منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر (طوفان الأقصى)، وكانتقام من الشعب الفلسطيني، وضمن مخطط التهجير الذي أعلنته قيادات الجماعات الاستيطانية، توحش المستوطنون في ارتكاب جرائمهم في وضح النهار، وتحديداً ضد المزارعين وأراضيهم وشجرة الزيتون التي تُعد مصدر رزق لهم، فينتظرونها من عام إلى عام.
اعتداءات غير مسبوقة
وبحسب هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، فإن المستوطنين نفذوا نحو 333 اعتداءً ضد قاطفي الزيتون منذ بدء الموسم في الأسبوع الأول من شهر تشرين الأول/أكتوبر الماضي، وأشارت الهيئة على لسان أمير داود، مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، إلى أن قوات الاحتلال والجماعات الاستيطانية منعت المواطنين من الوصول إلى 500.000 دونم من أراضيهم، منها 200.000 دونم حاصرها الاحتلال بالمستوطنات، 300.000 دونم معزولة خلف جدار الضم والتوسع العنصري.
لعل هذا العام كان الأكثر دموية وهمجية من جانب المستوطنين الذين أعدموا بدم بارد المزارع بلال محمد صالح من قرية الساوية في محافظة سلفيت، وذلك في أثناء قطف ثمار الزيتون في 28 تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالإضافة إلى تنفيذ 40 عملية إطلاق نار وتهديد بالأسلحة ضد المزارعين، و55 عملية اعتداء جسدي، و38 عملية تهجير من الحقول، و29 عملية سرقة محاصيل.
هذا العام، بحسب أمير داود، هو الأسوأ على المزارعين، إذ إن قرار تسليح المستوطنين يعني إعلاناً صريحاً لقتل المزارعين، وتهجير التجمعات الفلسطينية، وإجبار المواطنين على هجر أراضيهم، وخصوصاً في ظل إقرار عدد من القوانين العنصرية التي تؤمن حماية ودعماً للمستوطنين.
خسائر اقتصادية
ويصرح داود في حديثه في خضم رصدهم للخسائر الاقتصادية جرّاء هجمات قوات الاحتلال والمستوطنين على حقول الزيتون لهذا العام بأنه تم اقتلاع 8814 شجرة مثمرة في الضفة الغربية المحتلة، منها 7904 شجرة زيتون مثمرة، أي أن 90% من العدد الإجمالي للأشجار الفلسطينية المثمرة التي تم اقتلاعها هي أشجار زيتون.
وتجدر الإشارة إلى أن متوسط الإنتاج لكل شجرة زيتون في الأراضي الفلسطينية يبلغ 16 كيلوغراماً، وعند حساب الناتج الإجمالي لأشجار الزيتون التي تم اقتلاعها خلال الفترة السابق ذكرها، نجد أنه بلغ 126.464 كيلوغراماً، وبحساب تكلفة سعر الكيلوغرام الواحد من ثمار الزيتون (15 شيكلاً لكل كيلوغرام)، نجد أن هناك خسارة اقتصادية إجمالية ناتجة من ذلك، تبلغ تكلفتها 1.896.960 شيكلاً، أي نحو 513.000 دولار أميركي، وبالتالي، فسيلجأ المواطنون الفلسطينيون إلى سد حاجتهم من زيت الزيتون إمّا عن طريق شراء زيت الموسم القديم، وإمّا عبر الاكتفاء بالكميات المنتجة هذه السنة، وإمّا عبر قيام الحكومة الفلسطينية بمنع تصدير زيت الزيتون إلى الأسواق الخارجية كي لا يتم استغلال حاجة السوق المحلي، الأمر الذي سينعكس بدوره في الأسعار الحالية للزيت وارتفاعها، نظراً إلى زيادة الطلب عليها وقلة الكميات المتوفرة.
تراجع الإنتاج
بيّن رئيس مجلس الزيتون الفلسطيني فياض فياض أن كمية الزيت المنتَج لهذا العام تراجعت إلى أكثر من النصف مقارنة بالعام الماضي والأعوام السابقة، وقد بلغت 10.000 طن، في الوقت الذي سجل فيه العام الماضي نحو 33.000 طن استثنائياً، بينما سجلت السنوات الماضية ثباتاً عند الـ22.000 طن.
وأضاف فياض أن العجز لهذا العام جاء تزامناً مع ارتفاع وتيرة الاعتداءات الإسرائيلية متمثلة في قوات جيش الاحتلال، وحمايتها لقطعان المستوطنين الذين تكاملوا مع بعضهم في التضييق على المزارعين، وحالوا دون وصولهم إلى أراضيهم، وقاموا بسرقة محصول الزيتون ومصادرة الأراضي ومنع المزارعين من جني محصول الزيتون.
وأكد كذلك أنه ستتم معالجة نسبة العجز لهذا العام بالاعتماد على فائض إنتاج العام الماضي للمحافظة على حاجة السوق في ظل ضعف الموسم الحالي إنتاجياً.
وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام والإحصاءات التي رافقت موسم قطف الزيتون لهذا العام تُعتبر صادمة في ظل إمعان الاحتلال ومستوطنيه في استهداف البشر والحجر والشجر، ولا سيما شجرة الزيتون التي تُعتبر مصدر رزق لآلاف الأُسر الفلسطينية التي وجدت نفسها في وضع لا تُحسد عليه، وهو ما يتطلب العمل على آليات حماية محلية ودولية لتوفير البيئة المناسبة لموسم قطف الزيتون في المواسم القادمة وإنقاذها.
المصادر والمراجع
- مقابلة شخصية عبر الهاتف مع أمير داود، مدير عام التوثيق والنشر في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
- مقابلة شخصية عبر الهاتف مع فياض فياض، رئيس مجلس زيت الزيتون الفلسطيني، 24 تشرين الثاني/نوفمبر 2023.
- “معاناة شجرة الزيتون الفلسطينية بسبب الاحتلال والاستيطان في العام 2023“. معهد الأبحاث التطبيقية (أريج)، 21 تشرين الثاني/نوفمبر 2023
(*) المصدر: مؤسسة الدراسات الفلسطينية.