ما سأكتبه هو كلمات. كنت أُفضل اللعنات. من يستحقونها، خونة الحرية والعدالة والانسانية. حوَّلوا العالم إلى تلاوات شهادة الزور. “إسرائيل أولاً.. وأخيراً”. لا مكان للقيم في هذا العالم الجهنمي. فلنقفل افواه “السادة الأنيقين جداً”. تعاملوا معهم كأعداء فقط. من يشاهد فظاعات الإرتكابات “الإسرائيلية”، ومن يبرر للعدو قرصنته، ومن يبارك عدوانه، ومن “يؤمن” بحق الاحتلال أن يستكمل احتلاله، ومن لم ير بعد أكثر من نصف قرن الجريمة المستدامة بحق كل فلسطين.. من يرتكب كل هذا الفجور الاستثنائي، اذ لا شبيه له، يلزم تجريده من ثيابه الاخلاقية الفاخرة، وتعريته بالكامل، ليبدو بصورة الجلاد الخائب.
ما سأكتبه كلمات. فقط كي نقرأ النهايات: الاحتلال إلى زوال. إن لم يكن الآن، فبعد كل أوان. ذاقت “اسرائيل” غصة التحول إلى ملجأ خائف. أصوات، على قلتها، بليغة. تقرأ إقتراب النهاية. نبوءة هؤلاء الصهاينة المتأخرة تقول: “هذه البلاد ليست لنا”. إنها فاتحة النص. لا أمان بعد اليوم للإستيطان. قد يحصل إتفاق لوقف القتال. لكن، لن تحصل القناعة، بأنهم في أمان. عرفوا أن الشهيد الفلسطيني أقوى منهم.. وهذه نصف المعركة.
ما سأكتبه، سيبدو باهتاً ومقصراً. بلاغة اللغة تتقزم إزاء عبقرية الانجاز. من كان يصدق أن “اسرائيل”، بلا سماء وعافية. من عاداتها، أن تسحق اعداءها في ايام، وأحيانا في ساعات. حولّت اسلحة العرب إلى مقابر. هذه المرة، ازدهرت اقامة الصهاينة في الملاجئ. يد المقاومة تصل إلى حيث تشاء. غزة الصغيرة جداً، تناصب العدو بصليات، لا تهدأ. غزة تعاني ولا تخسر. العدو بدأ يعتاد على أنه دولة عادية. كل قواتها خائرة، امام صلابة السلاح والدم. انها تتفوق فقط في قتل الابرياء، متكئة على ضمير عالمي قذر، لا يستحق إلا الاحتقار. انه مع المجرم والجريمة، وضد الضحية والدم.. وليس هذا امراً جديداً. الغرب مدرسة في النفاق الإنساني.
أيها الغرب الجبان، “الهولوكوست “من اختراعك وجرائمك. لقد تعاونت حكومات غربية تحت الاحتلال النازي، مع هتلر، في تسيير قوافل اليهود إلى المحرقة، فيما كانوا في بلادنا، مثلنا.. أيها الحقيرون المشوهون، لقد حولتم ضحاياكم إلى وحوش مفترسة، وصرنا نحن ضحاياهم وضحاياكم
ما سأكتبه مهين جداً. لا اعرف السباب والشتائم، ثم، هو لغة الاراذل. انما، كيف لا الجأ إلى السباب المقدس، عندما يطلق على “الاشقاء” العرب؟ يا للعار. وهذا ليس جديداً. من يعتقل “شعبه”، ويرهب ناسه، ويغتصب ارضه، ويبيع عرضه، لا يستحق الإهانة بالكلمات. هو مهان، وصمت شعبه دليل قمعه واستبداده. هؤلاء، لا يعوَّل عليهم. انهم، وعلناً، يقولون لنتنياهو: “أخي العزيز”. خلص. أسقطوا هؤلاء من قاموس الإنتماء. إنهم عباقرة الغصب والإغتصاب. والوقوف على الاعتاب الممتدة، من عواصم الغرب إلى “تل ابيب”. سحقا لهم. بدأنا نتلمس طريق نهاياتهم.
آخذ فسحة كي اختلي مع الدمع. لعيني دين عليّ. دموعي السرية، أغزر من العلنية. اسهر مع غزة ليلاً ونهاراً. امارس الانتماء إلى الاحزان النبيلة، إلى الشهادات المثخنة بالجراح. الثمن باهظ جداً، وظالم جداً. وأفدحه أن يتفرج العالم المتحضر بعيون مغمضة وقلوب كلسية وعقول برتبة أُجراء ومتسولين. من حقنا العلني أن نحزن كثيراً، وان نغضب أكثر. فالدم الفلسطيني عندنا، أغلى من كل ما اعتدنا عليه.
أما بعد؛
تاريخ جديد تم افتتاحه الآن. “اسرائيل” لم تعد الأقوى، برغم جبروتها العسكري وتفوقها التقني ودعمها المجاني، من لصوص الغرب وزبانية العرب.. “اسرائيل”، صارت دولة عادية جداً، ومعطوبة من داخلها. عنصريتها المعلنة والفاجرة، فجَّرت “عرب الأصل”، عرب فلسطين المغتصبة. لم يحدث هذا من قبل. لأول مرة، هبت فلسطين العميقة. استفاقت. قررت ألا تُذل. أظهرت للعالم الذي يرى بعينيه وقلبه، أن “اسرائيل” تمارس التمييز العنصري بتفوق وصلافة. فلسطين التفت كلها فوق ترابها وسمائها. لا فرق بين غزة والضفة والقدس وارض الـ 48، الأم الاصلية للإنتماء.. هذا فاجأ “اسرائيل”. ستأتيك الضربات من كل الجهات. اطمئنوا يا عرب الردة. حليفتكم مصابة بوجهها وصدرها وظهرها. وفلسطينيو فلسطين المحتلة، فاجأوا الجميع. مليونان، او اقل قليلاً، يضافون إلى قافلة المواجهة. والعدو يحس الآن، أن الفلسطيني، امامه وخلفه وجنبه. أي من كل الجهات. ويسأل كثيرون من “الاسرائيليين”: اين ملجأنا القادم؟ هل سمعت أيها الغرب الذي طارد وطرد اليهود في بلاده، وقادهم إلى بلادنا ليتخلصوا منهم. لسنا نحن من ابتدع “الهولوكوست”. أيها الغرب الجبان، “الهولوكوست “من اختراعك وجرائمك. لقد تعاونت حكومات غربية تحت الاحتلال النازي، مع هتلر، في تسيير قوافل اليهود إلى المحرقة، فيما كانوا في بلادنا، مثلنا.. أيها الحقيرون المشوهون، لقد حولتم ضحاياكم إلى وحوش مفترسة، وصرنا نحن ضحاياهم وضحاياكم.. لكن، إلى متى؟ تيقنوا، أن فجر حريتنا وانسانيتنا، يطل من خلف مواكب الشهداء الذين تساهمون في قتلهم.
أما بعد؛
قريباً يبدأ العد العكسي لإسرائيل. عسى أن يبدأ ايضاً، لأنظمة التعامل والتغافل.
غداً، ماذا نفعل؟ ليس صعباً أن نكتشف الطريق. هذا اوان الاقتداء، فلتكن فلسطين عاصمتنا.