ما بعد بوتين.. ثلاثة مرشحين

دعونا أولاً نتحدث عمن سنتجاهلهم عمداً، للحرص على عدم سرد أسماء ليس لديها التأييد الكافي لدخول الكرملين، مثل المعارض الأعلى أصواتاً ألكسي نفالني، أو مرشحين سابقين لم يحصلوا إلا على أقل من 12% بأقصى حد كما هي حالة مرشح الحزب الشيوعي بافل جرودينين الذي حلّ في المركز الثاني في انتخابات 2018. أو أن نطرح ثانية اسم الليبرالي العجوز فلاديمير زيرينوفسكي القومي التوجه أو نكون Faux feminists ونذكر لمجرد الذكر مرشحة المبادرة المدنية كيسنيا سوبشاك لمجرد كونها سيدة، برغم حصولها على أقل من 2% من الأصوات في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أو حتى لمجرد كونها ابنة السياسي الراحل أناتولي سوبشاك، أحد أبرز المشاركين في صياغة الدستور الروسي، أول عمدة منتخب لسان بطرسبرج، وأستاذ بوتين وديمتري ميدفيديف.

لن نقترح اسماً مدنياً من عالم الاقتصاد مثل ماكسيم أوريشكين الذي عُيّن في 2013 رئيساً لإدارة التخطيط الاستراتيجي طويل الأمد بوزارة المالية الروسية، ليتحول بعدها بسنتين إلى منصب نائب وزير المالية. وبعد ذلك بحوالي العام ونصف، عُيّن في منصب وزير التنمية الاقتصادية من تشرين الثاني/نوفمبر 2016 إلى كانون الثاني/يناير 2020. ثم عيّنه بوتين مستشاراً اقتصادياً له، يحتل مقعداً في المجلس الاستشاري الاقتصادي للرئيس الروسي، جالساً بجوار رئيسة البنك المركزي الروسي إلفيرا نابيولينا.

ولن نطرح اسماً تناولته تكهنات كثيرة وهو ألكسي ديومين، محافظ أوبلاست تولا الحالي، نائب وزير الدفاع السابق، وهو المنصب الذي عيّنه فيه بوتين بعد عام من ترقيته إلى منصب قائد قوات العمليات الخاصة التي كان على رأسها عند تنفيذ عملية ضم شبه جزيرة القرم للاتحاد الروسي في 2014.

ولن نضم لقائمة التكهنات مرشحاً مثل سيرجي ناريشكين، الذي كان ضمن قائمة أسماء رشحها بوتين (رئيس الوزراء حينها) للرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف، فتم تعيينه في منصب مدير المكتب التنفيذي للرئاسة. تحول بعدها إلى عضو بمجلس الدوما، وبعد عودة بوتين للرئاسة، أصبح رئيساً للمجلس، ثم عينه مديراً لوكالة المخابرات الخارجية الروسية.

دعونا نبقى داخل الأطر السياسية الواقعية، ولنضيق فتحات الفلتر السياسي، تماشياً مع زيادة حالة التمترس وتصاعد المواجهة مع الغرب.

لنطرح على جو بايدن ثلاثة بدائل هي الأقرب واقعياً للترشح والفوز برئاسة روسيا في عام 2024، بترتيب تصاعدي من الثالث إلى الأول:

3- سيرجي شويجو Sergei Shoigu

فقط أنظر إليه، وانظر للموقف الجيوسياسي!

مواليد: 1955

وزير الدفاع الروسي، رئيس مجلس وزراء الدفاع للكومنولث والدول المستقلة منذ عام 2012. زعيم حزب روسيا الموحدة United Russia منذ 2021، حزب بوتين وميدفيديف الذي يسيطر على أغلبية مطلقة في مجلس الدوما بـ 325 مقعداً من أصل 450 في الانتخابات البرلمانية الروسية عام 2021.

شويجو رجل عسكري قوي، بسيرة سياسية محكمة منحته بطاقة التكهن الثالثة في قائمة مستدقة الفلتر. عُيّن الرجل في منصب وزير الطوارىء منذ عهد بوريس يلتسين، وهي الوزارة التي بدأت تحت اسم “قوات الإنقاذ”، وتحولت بعد ثلاث سنوات إلى وزارة اسمها يكفي لوصف الخبرة التي جمعها هذا الرجل لمدة 21 عاماً، وهي “وزارة روسيا الاتحادية لشؤون الدفاع المدني والطوارئ والقضاء على عواقب الكوارث الطبيعية”. ظل شويجو على رأسها قبل أن يسلم الوزارة إلى خلفه فلاديمير بوتشكوف في 2012. لينطلق في تعيينات ذات أهمية استراتيجية عليا وصلت لمنصب وزير الدفاع في فترة من أكثر فترات روسيا الاتحادية توتراً. وهو التعيين الذي تم بترشيح من بوتين ذاته، عكس رغبة مجموعة بطرسبرج Petersburg Group.

