنة وراء الجريمة، وأهدافها وتوقيتها، بما يساهم في وقف الاجتهادات والسيناريوهات التي تتحدث عن إستهداف سياسي هنا أو القيام بعمل إرهابي هناك.
ولم تفض المداهمات التي قامت بها شعبة المعلومات في قوى الأمن الداخلي، حتى الآن، سوى عن توقيف شخص واحد هو الفلسطيني (إ. ش.) من سكان مخيم البداوي، وذلك بالتعاون مع القوة الأمنية المشتركة بعد إشتباك حصل مع المطلوب ليل السبت ـ الأحد الماضي.
ولم تثمر العملية الأمنية الخاطفة التي قامت بها شعبة المعلومات في بلدة خربة داوود في عكار عن توقيف السوري المشتبه به (ي. خ.) الملقب بـ”أبو وضاح”، بعدما تمكن من الفرار من منزله قبل وصول عناصر الدورية الذين قاموا بتفجير جدار خلفي للدخول منه الى المنزل خشية أن يكون الشخص المطلوب قد قام بتفخيخ الباب الرئيسي للنيل من العناصر الأمنية، خصوصاً أنه كان موقوفاً سابقاً بتهم الارهاب، ما دفع القوة المداهمة، ومن بعدها مخابرات الجيش، الى القيام بسلسلة مداهمات في مخيمات للنازحين السوريين في منطقة عكار بحثاً عنه وعن مشتبه بهم آخرين.
وفي انتظار ما ستسفر عنه التحريات والمداهمات في الساعات المقبلة، تستبعد مصادر أمنية مطلعة أن تكون المجموعة التي نفذت الجريمة بحق أبناء كفتون تنوي القيام بعمل إرهابي في تلك الليلة، وتحديداً إغتيال النائب الكتائبي نديم الجميل (إستقال مؤخراً من منصبه في البرلمان اللبناني) الذي كان في حفل عشاء في كفرحاتا على مسافة كيلومترات قليلة من كفتون.
وتشير هذه المصادر الى أن من يريد القيام بعملية إغتيال من هذا النوع أو بأي عمل إرهابي، لا يستخدم سيارة بزجاج عادي (غير داكن)، قديمة الصنع لا تساعده على الهرب أو على السير بسرعة معينة على طول تلك الطرقات الجبلية المتعرجة، كما لا ينزع لوحات السيارة ويبقيها في صندوقها الخلفي، حيث تم التعرف بشكل فوري على كل من إشتراها وإستخدمها وكان آخرهم المدعو (خ. ت.) المتواري عن الأنظار والمتهم سابقاً بقضايا إرهاب، والذي ترجح الأجهزة الأمنية تورطه في العملية، علما أنه تم التوصل إلى خيوط أولية يمكن أن تقود في الساعات المقبلة إلى المكان الذي يختبىء إليه.
تستبعد مصادر أمنية مطلعة أن تكون المجموعة التي نفذت الجريمة بحق أبناء كفتون تنوي القيام بعمل إرهابي في تلك الليلة، وتحديداً إغتيال النائب الكتائبي نديم الجميل
وترجح المصادر الأمنية أن ما حصل في بلدة كفتون قد يكشف اللثام عن شبكة إرهابية بخلايا متفرقة يديرها رأس مدبر، وأن الجريمة نفذتها إحدى الخلايا أو المجموعات التي كان هدفها السرقة لجمع المال وإستخدامه في أعمال إرهابية معينة، حيث تعمل هذه المجموعات على سرقة الأسلاك الكهربائية او السيارات أو الدخول الى بعض المنازل والفيلات الفخمة غير المأهولة، لسرقة ما خف حمله وغلا ثمنه، وذلك على غرار ما كان يفعله المنتمون الى فتح الاسلام عند إنطلاقة تنظيمهم في العام 2008 حيث كانوا ينفذون سرقات عدة لتمويل عملياتهم ومنها دخولهم عنوة الى أحد المصارف للحصول على مبالغ مالية كانت إحدى الجهات السياسية اللبنانية تدفعها لهم عندما كانوا في مدينة صيدا ثم توقفت بعد إنتقالهم الى مخيم البارد في شمال لبنان.
كما تلفت هذه المصادر الإنتباه الى أن ثلاث سيارات كانت تجول في منطقة القويطع (في الكورة) في تلك الليلة، يرجح أن من فيها ينتمون الى شبكة إرهابية واحدة، وأن سائق سيارة “الهوندا” إرتبك عندما شعر أن عناصر من شرطة بلدية كفتون يلاحقونه بعد توقيفه للمرة الأولى، وزاد إرتباكه عند توقيفه للمرة الثانية والطلب من ركاب السيارة إبراز هوياتهم والترجل من السيارة، فما كان إلا أن ترجل وفتح النار باتجاههم، حيث تؤكد المعلومات أن شخصا واحدا أطلق النار على أبناء كفتون الثلاثة الذين نعاهم وشيّعهم الحزب السوري القومي الإجتماعي وأبناء كفتون والجوار.
وتضيف المصادر نفسها أن سيارة “الهوندا” لم تسعف ركابها في الهرب من البلدة، فسارعوا الى ركنها أمام مفرق البلدية، ثم سلكوا طريق الأحراج وأجروا إتصالا بمجموعة أخرى كانت تجول على متن سيارة في إحدى البلدات القريبة بهدف السرقة أيضا، حيث تلاقوا في مكان قريب وغادروا المنطقة التي لم تصلها القوى الأمنية إلا بعد نحو ساعتين من إرتكاب الجريمة.
وتؤكد هذه المصادر أن هويات مرتكبي جريمة كفتون باتت معروفة لدى الأجهزة الأمنية، وأن التحقيقات الجارية مع الفلسطيني (إ. ش.) من شأنها أن تقدم مزيدا من المعلومات حول المتورطين من أعضاء الشبكة الذين من المفترض أن تتم ملاحقتهم على غرار الشبكات التي جرى تفكيكها في أوقات سابقة.
(*) ينشر بالتزامن مع موقع “سفير الشمال”