أسماؤنا إن تركتنا.. وصرنا “ضحايا الزلزال”!

توحدت أسماؤهم وباتوا جميعا "ضحايا الزلزال". لم تكن حيواتهم متشابهة.. لكن قدرهم كان واحداً، كما ليلهم.. الذي لم يشبه أي ليل.

هنا على هذه الأرض داست أقدام غريبة.

وهنا على هذه الأرض أيضاً مورست كل أنواع الحقد والكراهية ضد شعب أعزل.

هؤلاء هم أنفسهم تعايشوا مع الموت لوقت لا ينتهي.

واحترفوا النوم في العراء هرباً من معارك طاحنة حرّكها فكر ظلامي أسود.

هم أنفسهم اليوم يقفون على أنقاض منازل كانت في يوم من الأيام ملاذهم الآمن.

شكّلت جدرانها دروع حماية لهم.

وكانت سقوفها خيمة أمان.

فكيف لجدران حفظت تفاصيل يومياتهم وضحكات أطفالهم وأعراس أولادهم وفقدان أحبة لهم أن تقتلهم بكل هذا السكون الثقيل؟

كيف لأبواب حفظوا مفاتيحها أن تتطاير أجزاء وتتناثر في ليلة ليلاء؟

اليوم باتوا أشلاء تحت الركام وصارت كنيتهم “ضحايا الزلزال”.

أين ذهبت أسماؤهم؟ وكيف تخلت عنهم في أربعين ثانية وهم الذين حفظوها لعمر كامل لم يكتمل؟

وهل يعقل أن تهتز الأرض وتبتلعهم ولا نجد أثراً لهم؟

من صفات البشر عدم الوفاء، فكيف لأرض دافعوا عنها واستشهدوا من أجلها أن تنقلب عليهم؟ كيف لأرض كتبوا عنها وتعلقوا بها أن تخذلهم في ليل أسود؟ أن تغدر بهم وتطعنهم وهم نيام؟ هي أرض الوطن، هي الأرض الأم ثارت وانتفضت.. ولله وحده الحكمة في ما حصل.

ماذا نقول نحن الناجين؟ وكيف لنا أن نأمن لليل ماكر؟ وأن نخلد لنوم عميق؟ ومن يضمن لنا أن لا تتركنا أسماءنا في لحظة ما؟ وماذا عن الأرض التي عشقناها لفترة طويلة؟ وللبيوت التي بنيناها وللجدران التي نحتناها؟ وللأبواب التي صناها؟ وللنوافذ التي جددناها؟ وللأدراج التي زيناها؟

لماذا لم تلد السماء في ذاك الليل نجمة؟ ولماذ لم تزهر الأرض وردة؟ ولماذا طال إنتظار نقطة المطر؟

سنحفظ أسماءنا وأسماء كل محبينا. سنحفظ أسماء من يستحقون الفخر بأسمائهم.. حتى لا تختفي الصور والحكايات ونصير كلنا مجرد أرقام ـ ضحايا ـ ضحايا الزلزال!

Print Friendly, PDF & Email
إقرأ على موقع 180  الذئاب تبقى ذئاباً ولو تجَمَّلَت بأصواف النعاج
سوسن صفا

إعلامية لبنانية

Download Premium WordPress Themes Free
Free Download WordPress Themes
Download Premium WordPress Themes Free
Premium WordPress Themes Download
free online course
إقرأ على موقع 180  هيكل وادوارد سعيد.. ملامسة الواقع بلا تزييف