أنتوني بلينكن.. العائد إلى “أرض مألوفة”
BEIRUT, LEBANON - APRIL 06: United States Deputy Secretary of State Antony Blinken (L) meets with Lebanese Prime Minister Tammam Salam (R) in Beirut capital of Lebanon on April 06, 2015. (Photo by Ratib Al Safadi/Anadolu Agency/Getty Images)

أول تعيين في حكومة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن هو إلى منصب وزير الخارجية. فقد سربت مصادر مقربة من الإدارة المقبلة أنها ستعيّن أنتوني جون بلينكن (58 سنة) لهذا المنصب، فمن هو بلينكن؟

مواليد 16 نيسان/أبريل في نيويورك. والداه اليهوديان هما جوديث ودونالد إم بلينكن. التحق بمدرسة دالتون في نيويورك حتى العام 1971، لينتقل بعدها إلى العاصمة الفرنسية باريس مع والدته المطلقة وزوجها الجديد صموئيل بيسار (من الناجين من المحرقة). في باريس، أكمل درسه في مدرسة جينين مانويل، وصار يتقن الفرنسية كما الإنكليزية، كما تعلم العزف على الجيتار ولعبة كرة القدم. أعطته تجربة فرنسا فرصة محاولة صناعة الأفلام وخوض غمار الفن والأغاني، حسب صحيفة “الغارديان”. زوجته هي الأميركية إيفن راين ولهما ولدان. خريج كلية الحقوق في جامعة “كولومبيا” وتخرج قبلها من جامعة هارفرد، حيث تميزت تجربته الطلابية بتسلمه مسؤولية النشرة الطلابية اليومية، ومارس لاحقاً مهنة الصحافة في مجلة “ذا نيو ريبابلك”.

يتحدر من أب ديبلوماسي، إذ أن والده كان سفيراً للولايات المتحدة في هنغاريا كما أن عمّه خدم سفيراً في بلجيكا. عُيّنَ نائباً ثانيا لوزير الخارجية الأميركي جون كيري بين عامي 2015 و2017، وكان نائباً ثانيا في مجلس الأمن القومي الأميركي.

كان أحد مستشاري جو بايدن الرئيسيين في مجال السياسة الخارجية، وتقول صحيفة “الفايننشال تايمز” الإنكليزية إن بلينكن كان لاعباً ثابتاً على مدى ثلاثة عقود في دوائر السياسة الخارجية للحزب الديموقراطي، وأنه عمل للمرة الأولى مع بايدن في مجلس الشيوخ، وبالتالي “سيعود بعد توليه منصب وزير الخارجية إلى “أرض مألوفة”، فهو كان كاتب خطابات سابق للرئيس بيل كلينتون (سلّمه ملفا كوسوفو والبوسنة)، ومستشار الأمن القومي لجو بايدن عندما كان نائباً للرئيس باراك أوباما، قبل أن يصبح نائباً لمستشار الأمن القومي لأوباما، ونائباً لوزير الخارجية (جو كيري)”، في آخر سنتين من عهد أوباما.

أنتوني بلينكن هو عنوان يجسد الإستمرارية بين ما كان يريده أوباما وما يريده بايدن على صعيد السياسة الخارجية. قال جو بايدن في مقابلة مع الصحافي الأميركي المخضرم فريد زكريا، في منتصف تشرين الأول/أكتوبر الماضي:”عندما لا نكون منخرطين وعندما لا نقود فإن ما يحدث هو أمر من اثنين: إما أن دولاً أخرى (صاعدة) تبدأ بمحاولة أخذ مكاننا، وعلى الأغلب ليس بصورة تناسب مصالحنا وقيمنا، وإما أن تكون هناك فجوة تخلق فوضى وأموراً سيئة”.

حسب المسؤول السابق في إدارة أوباما فيليب غوردون، “ربما يتخذ بلينكن موقفاً أكثر صرامة في حقوق الإنسان من أوباما”. مضيفاً أن “من الواضح أن توني سيكون أكثر صرامة تجاه روسيا وأكثر تقبلاً لفكرة المنافسة الأيديولوجية مع الصين”

بلينكن من دعاة إستمرارية القيادة الأميركية للعالم، لكن ليس المطلوب مخاطبة هذا العالم كما كان في العام 2009 أو 2017 عندما خرج الديموقراطيون من البيت الأبيض وحل محلهم دونالد ترامب بكل ما أحدثه من فوضى عارمة، ولا سيما إقصاء وزارة الخارجية عن الملفات الدولية لمصلحة تقدم أدوار مؤسسات عسكرية وأمنية وسياسية أخرى. لذلك، من المقدر أن تشهد وزارة الخارجية الأميركية ورشة تعيينات كبيرة جداً في مطلع ولاية بايدن.

