من إسمك لك نصيب، فالعَدوْ في قواميس اللغة هو الذي يعدو، ويجري، ويركض، وأنت من هذا الصنف من العدّائين في لعبة انتصار الحق، ونصرة المظلوم، وقهر المحتل. والعَدْي وتستخدم في لغة الجمع بمعنى جماعة القتال الأوائل الذين يهاجمون العدو، ويَعْدون نحوه، ويسرعون في مواجهته! لله درّ والديك في اختيارهم إسمك، ولله درّك عندما اخترت طريق العَدوْ لرهبة عدوك الصهيوني/الغاصب/الاستيطاني/الإحلالي..
أيها العَديّ التميمي، وأنت المقدام طوعاً لنيلك الشهادة حباً بفلسطينك، والمغوار قَدَراً لإخضاع محتل أرضك بإعادة التعريف لأبسط مبادئ معنى الحياة. كنت الحياة في امتشاقك كل بيانات حقوق الإنسان ومفرداتها الصادقة منها والمضلّلَة، والمُضَلّلَة، وأنت الآتي من سبعين قهراً ولا عدالة، المولود من يوميات اجتراح معجزات الصبر والصمود، ومن محاولات ومحاولات تنجح وتتعثّر، تتخبَط وتعود لتشقّ طريقها ودروبها. محاولات لم ينقطع فيها فيض قوافل الشهداء، وأبناء الأرض الشرفاء منهم، لا لقطاء دايتون ونعاله من التنسيقيين الأمنيين.
شهدناك مرتفع الهامة وأنت تخر صريع رصاصات غدرٍ، وهو نهج هذا العدو الصهيوني وإجرامه وجرائمه، وشاهدناك وساماً على جباه الأحرار، وصفعة على وجوه الكاذبين أينما وجدوا وتلفّظوا بعبارات حقوق الانسان.
عَديّ التميمي ما أوسمك شاباً رمّاحاً في ميدان اتسع لك لوحدك بالأمس، وقبلها بأحد عشر يوماً، خفّاقاً كما الراية على وقع حركات جسدك/الملائكي. اتسع لك الميدان والساحة واللعب والفروسية بأقصى حدود المطلق ما بين أرض وسماء. واتسعت لك فضاءات الأداء، والتعبير، والصلاة، وقدسية المهمة، ونبض الرصاصات المُنطلقة من روحك وشجاعتك وبريق عينيك المغمورتين بكلمة فلسطين.
لن ننشدك شعراً، ولا ندباً، وأنت الذي تخطيت ميادين القول في درب الفلاح وأفياء النضال. وأنت الذي أوصيت بتحريك الأجيال من بعدك، وأنت ممن حرّكتهم شهادة من سبقوك واؤلئك الذين سيتبعون خطاكم في مساحة آخذة بالاتساع لكم لوحدكم ولأمثالكم، والآخذة بالتضُّيق على عدوكم والخونة. لكن سيقال فيك ما لم تبتدعه عقول، ولم تجترحه نفوس أبيّة في ساحات الوغى. أيها الرمّاح في صنفه، والرامي في وجوه عدوه الجبان معنى الشجاعة. طاردوك، وكانوا يطاردون أنفسهم مدججين بأسلحتهم المتطورة، وأجهزتهم الأمنية وكل وسائل التكنولوجيا الحديثة، وبخدمات نعالهم من التنسيقيين الأمنيين، فكان أن حصدوا الخذلان ثانية بحضورك إليهم ممتشقاً روحك والشهادة وقلادة الشرف في الميدان.
كأنك الفدائي الأول نابتاً من شقوق الظلم والصبر واللاإحتمال. وكأنك الأيقونة المُكتشفة في عالم الثراء الروحي، وعوالم التضحيات ودروب الجهاد. لم تكن الأول في هذا الطريق، ومسيرة قوافل الشهداء، لكنك كأنك الأول كما في تواريخ الهجرة والميلاد ودفاتر الولادات.
بالأمس، تصنّممت عيوننا، وعيون العالم منبهرة بأدائك المنفرد في ساحة المواجهة مع المختبئين خلف جرائمهم وسواد تاريخهم المليء بدماء أبناء شعبك الفلسطيني، ومع المُزنرين بنفاق دول العالم وحدائقه المنهوبة من حياتك وحياة شعوب الأرض.
عندما سقطت شيرين أبو عاقلة قُلنا إنها ليست أول من يستدرج الدموع من مآقينا أمام هول مشهد قتلها العاري على أيدي جنود الاحتلال الغاصب/المجرم وبكامل عدته وعلى الهواء مباشرة؛
وعندما سقطت أنت يا عَديّ، نُردّد مجدداً أنك لست أول الشهداء ولا آخر الحكاية. إنها فلسطين الولّادة. فلسطين التي ستلتزم وصيتك. أن تُحرّك العملية “مئات من الشباب ليحملوا السلاح” من بعدك.
يا ابن السماء على الأرض في عشقك وثراء فدائك لجذور زيتونها وللكهول والشباب والأمهات والمقدسات من كل حبات ترابها سلام لك يوم ولدت ويوم تُبعث حياً نجمة مضيئة في عالم الخلود.. وفي علم تحرير الأرض وفنون المجابهة والمواجهة برؤوس لا تنحني.