خدم الرجل بلاده أيضاً قبل تعيينه وزيرا للدفاع، لمدة 6 أشهر في منصب محافظ أوبلاست موسكو. سياسي وعسكري روسي بخبرات ضخمة تؤهله لإدارة اتحاد فيدرالي مترامي الحدود كروسيا، كما أهّله منصبه كوزير للدفاع لإنضمام اسمه إلى قائمة المحظورين الذين شملتهم العقوبات الأمريكية منذ اليوم التالي لبدء تنفيذ العمليات العسكرية الروسية بأوكرانيا في 25 شباط/فبراير 2022..

2- ديميتري ميدفيديف Dmitry Medvedev

أشهر محلل في تاريخ القرن الحادي والعشرين!

مواليد: 1965

الرئيس الروسي السابق، الذي انتخب عام 2008 بنسبة 71% من الأصوات، متفوقاً بمسافة مريحة على وجه شيوعي شهير من زمن فات وهو جينادي زيوجانوف الذي حصل على 18% من الأصوات. ولكن من الجدير بالذكر أن الحزب الشيوعي لا يزال حاضراً بحجزه 57 مقعدا بمجلس الدوما الحالي، كثاني أكبر كتلة بالبرلمان الروسي.

رجل بخلفية أكاديمية قانونية، صقل مهاراته الخطابية في المناظرات التي تميز فيها بعرض رؤاه بحسم ودبلوماسية مهذبة في ذات الوقت. محب للرياضة كبوتين، وعاشق لموسيقى الروك.

بدأ حياته السياسية في أواخر ثمانينيات القرن العشرين، بانضمامه لفريق إدارة الحملة الانتخابية لأستاذه الجامعي أناتولي سوبشاك للترشح ثانية لعضوية مجلس نواب الشعب بالاتحاد السوفييتي. وبعدها بسنتين، عينه سوبشاك في فريقه الإداري، حينما كان رئيس لبلدية مدينة لينينجراد، وهو الفريق الذي انضم له بوتين كمستشار. ثم بعدما أصبح سوبشاك عمدة المدينة، عين ميدفيديف مستشاراً للجنة العلاقات الخارجية بمجلس المدينة، وهو المجلس الذي ترأسه بوتين.

استمر ميدفيديف في عمله الأكاديمي والقانوني في التسعينيات. حتى تم تعيين زميله بوتين في رئاسة الوزراء، سرعان ما تبعه ميدفيديف إلى منصب نائب رئيس المكتب التنفيذي الرئاسي. وفي عام 2000، كان ميدفيديف هو مدير الحملة الانتخابية لـ.. بوتين.

عينه بوتين في ذات العام في منصب رئاسة مجلس إدارة شركة جازبروم Gazprom، في مهمة تهدف للقضاء على الفساد داخل الشركة، ثم احتل مقعداً في عضوية مجلس إدارة الشركة الأمر الذي استمر حتى توليه رئاسة روسيا الاتحادية عام 2008. فترة ارتفع خلالها رأسمال الشركة من أقل من 8 مليار دولار عام 2000 إلى 300 مليار دولار في 2008.

ترأس روسيا لفترة رئاسية واحدة مدتها 4 سنوات، عدلت دستورياً بعدها لتصبح 6 سنوات، لينتخب على أساسها بوتين رئيساً مرة ثالثة ورابعة في 2012 و2018. ودون الدخول في تفاصيل التعديلات الدستورية التي جرت، يكفي أن نذكر أنها منحت ميدفيديف الحق في فترتين رئاسيتين جديدتين تستمران حتى عام 2032. وهي الفرصة نفسها المتاحة لبوتين!

إذن فالأفضل يا سيادة الرئيس جو، أن نذهب إلى بوتين ذاته، أليس كذلك؟

1- فلاديمير بوتين Vladimir Putin

مع الاعتذار للرئيس بايدن وابنه هانتر!

مواليد: 1952

…، هل نحتاج لقول شيء هنا؟

ربما نطرح سؤالين فقط:

• من يعتقد الرئيس بايدن أنه سيتسلم منه السلطة في 20 يناير/كانون الثاني 2025، أو ربما 2029؟
• إذا أمده الله بالعمر، كم سيكون عمر الرئيس “السابق” جو بايدن عام 2032؟

تحياتي من عام 2024.