الأولوية عند بلينكن، بعد موافقة مجلس الشيوخ على تعيينه، هي لإدارة وتنفيذ خطط جو بايدن لإعادة دمج الولايات المتحدة في اتفاقية باريس حول التغير المناخي؛ الاتفاق النووي الإيراني؛ منظمة الصحة العالمية؛ تقريب الولايات المتحدة من أوروبا حليفها الدولي الرقم واحد. ويقول بلينكن إنه على الولايات المتحدة أن تعترف بالقارة العجوز حليفاً “تلجأ إليه ملاذاً أول، وليس أخيراً، عندما يتعلق الأمر بمواجهة التحديات” حسب تصريحات سابقة له.

لن يكون بايدن سهلاً في تعامله مع الصين التى تتوسع على مدى القوس الأسيوي أولاً والعالمي ثانياً. هذا يعني أن الصين ستكون في سلم الأولويات في سياسة بايدن الخارجية. وحسب “نيويورك تايمز”، فإن بلينكن سيحاول تغيير دينامييات منافسة الولايات المتحدة مع الصين، عبر تعزيز المبادرات متعددة الأطراف في التجارة، والاستثمار في التكنولوجيا، وحقوق الإنسان بدل الضغط على الدول للاختيار بين البلدين، أي الإحتواء بدل المواجهة، علماً أن بلينكن هو صاحب نظرية إنشاء تحالفات دولية لتحقيق سياسة خارجية للولايات المتحدة تكون فيها القيادة لها ليس عبر القوة فقط وإنما ممن خلال ما يسميها “اليد العليا أخلاقياً”، أي القدرة الأخلاقية.

وقال رئيس مجموعة الأزمات الدولية روبرت مالي، إن للمخضرم بلينكن، القوة والخلفية المثالية لاستعادة المصداقية الأميركية.

وحسب المسؤول السابق في إدارة أوباما فيليب غوردون، “ربما يتخذ بلينكن موقفاً أكثر صرامة في حقوق الإنسان من أوباما”. مضيفاً أن “من الواضح أن توني سيكون أكثر صرامة تجاه روسيا وأكثر تقبلاً لفكرة المنافسة الأيديولوجية مع الصين”.

ثمة تقديرات بأن لا يحتل الشرق الأوسط موقعاً متقدما في سياسات الإدارة الديموقراطية الجديدة. بايدن، كما كل الإدارات الديموقراطية المتعاقبة، سيكون أكثر إلتزاماً بأمن إسرائيل. لا يمنع ذلك من إستعادة بعض مواقف بلينكن، فعندما كان يخدم في إدارة أوباما، كان من دعاة تقسيم العراق الى ثلاثة أقاليم مذهبية، وهو موقف بايدن نفسه أيضاً. عارض بلينكن، في عهد أوباما، قرار عدم التدخل العسكري في سوريا وقال، وقتذاك، لشبكة “سي بي إس نيوز”: “لقد فشلنا في منع وقوع خسائر مروعة في الأرواح. لقد فشلنا في منع النزوح الجماعي، وهو شيء سآخذه معي لبقية أيام حياتي”.  كما وقع خطابا مفتوحا مع مسؤولين سابقين في إدارة أوباما في 2018، قالوا فيه إن الدعم الذي قدموه للحرب السعودية في اليمن لم ينجح في الحد من الحرب أو إنهائها وتحول إلى شيك على بياض من قبل إدارة ترامب لاحقا، ومن المتوقع أن يكون جزءا من الداعين إلى التوقف عن دعم السعودية في حرب اليمن.

إقرأ على موقع 180  حين يخوض "ثوّار لبنان" حروب إلغائهم!

قاد بلينكن جهودا للتواصل مع الجناح اليساري في الحزب الديموقراطي، مما أدى إلى تقليص الخلافات في وجهات النظر، على الأقل، بشأن التعامل مع السعودية، على سبيل المثال، تقول “الغارديان”، ولذلك، سارع مات داس، كبير مستشاري السياسة الخارجية لبيرني ساندرز، إلى الترحيب بالأنباء التي تحدثت عن ترشيح بلينكن على رأس الديبلوماسية الأميركية، وقال “هذا اختيار جيد. توني يتمتع بثقة كبيرة من الرئيس المنتخب، كما بالمعرفة والخبرة للعمل المهم لإعادة بناء الديبلوماسية الأميركية”. (المصادر: موسوعة المعرفة، فايننشال تايمز، الغارديان، سي إن إن).

Print Friendly, PDF & Email
Free Download WordPress Themes
Download WordPress Themes Free
Download WordPress Themes
Premium WordPress Themes Download
free online course
إقرأ على موقع 180  مصر وإيران.. متى يُقرَع جرسُ التطبيع؟