السيد محمد حسن الأمين الجنوبي بامتياز كان صيداوياً بامتياز. لم يتوان عن المشاركة في كل هموم عاصمة الجنوب، ولم يشعر أحدٌ من أهلها انه ليس من صميمها. لقد أطلق ـ ولا أقول شارك فقط ـ العديد من النشاطات الثقافية والوطنية، وعقد وشارك في المنتديات الأدبية والسياسية في وقت لم تكن هذه المنتديات على سلم الاولويات. أذكر في هذا المجال حضوره أمسية شعرية للشاعر سعيد عقل في صيدا، وأذكر تلك المداخلة المحببة التي كانت له، واللقاء الآخر الذي جمعه مع الشاعر ادونيس في محاضرة للأخير في صور والحوار الهادف والممتع والمميز الذي دار بينهما.
السيد محمد حسن الأمين هو مثال عالم الدين ولا أقول رجل الدين، لأنه لا يستسيغ الصفة الثانية، ويميز بين العالم والرجل، فالدين له علماؤه الذين يجنّبونه أية مسالك ومنزلقات لا تخدم جوهر الدين. لقد كان له الفضل في إحياء مقولة شيخ الأزهر في عشرينيات القرن الماضي، الشيخ علي عبد الرازق في العلاقة بين الاسلام والدولة. الإسلام ليس ديناً ودولة، كما يشاع، بل هو دين وشريعة. وهذه المقولة هي التي تفتح الأبواب امام العلمنة أو الدولة المدنية.
وأخيراً، أتوقف عند تلك الليلة العاصفة في شتاء العام 1983 حين أقدم الجيش الاسرائيلي، وكان يحتل صيدا حينها، على اقتحام منزله في المدينة واقتياده بالقوة الى معبر باتر (بين جزين والشوف) ونفيه الى خارج الجنوب مع قرار بمنعه من العودة إليه. فعلياً، لم يحتمل الاحتلال بقاءه في صيدا. لقد بقي خارج الجنوب الى ان تحرر بفضل المقاومة التي كان من اوائل الداعين اليها، والمحرضين على الجهاد في سبيلها، والحريصين على صيانتها من أي محاولة لتطييفها أو مذهبتها.
رحمات الله عليك يا سيدنا، ولتكن مسيرتك نبراساً للأجيال القادمة.