مع كل انتخابات رئاسية اميركية، يهرول عدد اضافي من الدول التي لم تقاتل، ولا يسمح لها عدد سكانها بأن يكون لها جيش من ابنائها، فتلجأ إلى المرتزقة من فقراء العرب لتنشئ جيوشاً لا تقاتل العدو الحقيقي للامة (اسرائيل) ولا تواجه الامبريالية (الولايات المتحدة الاميركية، اساسا، بوصفها راعية العدو الاسرائيلي).. بل انها تستخدم هذه “الجيوش” في استعمار دول اشقائها العرب (الامارات في سعيها لاحتلال اليمن) وقطر (في مناصرتها وتمويلها السلطان التركي رجب طيب اردوغان في غزو ليبيا واحتلاله شمالي سوريا وبعض شرقها..)
***
صارت “جامعة الدول العربية” مجرد دائرة تصديق الانحرافات والتيه، ولم يعد لها دور ولا لأهلها بقيادة أحمد أبو الغيط اية وظيفة أو مهمة تتصل بنضال الامة وسعيها لتحقيق اهدافها في التحرر والاستقلال والوحدة. الامين العام كبير الموظفين، مرتبه ادسم وتعويضاته مجزية أما العمل فيختصر بكلمتين: استقبل وودع.. بل ان مهمته الرسمية تتحول في حالات عديدة، إلى دائرة التصديق على اتفاقات العار والتنازلات الكارثية والركض إلى الصلح مع العدو الاسرائيلي، وبشروطه، استرضاء للإمبراطور الاميركي المهيمن، كائنا ما كان اسمه، ترامب او كيندي او جونسون او بوش الاب او حتى بوش الابن.. فكل منهم قد نال التنازل من الرئيس او الملك او الشيخ او الامير العربي، نصراً مذهباً، وتم تقديمه مجانا للعدو الاسرائيلي.
المهم أن اسرائيل لم تعد – رسميا-! دولة معادية لمائتي مليون عربي ينتشرون على الارض بين مضيق جبل طارق (حيث قفز العرب بقيادة طارق بن زياد لإنشاء عاصمة عربية اضافية في الاندلس تتابع ما باشرت به الشام وتابعته بغداد وأكملته القاهرة الفاطمية وتوجهات صلاح الدين الايوبي في معركة حطين وتحرير القدس تمهيداً لخروج الصليبيين من ارض العرب) وبين الخليج العربي.
لكن اطفال العرب، واليافعين، والشباب والكهول والعجائز، بطبيعة الحال، يستذكرون، بالتأكيد شهداءهم الذين قضوا في نصرة فلسطين او في المحاولات التي بذلها جنود مصر وسوريا ومجاهدو فلسطين قبل عبد القادر الحسيني وبعده وعلى امتداد السنين من ثورة 1936، إلى حرب 1948 التي وقف العالم (الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة فضلاً عن بريطانيا وفرنسا) إلى جانب اسرائيل، ولم يجد المقاتلون العرب من مصر وسوريا – ولبنان والاردن إلى حد ما – من يساندهم ويدعم نضالهم للصمود في ارضهم المحتلة، فلسطين، ومن حولها مصر ولبنان وسوريا والاردن وأهالي المناطق التي لم تحتلها قوات العدو الاسرائيلي في البداية، وان هي احتلتها في ما بعد.
سنتجاوز معاهدة الصلح التي عقدها انور السادات، وقبلها ذهابه بعد حرب تشرين/أكتوبر 1973 إلى الارض المحتلة في فلسطين ووقوفه امام الكنيست وخطب ود قيادات الكيان الاسرائيلي التي أوحت وكأن عهد الصراع العربي الاسرائيلي قد انتهى وانفتحت الآفاق امام “السلام الاسرائيلي”.. وعلى العرب السلام.
***
لن نغرق في الماضي وان كان ضرورياً أن نستذكر الشهداء العرب على مختلف الجبهات، مع الوقوف مطولاً مع التضحيات الغوالي التي بذلها شعب لبنان وشهداء المقاومة الباسلة بعنوان “حزب الله” وسائر الفصائل المقاتلة من الحزب الشيوعي اللبناني وحزب البعث العربي الاشتراكي وحركة القوميين العرب بقيادة المناضل الراحل الدكتور جورج حبش (بغير أن ننسى الشهيد الكاتب والروائي المبدع غسان كنفاني.. وآلاف الشهداء الذين بذلوا دماءهم رخيصة من اجل التحرير).
ومن الضروري أن نتوقف ملياً امام “حزب الله” والمجاهدين الابرار الذين قضوا من اجل الارض التي احتلها العدو الاسرائيلي إبان حربه ضد المجاهدين على امتداد فترة اجتياحه الأول في العام 1978 وإجتياحه الثاني بين 5-6 حزيران/يونيو 1982، و25 ايار/مايو العام 2000 تاريخ انسحابه من جنوب لبنان، ثم تصديه لهذا العدو خلال حربه على لبنان بين 12 تموز/يوليو و14 آب/اغسطس 2006، والتي انتهت بدحر العدو وتكبيده خسائر فادحة، قبل أن يتوقف القتال وتتدخل الامم المتحدة لترسم الخط الأزرق.. تثبيتاً او تجديدا للهدنة بين لبنان والعدو الاسرائيلي.
***
اسرائيل هي عدو العرب جميعاً، في اقطارهم جميعاً، من المغرب، موريتانيا، المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، مصر، الى فلسطين، لبنان، سوريا، العراق، المملكة العربية السعودية واليمن.. وكذلك من صالح – مخطئاً او مضللاً او تحت ضغط الحرص على العرش- قطر، ثم الامارات والبحرين، وسلطنة عمان التي استقبل سلطانها الراحل قابوس رئيس حكومة العدو الاسرائيلي.. مع انه لم يحارب فعلاً، ولا قيمة لصلحه واستضافته نتنياهو.. والشعب هو من يتولى الحساب، اولاً واخيراً.
***
لقد قاتلت المنظمات الصهيونية مدعومة بالاحتلال البريطاني فلسطين (لنزعة استعمارية عبَر عنها اللورد بلفور)..
ثم قامت “دولة اسرائيل” على ارض فلسطين، وكانت الولايات المتحدة الاميركية والاتحاد السوفياتي أول من اعترف بها.
وخاضت الدول العربية، بالاضطرار ومن دون استعداد كاف، مواجهات شرسة مع عصابات الهاغاناه وشتيرن ثم مع جيش الاحتلال الإسرائيلي.
ولن ينسى العرب عموما فلسطين، ولن يتخلوا عن ارضها المقدسة، ولسوف يبقى كل مجاهد عربي مع الدعوة لتحرير فلسطين لكي يستطيع اطفالنا وأجيالنا الآتية أن يقولوا: لقد هزمنا المحتل برغم قوى الدعم الدولي الهائل وعادت فلسطين عربية وعاد أهلها اليها ولو بعد حين.
(*) ينشر بالتزامن مع جريدة “الشروق” المصرية