يُتابع "الفتى" (طلال سلمان) سرد وقائع من تجربته المهنية في مجلة "الحوادث"، برفقة أسماء لمعت في فضاء الصحافة اللبنانية والعربية مثل سليم اللوزي وشفيق الحوت ومنح الصلح ونيازي جلول ونبيل خوري ووجيه رضوان إلخ..
يُتابع "الفتى" (طلال سلمان) سرد وقائع من تجربته المهنية في مجلة "الحوادث"، برفقة أسماء لمعت في فضاء الصحافة اللبنانية والعربية مثل سليم اللوزي وشفيق الحوت ومنح الصلح ونيازي جلول ونبيل خوري ووجيه رضوان إلخ..
حين جاءه الساعي إبراهيم الحلبي ليبلغه أن «الأستاذ» يريده ارتبك الفتى وداخله خوف عظيم، والتفت إلى شريكه في الغرفة وجيه رضوان فابتسم وهو يشير له ان تماسك وارفع رأسك... لكنه كان غارقاً في تساؤلات القلق: هل أخطأ في تصرف؟ هل قصر في التصحيح؟ هل تكشف خطأ فادح في الصفحات، في العناوين أو في الأسماء أو في النصوص؟
في الحلقة السابقة، أوضحت كيف أن رئيس تحرير "الحوادث" سليم اللوزي، وعلى غير ما كنت أتوقع، إتصل بوالدي الدركي وطلب مني الإنضمام إلى أسرة المجلة البيروتية العريقة.
بمصادفة قدرية، دخل الفتى عالم الصحافة فعلاً... وهكذا انتقل من عمله الهامشي كمخبر حوادث في صحيفة ظهرية، يوفر له الحد الأدنى من أسباب العيش في بيروت، إلى «محرر تحت التمرين» في مجلة فنية سيكون لها شأن في مسيرة الصحافة في لبنان، وستكون مدخله إلى مهنة لحياته. كان والده الرقيب الأول في الدرك قد نقل، بغير طلب وخلافاً لرغبته، من رئيس مخفر لبلدة جميلة ووادعة، هي المتين، إلى سجن مستشفى الكرنتينا ليكون رئيساً لمخفر مهمته «رعاية» قلة من سجناء الدرجة الأولى.
حين أُدخلت إلى المكتب الواسع كنت أتعثر برهبتي وقد تاهت مني الكلمات، فهمهمت بتحية لم يسمعها، وتلبثت واقفاً أمامه، خائفاً من أن يضبطني أحدق في صلعته اللامعة، وان كان نظري قد حوم في أرجاء الغرفة فألتقط بعض التفاصيل وأبرزها سلة للمهملات تنفرد بالزاوية البعيدة عن المكتب ذي التاريخ.
ليست هذه الصفحات سيرة حياة، وإن كانت بعضها. كذلك، هي لا تطمح لأن تكون تأريخاً للصحافة في لبنان، وإن كانت تصبّ في سياقها العام. إنها بعضٌ من حكاية فتى لم يكن يملك أن يختار قدره، لكنه استطاع أن يصمد في امتحان الجدارة. هي خطوات على الطريق إلى الصحافة التي تكون شهادة للوطن بقدر ما تكون شهادة على نظامه الفاسد المُفسد.
ليست هذه الصفحات سيرة حياة، وإن كانت بعضها. كذلك، هي لا تطمح لأن تكون تأريخاً للصحافة في لبنان، وإن كانت تصبّ في سياقها العام. إنها بعضٌ من حكاية فتى لم يكن يملك أن يختار قدره، لكنه استطاع أن يصمد في امتحان الجدارة. هي خطوات على الطريق إلى الصحافة التي تكون شهادة للوطن بقدر ما تكون شهادة على نظامه الفاسد المُفسد.
لا الزمان هو الزمان، ولا المكان هو المكان، ولا المناخ المحيط هو المناخ ، لكن السيد هو السيد: بوسامته المشرقة من تحت العمّة السوداء واللحية الكثة التي تزايد الشيب فيها؛ بتواضعه الذي أضاف إليه النصر وإن تكثفت معه المرارة التي لا تفتأ تدرها المحاولات الخبيثة لإنكاره، أصلاً، أو لتزوير دلالاته ليغدو سبباً للفرقة بدلا من أن يكون رافعة للوحدة والاعتزاز بالإنجاز التاريخي لهذا الوطن الصغير الذي كاد يصير الأكبر في عيون أهله العرب، والأخطر في عيون عدوه ومن معه.
ومع أول يوم من ربيع العام 1974 وصلتنا النجدة التي أنقذتنا من حيرتنا وترددنا الذي استطال أكثر مما يجب في اختيار رمز “السفير”.
من حظنا، أبناء جيلي وأنا، اننا عشنا، مرة، في ظلال الضمير، وتقدمنا خطوة ـ خارج النظام، في اتجاه بناء الدولة..